واحة اللغة العربية

> د. محمد الصماتي

>
د. محمد الصماتي
د. محمد الصماتي
*سؤال وصل إلى بريد الصحيفة من القارئ صالح ناصر العولقي يسأل عن الضاد وكيف نفرق بينها وبين الظاء؟
يرى علماء الأصوات أن الضاد التي ننطقها الآن تعدّ المقابل المفخم للدال، أي أنها صوتٌ شديد مجهور مفخم، ينطق كما ينطق الدال، مع فارق واحد، هو ارتفاع مؤخرةٍ اللسان نحو الطبق الأعلى، وعلى هذا فالضاد العربية هي المقابل المطبق للدال، غير أننا إذا نظرنا إلى وصف القدماء لها من علماء اللغة وعلماء القراءات، وجدنا أن الضاد القديمة تختلف عن
الضاد التي ننطقها الآن في أمرين:
-أحدهما: أن الضاد القديمة ليس مخرجها الأسنان واللثة بل حافة اللسان أو جانبه.
الآخر: أن نطق الضاد لم يكن انفجارياً شديداً، بل كان صوتاً احتكاكياً رضواً.
فقد وصف سيبويه مخرج الضاد فقال: “ومن بين أول حافة اللسان ومايليه من الأضراس مخرج الضاد” ويضيف ابن جني: “إلا أنك إن شئت تكلفتها من الجانب الأيمن وإن شئت من الجانب الأيسر”.
وعلى هذا فالضاد التي ننطقها اليوم ليست هي الضاد القديمة التي كانت عند العرب القدماء، وإنما هي تطور عنها.
يقول برجشتراسر: “أما الضاد فهي الآن شديدة عند أكثر أهل المدن، وهي رخوة عند القدماء، كما هي الآن عند أكثر البدو، ومع ذلك فليس لفظها البدوي الحاضر نفس لفظها العتيق، لأن مخرج الضاد عند القدماء من حافة اللسان وهي من الحروف المطبقة كالصاد، وأنها من ذوات الدَّوى (الاحتكاك).
فالضاد العتيقة حرف غريب جداً غير موجود - حسبما أعرف - في لغة من اللغات إلا العربية، ويرى أن للضاد نطقاً قريباً منه جداً عند أهل حضرموت”.
ويرى الدكتور إبراهيم أنيس أن العراقيين ربما أصابوا في نطق الضاد، لكنهم يخلطون بين الضاد والظاء.
وقد ذكر العلماء أن الناس كانوا يخلطون الضاد بالظاء، فقد روى أبو علي المقالي أن رجلاً قال لعمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ “يا أمير المؤمنين، أيضحى بضب؟”،قال: “وماعليك لو قلت: بظبي؟” قال: “إنها لغة، قال: انقطع العتاب، ولايضحى بشيء من الوحش”.
كما سجل الجاحظ مثل هذه الخلط بين الضاد والظاء فقال: “وزعم يزيد مولى ابن عون، قال: كان رجل بالبصرة له جاريه تسمى ظمياء، فكان إذا دعاها، قال: ياضمياء بالضاد، فقال ابن المقفع: قل: ياظمياء!فناداها: ياضمياء، فلما غيَّر عليه ابن المقفع مرتين أو ثلاثاً، قال له: هي جاريتي أو جاريتك؟!
وهذا الخلط بين الصوتين الضاد والظاء، أدى إلى وضع مؤلفات تعالج هذه المشكلة من قديم، ومنهم من وضع منظومات في حصر الكلمات التي تنطق بالظاء فهذا الحريري في المقامة السادسة والأربعين المسماة بالمقامة الحلبية يقول:
أيها السائِل عن الظاء والضاد لكِيلا تُضِلّهُ الألفاظ
إن حفظ الظاءاتِ يغنيك فاسمعها
استِماعَ امرئ له استيقاظ
هي ظمياء والمظالم والإظلام
والظلم والظبي واللَّحاظُ.
إلى آخر الأبيات.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى