القات يلغي شجرة البن من قائمة الثروات اليمنية

> استطلاع/ إياد الوسماني

> تُعد اليمن من أشهر الدول المصدرة للبُن في العالم، حيث إن للبن مكانة خاصة ومرموقة بين المواد المصدرة للعالم، ولكن لم يعد البن اليمني كما هو معروف منذ قديم الزمن بشهرته التي اشتهر فبها بسبب زراعة شجرة القات والذي تسبب بكارثة على حياة اليمنيين مادياً وجسدياً وروحياً،حيث يستهلك القات قرابة 40 % من مياه الري ومن جهة أخرى فهو لا يصدر للخارج ولا يعود لليمنيين بأرباح تؤازر اقتصاد الوطن .
ومن المشاكل التي تتطرأ على الوطن الجفاف من المياه وانهيار الاقتصاد وتفشي العديد من الأمراض، وتعود أضراره الجسيمة إلى الأوضاع الاقتصادية التي سببت انهيارا كبيرا للاقتصاد اليمني بسبب اجتثاث العديد من الأشجار منها شجرة البن وغرس شجرة القات، هذا من جانب ومن جانب آخر النزيف المالي لشراء، وبسبب أن القات لا يصدر للخارج ولا تعود أي منافع ذاتية أو مالية للاقتصاد اليمني.
يسبب القات أضراراً كثيرة وكبيرة لا يحمد عقباها ولا نستطيع حصرها التي تعود أضرارها على الفرد والأسرة والمجتمع، فيما حصر شرعيون أن أضرار القات تكون في خمسة (الدين، العقل، النفس، العرض، المال) فهو يتسبب في ضياع وانحراف وتشرد الأولاد والأبناء ويتسبب في بعض الأحيان إلى حد “الطلاق” مما يضيع حقوق الزوجة والأبناء والأسرة، أضف إلى ذلك الأموال الطائلة التي تصرف عليه ويسبب أمراض لا تعد ولا تحصى في الجهاز التنفسي والعصبي والبدني التي تلحق أضرارا كبيرة إضافة إلى التقصير في حقوق وطاعة الوالدين وترك الصلاة كما يسبب أمراضا على الجهاز الهضمي والتناسلي والقلب والجهاز الدوري والبولي والعصبي والنفسي وكذالك مرض السرطان والسكري.
مزارعون يقتلعون أشجار القات لإعادة زراعة البن
مزارعون يقتلعون أشجار القات لإعادة زراعة البن

يعد القات في اليمن ركن أساسي بين أوساط المجتمع اليمني بنسبة لا تقل عن 70 % من وارد الحياة اليومية، مما يسبب في حالة تدهور خطير للاقتصاد في اليمن بسبب أنه لا يصدر للخارج ويستهلك من الماء نسبة كبيرة تقدر بعشرات الأضعاف مقارنة بالخضروات والفواكه بحسب إحصائيات للعديد من الخبراء والمحللين الاقتصاديين لليمن، ويعتبر القات من المنشطات الطبيعية، ولا يعرف القات إلا في اليمن وجنوب أفريقيا والحبشة والصومال وكينيا وتنزانيا، ويبلغ طول القات حوالي 2 إلى 5 متر تقريباً وينبت في الهضاب البالغ طولها 800 كم عن سطح البحر، ويستعمل القات كمنبه أو منشط حسب المتعارف عليه بين أوساط المجتمع اليمني، وصنف القات من المخدرات حسب تصنيف منظمة الصحة العالمة فيما تناول تقرير صادر عن المنظمة عام 1979 وبعد بحث ودراسة متواصلة استمرت لمدة ست سنوات متواصلة وتم اكتشاف أكثر من أربعين مادة قلوية أشباه موصلة للقلويات وكذلك اكتشاف مادتين مصنفتين عالمياً من المخدرات والمذهبات للعقل حيث يوجد لها تأثير عصبي قوي جدا مما يسبب النشاط والقوة بذاتية ومن ثم القلق والاكتئاب بعد ذلك، حيث تم إثبات هذه التجريبية في إحدى الحيوانات وهي “الفئران” حيث تم الحصول على نفس النتائج التي وجدوها في الإنسان من قلق واكتئاب وغير ذلك.
أضف إلى ذلك تضارب الأقوال واختلاف الآراء حول ظهور القات في اليمن فمنهم من يقول إنه تم زراعته في اليمن من قبل عصور قديمة ومنهم من يقول وهو الأرجح أنه دخل اليمن عبر الأحباش قبل الإسلام عندما غزو اليمن وتم زراعته منذ ذلك الوقت، إلى جانب ذلك تعددت الأحكام واختلفت الأقوال في الحكم الفقهي والقانوني بين أوساط الحكماء والفقهاء نظرا لما له من أحكام وأضرار جسيمة ونفسية والاقتصادية والاجتماعية ولما لها من أضرار أخرى مترتبة على هذا الأمر.
تعددت واختلفت الآراء عن بلد منشأ البن اليمني فبعد دراسة بعثة استطلاعية تابعة لمنظمة الغذاء العالمية عام 1924م أثناء دراستها لأشجار البن في أثيوبيا حيث نشرت في تقارير البعثة أنه قد نقل إلى اثيوبيا من اليمن فيما أثبتت تقارير أخرى أن البلد الأول والمنشئ للقات هي أثيوبيا والحبشة.
أراضي زراعية شاسعة اقتلعت منها أشجار البن واستبدلت بالقات
أراضي زراعية شاسعة اقتلعت منها أشجار البن واستبدلت بالقات

حيث عرف البن في بداية القرن الخامس الميلادي فزرع في منطقة العدين وهذه هي أولى الروايات التي تناولها الكتَّاب والمؤرخون، فيصدر البن بأغلى الأثمان وبجودة عالية لأغنى دول العالم، ومنذ ظهور البن اليمني والتربة اليمنية تجود بأفضل أنواع البن على مستوى العالم ووصلت شهرة البن اليمني مختلف أنحاء العالم ومازالت تلك الشهرة والتميز حتى يومنا هذا فقد شهدت زراعة البن تطوراً كبيراً مابين القرن الثالث عشر الميلادي والثامن عشر، وحققت أرقاما قياسية، وأنشأت عدة شركات مصانع في المخاء بهدف تجميع البن وتصديره.
الكل يعتقد أن اليمن هو موطن البن الأصلي، والباحثون لم يتوصلوا ولم يحصلوا على أدلة أكيدة تثبت أن البن من الحبشة، ولكنه دخل اليمن قبل ظهور الإسلام، وهناك رأي يقول إن زراعة البن ظهرت قبل ما يقرب من ثلاثة قرون وفترة حديثة ابتدأت بالقرن الثاني عشر الميلادي، ورأي آخر يقول إن زراعة البن في اليمن تم اكتشافها سنة 1540م، وانتشرت زراعته بسرعة على المنحدرات والمرتفعات خصوصا منطقة الأهجر بالقرب من العاصمة صنعاء التي تبعد بمسافة 45 كيلو مترا.
وتحظى شجرة القات بأكبر قدر من الدعم، وهو المحصول الأسرع نموا في اليمن ويشغل مساحات واسعة من الأراضي الصالحة للزراعة. حسب إحصائيات، لكنه يستهلك كميات مهولة من المياه في بلد يشكو شح الموارد المائية، وتصل قيمة الكيلو البن اليمني في السوق الخارجية 15 دولار، بينما قيمة الكيلو البن الخارجي لا يزيد عن 2 دولار،
ونفذ ناشطون شباب حملات توعية بأهمية الإقلاع عن مضغ القات، إضافة إلى حملات استهدفت بعض الأرياف تهدف إلى إقناع المزارعين باستبدال شجرة القات بغرس البن وأشجار أخرى.
**خصائص الزراعة**
مزراع القات تستنزف المياه
مزراع القات تستنزف المياه

يغرس البن بعد زراعة بذوره في مشتل تربة رملية خالية من الأملاح وعندما يصل الشتل إلى طول حوالي 40 إلى 50 سم ينقل إلى الأرض المستديمة وهذه العملية قد تستغرق من ثلاثة أشهر إلى عام واحد وكلما زاد عمر الغرس بجعله يتحمل النقل ويقلل من تلفه.
**مواقيت الزراعة**
نقل شتلات البن في موسم الربيع مارس وابريل ومايو بالنسبة للعديد من المناطق أو تزرع في أكتوبر ونوفمبر، وقد تزرع خلال موسم الأمطار الصيفية “يوليو وسبتمبر” وأكثر المزارع تزرع في هذا الموسم.
وتكون المسافة بين كل شجيرة وأخرى هي 3 أمتار وفي بعض الأودية ما بين 2 - 2.5 متر وبعضها بمسافة تقل عن متر واحد، وبعض المزارعين الذين يزرعون بمسافات قصيرة الفلفل الأخضر وخاصة الحار، وبعضهم يخلطون بالذرة الشامية أو مع الموز والبرتقال أو القات حتى تعطي ظلالا للبن.
بهذه المواصفات يحصل على ثمار في عمر ثلاث سنوات وتظل تنتج لغاية 30 إلى 50 سنة وعندنا في اليمن أشجار ما زالت تنتج وعمرها أكثر من 60 سنة كما يوجد عندنا البن المشهور العديني وارتفاع أشجاره نحو 4 أمتار، أما البن الدوائري فيعد من أحسن الأنواع لان ثماره اكبر حجما، وأنواعه التفاحي والمطري، والجعاري، والدوراني، والصافي، والبرعي والشاني.. الخ ومحافظة صنعاء هي الوحيدة التي تتوفر فيها هذه الأنواع من البن، أما البقية فتكون متخصصة بنوع أو نوعين، وهذه كلها تفضل أن تزرع في المدرجات الجبلية.
وكان اليمن البلد الوحيد في العالم إنتاجاً وتصديرا للقهوة، وكذلك مدينة (المخا) اشتهرت بأنواعها وما زالت تحتفظ باسم البن رغم زحف أشجار القات، وهذا زعيم ميناء المخا (علي الشديلي) هو الذي نشر البن اليمني بين البحارة القادمين من الهند وأوروبا كان يحرق لهم البن ويقدمه لهم فلاحظوا النشاط والقوة وعلاج لبعض الأمراض مما جعلهم يحملونه معهم إلى بلدانهم فانتشرت القهوة في كل مكان حتى قامت بشراء كميات كبيرة وتخزينها في المخازن، ونمت العلاقات بين اليمن وهذه الدول بسبب البن، ونحن نسميها علاقة بنية ونقلت زراعته إلى دولهم خاصة تجار سيلان واندونيسيا وهولندا وفرنسا.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى