نبض الساحة.. الوطن فوق كل اعتبار

> عبدالرب درويش

>
عبدالرب درويش
عبدالرب درويش
اليوم ثمة حاجة ملحة للتنبيه ولفت الانتباه إلى أن مصداقية ووطنية وجدية وقدرة النخبة الجنوبية والحراكية على المحك، وإننا كشعب نقف على عتبة استحقاق وطني كبرى، ولحظة عصيبة، وفرصة نادرة قلما جاد بها الزمن الفائت، وقلما يجود بمثلها على المدى المنظور والقريب.
واليوم أيضاً، وبعد خمس سنوات من إعلان الوحدة السلمية الطوعية المرتجفة، وعقدين من مقتلها ومن الاستعمار والإنكار والتظليل، وسبع سنوات من الكفاح السلمي ومن العصف الذهني العبثي والنزوات والمغامرات والهوايات، ومن الاستقطاب وشراء الذمم والتفريخ والاستنساخ التي أدت وبالضرورة إلى تغيب وتعطيل الرافعة السياسية للحراك الوطني الجنوبي السلمي، والإساءة إليه، وكادت تعصف بكل التضحيات والآمال والطموحات لولا عناية السماء وإيمان هذا الشعب بحتمية انتصاره ورباطة جأشه.
واليوم كذلك وبعد أن وصلت صنعاء إلى ما وصلت إليه، وبعد أن ظهرت وطفت على السطح أضرار ومخاطر، وغياب وشتات الفعل السياسي والرافعة السياسية، والتمترس خلف الفسيفسات السياسية والصبية والحراكية، وبعد أن استنفذت أسباب صبر المجتمع الإقليمي والدولي، وبعد أن افترش شعب الجنوب الشارع، وإعلان اعتصامه المفتوح.. هل قرأت النخبة المخضرمة والسياسية والحراكية والمثقفة الجنوبية هذه الرسائل، وهل استوعبت الدرس واستخلصت العبر..؟ وهل هي في مستوى التحدي والمسئولية الوطنية والأخلاقية، وهل لديها الاستعداد الكافي لتلبية نداء الوطن والتضحية قبل أن تصبح شيئا من الماضي غير المأسوف عليه، أم إنها العادة ياصديقي، أو أن مصالحها وضيق أفقها وقدرتها والتزاماتها لا تسمح لها من القيام بذلك.
ومن المهم اليوم أيضاً الالتفات إلى الشارع الجنوبي وما يجري ويعتمل فيه، ومن الواجب أولا التوجه بالتهاني والتبريكات لهذا الشعب على المكاسب الكبيرة الذي حققها خلال هذه الفترة الوجيزة، وبالتقدير والامتنان لكل من آزره وسانده مادياً ومعنوياً في الداخل والخارج، وبالإجلال والعرفان لأسر الشهداء التي قدمت أبناءها ودماءهم قرباناً لهذا الوطن وحريته واستغلاله، وتقدم اليوم قوت أبناء الشهداء للمعتصمين، فهل هناك أرفع من هذه الآيات الوطنية، وبالترحيب بالعودة المباركة لكل من عاد إلى وطنه ولبى نداءه.
كما ندعو كل الأحرار والحراير في كل مكان وفي ساحتي الاعتصام المفتوح على وجه التحديد إلى رفع هذا الشعار “الوطن والمصلحة الوطنية العليا فوق كل اعتبار” وأقول لهم مخلصاً وناصحاً: اهتفوا به ولأجله، تغنوا وارقصوا له وبمجده وعراقته واحنوا هاماتكم له ولشهدائكم، تحدثوا فقط بلغته الوطنية والعقلية والإنسانية، جسدوا وجذروا روح ومعاني الوطنية الحقه والتصالح والتسامح والتآزر والتكافل والتضامن بأحسن صورها ودرجاتها، ارفعوا شأن عقلائكم وشأن كل من احترم خيار وإرادة شعب الجنوب وتضحياته والأمه، استظلوا بظله وظللوا كل من انضم إليكم وينضوي تحت رايته ولوائه، شكلوا إجماعا شعبيا، ورأيا عاما حازما وضاغطا وهادفا وواعيا باتجاه لملمة النخبة وإبراز الحامل السياسي الوطني المقتدر والمخلص، امنعوا أي استقطاب أو دسيسة بين صفوفكم، تجردوا واخلعوا كل ألبسة الوهم والعصبية الرثة، وارتدوا حلة الوطن الجميلة، حلة المجد والأصالة والخلود، حلة العزة والكرامة، وستكتشفون مدى قبح وعفونة وضرر ألبسة الوهم والزيف والعصبية وصورها الخداعة والماكرة، ادعو الجميع إلى كلمة سواء والعودة إلى جادة الصواب.
حولوا ساحة الاعتصام المفتوح إلى ورشة عمل وطني كبرى منتجة، فعالة، مؤثرة، وجاذبة، تعمل كخلية نحل متكاملة متجانسة متناغمة ولاكتشاف القدرات والمواهب والإبداعات الكامنة والمقهورة وتنميتها وإبرازها، ولشحذ الهمم وصقل العقول، ولتطهير النفوس، ووفق برنامج متكامل تنبض وتتنفس وتتحدث وترى بعين ولسان وقلب واحد، لا يُسمع فيها لاغية ولا يطغى فيها طاغية ولا يعكر صفوها ونقاءها وبهاءها شايبة.. جسدوا وجذروا فيها الثقة المتبادلة وروابط الإخاء والمحبة والوئام والسلام، وعرى الصداقة والتكامل والتآزر.
ارسموا عليها وفيها لوحة وطنية عملاقة خلابة وجاذبة تتجسد فيها كل المعاني الفاضلة والحس والذوق الرفيع لتظهر أروع صورة للبطولة والتضحية والأصالة والعراقة، لوحة عملاقة تقدمكم وتظهركم أمام الملأ بحجم وطن وهوية ودولة وبمقام شعب حي وثورة عصرية عصية، لوحة بهذا الحجم والمقام والجاذبية وحدها قادرة على إصلاح ذات البين ولفت انتباه واهتمام القاصي والداني إليكم، وقادرة أيضاً على إزالة نتوءاتكم ومحو الصورة السالبة والمشوهة التي حاولت صنعاء حشوها في أذهان الأشقاء والأصدقاء وتعمية أبصارهم بها، لا بل وتجبرهم على احترامها والتعاطي معها والتسليم بحقكم الطبيعي والشرعي والقانوني والأخلاقي والإنساني بكل تأكيد.
وأخيراً أعلنوا إنه من حيث كانت البداية والانطلاقة الأولى، الجسورة والمشرفة في ساحتي “القرار - قرارنا” في حضرموت و “والحرية والاستقلال هدفنا في عدن” ستكون الخاتمة الحسنة والحاسمة وستكونان الضمانتين الأكيدتين لمنع حرف المسار والخيار الوطني أو الاحتيال على الإرادة الشعبية، ولتحقيق الهدف المنشود، ولبناء الحاضر والمستقبل الأمن والمستقر والمزدهر بإذن الله.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى