في ختام أعمال مجلسه الحزبي.. الاشتراكي يؤكد احترامه لخيار الجنوبيين وحقهم بتقرير المصير د. ياسين نعمان: لم تعد هناك قضايا مشتركة مع المشترك غير السلام ونبذ الحروب

> صنعاء «الأيام»

> حيا الحزب الاشتراكي اليمني الاعتصامات السلمية المتواصلة للحراك السلمي الجنوبي في ساحات الاعتصام المفتوحة في عدن والمكلا، حتى تحقيق أهدافها ومطالبها المشروعة والعادلة، في البيان الختامي الصادر عن أعمال المجلس الحزبي الوطني للاشتراكي التي انعقدت بصنعاء في الفترة من 15 ـ 17 ديسمبر الجاري، وحيا المجلس بإجلال تضحيات شهداء الحراك السلمي، بدءاً من الشهيدين باهمام وبارجاش عام 97م في حضرموت، وانتهاءً بالمهندس الشهيد خالد الجنيدي يوم الإثنين الماضي بمدينة عدن.
وفي سياق تحليله لمجرى التطورات السياسية الراهنة التي شهدتها البلاد منذ انطلاق الثورة الشعبية عام 2007 ممثلة بالحراك السلمي الجنوبي، وثورة الشباب الشعبية السلمية عام 2011، أكد المجلس الحزبي للاشتراكي أن هناك ثلاث قضايا رئيسة يجب التوقف أمامها، والتفاعل معها بجدية.
وأوضح أن تلك القضايا تتمثل في التعثر الذي أصاب عملية انتقال السلطة والمنظومة السياسية بمكوناتها كافة، والتي أنيطت بها مهمة الاتفاق على صيغة وطنية سياسية وقانونية لبناء الدولة، غير أن الكثير منها جاء إلى مؤتمر الحوار محملاً بأثقال الماضي وجروحه واحتقاناته، إلى جانب القضية الجنوبية كقضية محورية، لا يمكن معالجتها بدون الانطلاق من الطبيعة الخاصة بها، كقضية سياسية بامتياز، تمثل محور بناء الدولة، وينبغي ألا يخضع حلها للمساومات السياسية التكتيكية، أو إلى المراوغات كتلك التي تمثلت في اللجوء إلى تقسيم الجنوب إلى إقليم شرقي وإقليم غربي، بدلاً من النظر إليه كوحدة متكاملة في المعادلة الوطنية لبناء الدولة الاتحادية الديمقراطية.
وثمن المجلس رؤية الاشتراكي لحل القضية الجنوبية على أساس دولة اتحادية من إقليمين مقدماً المبررات السياسية والتاريخية لذلك، مجددا تمسك الحزب بهذا الخيار كأساس لمعالجة الوضع الناشئ عن هدم الوحدة السلمية بالحرب، داعياً القوى التي تزعم أنها تحمي الوحدة إلى الكف عن تعاليها على الواقع الذي أنتجته سياساتها الخاطئة في الجنوب منذ حرب صيف عام 94.
وأكد أن “الهروب من تقديم حل حقيقي للقضية الجنوبية بالمراوغة أدى إلى تعقدها أكثر فأكثر، وخلق حالة يأس وسط الناس من إمكانية إيجاد شروط موضوعية من داخل المعادلة الوطنية للحل العادل الذي يردده الجميع، الأمر الذي حدا بالبعض إلى إعادة طرح مشاريع الهوية القديمة نكاية بالمعادلة الوطنية ليؤكد فشلها في إيجاد الحل العادل من داخلها”.
كما أكد المجلس على “أهمية التعاطي المسؤول مع القضية الجنوبية والتوقف أمام خيارات الشعب في الجنوب، واحترام حقه في التنوع وبما يبقيه موحداً ليبقى طرفاً في معادلة الدولة الاتحادية المكونة من إقليمين، مع احترام حقه في تقرير مصيره، وخياراته السياسية المشروعة”، داعيا النخب السياسية في الجنوب إلى الاتفاق على قواسم مشتركة دون أية غطرسة أو مخاتلة من قبل أي طرف يفرض خياره على الآخرين كخيار وحيد، كما دعاها إلى إنتاج روابط وثيقة بالعملية السياسية دون تحفظ من منطلق أن هذه العملية تعني القضية الجنوبية، وفي سياقها فقط يمكن حلها حلاً عادلاً وفقاً لخيارات الشعب في الجنوب.
وأشار البيان إلى أن استقرار اليمن وانتشاله من أزمته وإخراجه من حالة الفوضى والتخلف والركود والسير به نحو آفاق التطور والتقدم والديمقراطية والتحديث كان ولا يزال مرهوناً بنجاح العملية السياسية في استكمال النقل السلمي للسلطة، ووضع حد للعنف والحروب الداخلية، والأنشطة الإرهابية، وتجفيف منابعها وحواضنها الشعبية، وإخراج السلاح من المعادلة السياسية، وحل القضايا الوطنية الكبرى، وفي المقدمة منها القضية الجنوبية، حلا عادلا، يحقق الشراكة الندية والمتساوية للجنوب في الدولة المدنية الاتحادية وإزالة آثار حرب صيف 94م الظالمة، وتصفية آثار حروب صعدة، وإعادة إعمار ما خربته الحروب والصراعات السياسية العنيفة السابقة.
وشدد المجلس الحزبي على ضرورة إعطاء الأولوية في المعالجات العاجلة للقضايا ذات الطابع الإنساني المتعلقة بضحايا الثورات اليمنية، ودورات الصراعات والعنف السابقة، وضحايا ثورة التغيير السلمية والحراك السلمي الجنوبي في مختلف مناطق الصراع في البلاد، وإيلاء عناية خاصة لأسر الشهداء والجرحى والمفقودين والمخفيين قسرياً، وتسوية استحقاقاتهم المالية والمعيشية على المستوى الوطني دون تمييز، ومعالجة أوضاع المتضررين جراء الصراعات السياسية في مختلف مناطق اليمن دون استثناء، وإعادة المبعدين إلى أعمالهم (مدنيين وعسكريين)، وتسوية أوضاع المقصيين منذ ما قبل الوحدة 1990م، وإعادة جميع المفصولين والمقاعدين تعسفيا بفعل حرب صيف 94م إلى أعمالهم، وتسوية أوضاعهم الوظيفية، وصرف مستحقاتهم المالية بأثر رجعي وبأسرع وقت ممكن دون مماطلة أو تسويف، ووضع النقاط العشرين والإحدى عشرة بشأن الجنوب وصعدة، التي تعرضت للتلكؤ والتسويف حتى الآن، موضع التنفيذ.
ودان المجلس أعمال القمع والعنف والاغتيالات السياسية المتواصلة، التي تورطت فيها قوى العنف والإرهاب، والسلطات العسكرية والأمنية، كان آخرها الأحداث الدامية والتفجيرات الإرهابية البشعة يوم أمس الأول (الثلاثاء) بمدينة رداع واغتيال الناشط في الحراك الجنوبي السلمي المهندس خالد الجنيدي بمدينة عدن.
كما دان مخطط الاغتيال الذي استهدف الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني الدكتور ياسين سعيد نعمان، مستنكرا حملات التهديد التي يتعرض لها كل من محمد المخلافي، ومحمد صالح علي القباطي، من قبل “تيار صالح” في المؤتمر الشعبي العام، على خلفية الموقف من العدالة الانتقالية واسترداد الأموال المنهوبة، وكشف مخطط الاغتيال.
واعتبر المجلس الحزبي للاشتراكي مخرجات الحوار الوطني الشامل مخرجات وطنية توافقية ينبغي الإسراع في استكمال صياغتها إلى موجهات دستورية وقانونية وموجهات سياسية عامة، تنتظم في إطار دستوري عصري يعكس بدقة مضامين تلك المخرجات دون زيادة أو نقصان.
وأشار البيان إلى أن الحزب الاشتراكي سيعمل على تحويل التوجهات والمضامين الديمقراطية التحديثية في مخرجات الحوار إلى مهام نضالية وجزء لا يتجزأ من برنامجه النضالي للمرحلة القادمة، مؤكدا أن الحزب سيظل متحفظا على الطريقة التي عولجت بها القضية الجنوبية وخاصة ما يتعلق بالأقاليم، من منطلق تعارضها مع ما ورد في وثيقة الحل العادل للقضية الجنوبية المقرة في مؤتمر الحوار، وسيظل يتمسك بموقفه في خيار الإقليمين.
واعتبر الاشتراكي في بيانه أي إصرار على تطبيق قانون العدالة الانتقالية بدأ من سبتمبر 1962م ونوفمبر 1967م إنما يخالف ما تم الاتفاق عليه في مؤتمر الحوار الذي أكد على عدم تحديد التاريخ على ذلك النحو الذي يحمل في طياته دلالات إدانة للثورة اليمنية وتبرئة العهود السابقة التي قامت عليها الثورة.
وأكد المجلس الحزبي الوطني على ضرورة التقييم النقدي الموضوعي لتجربة اللقاء المشترك خلال الفترة المنصرمة، والاستفادة منها في إعادة صياغة سياسة التحالفات والشراكات الوطنية، كضرورة ملحة لمواكبة المستجدات الراهنة وتلبية استحقاقات المرحلة الانتقالية التأسيسية القادمة، داعيا اللجنة المركزية والهيئات القيادية للحزب أن تعمل على تعزيز وتطوير التحالفات الثنائية والجمعية مع القوى السياسية الوطنية وقوى اليسار وتفعيل النشاطات المشتركة، والارتقاء بتحالفاتها وتمتينها، وإدارة حوارات ثنائية جادة للتوافق على صيغة مشتركة، لتوحيد جهود ومكونات قوى التغيير والقوى الوطنية الديمقراطية والمدنية، التي شاركت بمؤتمر الحوار، أو تلك التي لم تشارك فيه من القوى الاجتماعية والأحزاب السياسية والشخصيات المستقلة التي تلتقي على قاعدة الأهداف والمهام البرامجية الانتقالية - الوطنية الديمقراطية الكبرى المتضمنة بمخرجات الحوار والتي تؤسس لشراكة وطنية واسعة في إطار ائتلافات وتحالفات كبرى قادرة على النهوض بمهام بناء الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة والانتقال الآمن إلى الديمقراطية.
واستنكر المجلس الحزبي الوطني بشدة مسلسل المحاولات المحمومة المستهدفة تقويض الإجماع الوطني على مخرجات الحوار، والالتفاف عليها من بوابة الانقلاب على مخرجات فريق العدالة الانتقالية كإحدى أهم القضايا الحيوية بمخرجات الحوار والتي باتت اليوم أكثر شراسة، مع تعاظم ضغوط استحقاقات التنفيذ، كانت أحدث حلقاته ما سمي بفعالية (مؤتمر بروكسل) المشبوهة، وحاليا مشروع ما سمي بالمصالحة الوطنية الذي جير له مجلس النواب، عبر تشكيل لجنة برلمانية خاصة من رؤساء الكتل، سميت بـ(لجنة الوفاق الوطني)، التي انسحب منها ممثل كتلة الاشتراكي البرلمانية وعدد من ممثلي الكتل الأخرى، بعد تبين توجهاتها الملتبسة.
وأكد البيان على أهمية الدور الريادي والنهضوي المتميز للمرأة والشباب والطلاب في صناعة التغيير، ويدعو إلى تمكينهم من مواقعهم الطبيعية بعملية التغيير والبناء والتحديث، وفي مختلف أجهزة الدولة، وأثناء الانتخابات، وبنسب لا تقل عن 30 % للمرأة و20 % للشباب.
وأوضح المجلس الحزبي للاشتراكي بأن مقومات النهوض الاقتصادي للمرحلة القادمة تستدعي العمل على إرساء أسس بنية اقتصادية إنتاجية، بكفاءة أداء عالية وتنافسية فعالة، تهيئان الاقتصاد الوطني لأن يغدو مسرعاً ومحفزاً قوياً لعملية الإنقاذ الوطني والتحول الديمقراطي بالإنتاج الدائم والوافر للموارد المادية اللازمة لتكريس العدالة الاجتماعية بمضمونها الذي يكفل توزيعاً عادلاً للثروة والسلطة.
وطالب بهذا السياق بتبني برنامج تنموي استثنائي لإعادة تعمير وإنعاش الجنوب، تخصص له موارد عاجلة وكافية من دعم المانحين وغيره، ينفذ خلال 3 ـ 5 سنوات تؤمن معالجة كافة الأضرار الناجمة عن الممارسات الهمجية التي طالت مؤسسات وأراضي الدولة وطالت حياة وكرامة أبناء الجنوب عامة منذ حرب 1994، وأودت بكل ما كفلته لهم الدولة من ضمانات المواطنة المتساوية والعيش الكريم والآمن.
ودعا المجلس الحكومة الحالية إلى إثبات جدارتها في المهام الوطنية، التي تصدرت لها في هذه اللحظة التاريخية العصيبة، التي تمر بها بلادنا، بدءاً بتجسيد المهام والأهداف والأولويات المحددة لها في اتفاق السلم والشراكة ومخرجات الحوار، في برنامجها العام، بما في ذلك مكافحة الفساد واسترداد الأموال المنهوبة ومحاربة الإرهاب، وجرائم القتل والاغتيالات السياسية، وأعمال العنف والتخريب، ومعاقبة مرتكبيها، والحيلولة دون إفلات المجرمين من العقاب كأولويات قصوى لتهيئة البيئة الآمنة للانتخابات والانتقال السلس إلى الديمقراطية.
وقال البيان: “رغم التفاؤل الشعبي الحذر إزاء هذه الحكومة سيظل تحسين مستوى الأمن العام والخدمات العامة ورفع مستوى الأجور والمرتبات وتحسين معيشة المواطنين وفي مقدمة كل ذلك حماية حياة ومصالح المواطنين مدنيين وعسكريين، ومعاقبة القتلة والمتورطين بجرائم العنف والإرهاب والاغتيالات السياسية ومخربي أبراج الكهرباء وأنابيب النفط مقياساً حقيقياً لمستوى نجاحها أو فشلها في نهاية المطاف”.
وأشار البيان إلى أن أكثر التحديات تعقيدا على الإطلاق أمام ما تبقى من المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وتنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار واتفاق السلم والشراكة الوطنية تتمثل في عملية التنفيذ الفعلي لمضامين كل ما تم التوافق عليه من أهداف ومهام وتوجهات دستورية وقانونية وحمايتها من الانتكاس.
وأوضح أنه مع بقاء آليات وأدوات الفعل الحكومية محتكرة - في الغالب - من قبل رموز النظام السابق المناهضة لعملية التغيير والمتغولة في الأجهزة العسكرية والمدنية المركزية منها والمحلية والمهيمنة على السلطتين التشريعية والقضائية، يغدو معها الحديث عن أية ضمانات تنفيذية لما تم التوافق عليه مجرد تمنيات.
وأكد أنه ما لم تكن هذه الضمانات مسنودة بإرادة وطنية وإقليمية ودولية حقيقية وفاعلة في رعاية تنفيذ مخرجات الحوار خلال فترة تأسيسية محددة بمهام مزمنة تكفل استكمال تنفيذ مهام التغيير والنقل السلمي للسلطة، وبناء أسس الدولة الاتحادية المدنية الديمقراطية الحديثة القادرة على صد أي نزوع أو طغيان سلطوي وحماية الحقوق والحريات العامة، وتأمين عملية الانتقال إلى الديمقراطية سيغدو كل ما تم إنجازه من مخرجات توافقية رهناً بالمجهول.
وكان الدكتور ياسين سعيد نعمان، أمين عام الاشتراكي قد ألقى كلمة في الجلسة الختامية لأعمال المجلس قال فيها: “يجدر بالقوى التي تتشدق بالمعادلة الوطنية أن تقدم حلا حقيقيا للناس لا أن تتحول هذه المعادلة إلى أداة قمع”، مبينا أن الاشتراكي دخل مؤتمر الحوار منفردا لأنه كان لديه رؤية منفردة لحل القضية الجنوبية إلى جانب رؤى أخرى تجاه مختلف القضايا.
وأضاف: “هناك حديث عن المشترك، وفي الحقيقة لم يعد هناك قضايا مشتركة بيننا، القضايا المشتركة هي السلام ونبذ الحروب، ومن يأتي معنا تحت هذا الشعار فأهلا وسهلا”، مشددا على أهمية أن يبقى الحزب الاشتراكي اليمني حاملا للواء السلام رافضا على الدوام العنف والحروب.
وأشار إلى أن المبادرة الخليجية كانت مبادرة سياسية عملت على استمرار مسار الثورة السلمي، واستمرار مسار التغيير، وقال: “أتحمل كامل المسئولية عن هذه المبادرة وأعفي رفاقي في المكتب السياسي والأمانة العامة من أي مسئولية”.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى