> لم تعرف الطفلة اليمنية الصغيرة نجود ماذا تعني تلك الحمرة والكحل على عينيها في ليلة زفافها؟ اعتقدت أنها كغيرها من الفتيات في سنها ستلهو بلعبتها الصغيرة، وستقضي ليلة عادية وبريئة.
لم تعرف أنها ستذهب إلى “الجحيم” في تلك الليلة السوداء، حيث لا تتمكن أي بنت صغيرة في العاشرة من عمرها على هذه الأرض، تحمل قساوة زوجها الذي لم يرأف بصغر سنها. صدمتها رائحة ذلك الرجل الغريب، الذي اعتبره القانون زوجها، فيما شعرت هي أنها تحاول «الدفاع عن نفسها ضد ما اعتبرتها عملية اغتصاب» موجعة من رجل يكبرها بعشرين عاماً. يضربها زوجها بقوة، بسبب رفضها الاقتراب منه وهي تصرخ بصوت متهدج “لا تلمسني”.
هنا، ياتي صوت والدها “زوجتك ابنتي الحرة، العفيفة، نجود”. وفي تلك اللحظة التي ينطق فيها الوالد بهذه العبارة القاسية، تبدأ معاناة فتاة صغيرة لا تعرف من الحياة إلا كيفية اللهو مع لعبتها.
تهرب نجود إلى أمها، تشكو زوجها لها، قائلة إن “زوجها يؤذيها ويجبرها على قول كلام بذيء،” فترد الوالدة “هذا زوجك، ولديه الحق بذلك”.
تحاول الطفلة اليمنية أن تمضي نهارها في أعمال شاقة، قبل أن يفرغ صبرها تماماً، ولا تعد تحتمل رجل يحظى بمودة كل من حوله، إلا هي. وتبدأ رحلة التمرد على الواقع، فتلجأ الى المحاكم وتشاكس وتواجه بمواقف شجاعة، تعبئ الرأي العام الذي يؤيد قضيتها.
وقالت مخرجة فلم “أنا نجود بنت العاشرة ومطلقة” خديجة السلامي، والتي نالت العديد من الجوائز وفي رصيدها 25 فلماً وثائقياً، والحائزة على جائزة “جوقة الشرف” الفرنسية، في مقابلة مع CNN بالعربية على هامش فعاليات مهرجان دبي السينمائي بدورته الـ11، إن “هذه القصة الواقعية هزت اليمن والعالم العربي والعالم،” مضيفة أنها اختارت العمل على هذه الفكرة، بسبب زواج الفتيات بشكل مبكر في اليمن نتيجة التقاليد والجهل والفقر والعادات القديمة.
وأكدت السلامي أن نجود أعجبتها، لأنها البنت الوحيدة التي خرجت عن العادات والتقاليد، وذهبت إلى المحكمة بنفسها من أجل الحصول على الطلاق.
وأشارت المخرجة اليمنية إلى أن “قصة الفلم مستوحاة من قصة فتيات كثيرات يعانين من مأساة الزواج المبكر” موضحة أن هدف الفلم هو توعية الآباء والأمهات، وتحذيرهم من ارتكاب هذا الفعل الخاطئ، وأن الأهل لا يمكن وصفهم بالأشرار، بل بالجهل، وخصوصاً أنهم لا يعرفون الأثر الجسدي والنفسي على أطفالهم، وضرورة تعريف الفتاة بحقوقها”.