لا تخلط حزيران في آب

> عبدالقوي الأشول

>
عبدالقوي الأشول
عبدالقوي الأشول
نشرت «الأيام» في عددها 5871 بالصفحة الأخيرة موضوعاً للزميل العزيز حسين زيد بن يحيى، تحت عنوان (النقطة التي أفاضت الكأس)، أشار في مقدمته إلى ما عاناه أبناء الجنوب طيلة السنوات المنصرمة من أمراء الحرب والتكفيريين ونحوهم، معتبراً أن ما حدثت من متغيرات على الساحة الشمالية قد أسقطت ركائز الظلم، وأعلنت التوازن الوطني لثقافة الوحدة، الأمر الذي يفرض ـ من وجهة نظره ـ إعادة قراءة المشهد السياسي بمتغيراته.
ونوه بضرورة عقلنة المشروع السياسي الجنوبي في إطار استعادة الشراكة الوطنية الجنوبية.. مقترحاً تشكيل مجلس إنقاذ بالمناصفة بين الشمال والجنوب كشرط أساسي لاستكمال الثورة في صنعاء وعدن، على حد تعبيره.
ما أدهشني حقاً هو الموقف المتقلب أو المختلف كليا عما عرف عن الزميل حسين خلال السنوات المنصرمة والتي أبلى فيها بلاء حسناً في الدفاع عن ثورة شعبنا السلمية التحررية، وعانى ما عاناه جراء تعامل السلطات تجاهه.
ولو أن الزميل قد تجاوز معاناته فإن ذلك لا يعطيه الحق بالتفكير على هذا النحو نيابة عن شعب الجنوب وثورته السلمية التي قدمت الآلاف من الشهداء والجرحى، وكل ما ارتبط بالسنوات الماضية من قهر الإرادة الجنوبية وقمع وحشي ومصادرة الحقوق ونهب الثروات وتدمير عارم شمل مجمل جوانب حياتنا.. متخذاً من الضغوطات الدولية سبيلاً لكبح هذه الإرادة وقهرها والتسليم بالبقاء تحت ربقة الظلم والقهر بكل صنوفه.
فهل رأى الزميل العزيز حسين بن يحيى أن الدولة الحضارية العادلة قد استتب أمرها في مجاهيل اليمن التي تشير في هذه الأثناء إلى درجة عالية من الخلط، أعني حزيران في آب، والفوضى وعدم الاستقرار، بل الضبابية السياسية المطلقة التي لا يمكن معها التفاؤل ـ مجرد التفاؤل ـ بمتغيرات فعلية على صعيد بناء الدولة والاستقرار، ناهيك عن تحقيق العدل.
فما الذي يدعونا في مثل هذه الظروف للزج بشعبنا في أتون تجربة أخرى فاشلة وفق كل القراءات السياسية. ثم كيف يمكننا أن نتجاوز إرادة شعبنا الحرة بهذه العفوية التي لا تنم عن قدر من الحصافة والمسئولية بل تفتقر تماما للتفكير الواقعي، وتتجاوز أبعاد قضيتنا العادلة بصورة سافرة.
وإنني أسال الزميل حسين بن يحيى عن جوهر التغيير الذي حدث في صنعاء حتى يطلق مثل هذه الدعوة المتفائلة في هذه الأثناء، خصوصاً والمشهد السياسي الذي يتحدث عنه مليء بالكثير من الأفخاخ وربما المفاجآت التي حتماً ستتكشف مع الأيام.
فما الذي يجعلنا نقدم أنفسنا للمرة الثانية قرابين لتلك الأعاصير الهوجاء.. إننا لا نفعل ذلك إلا إذا كنا قد أدمنا الظلم والبقاء تحت سطوة ونفوذ وقهر واستعباد أطراف لا تؤمن بحق الآخرين في الحياة.. ولا أظن أن شعبنا الصامد الصابر يقبل بمثل هذه المعادلة.
أدعو الزميل العزيز حسين لقراءة المشهد من وحي ثورة شعبنا وساحة الاعتصام وكل ما قدم شعبنا من تضحيات آخذاً بعين الاعتبار إن إرادة الشعوب لا تقهر.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى