من يقول إن استعادة الدولة الجنوبية حلم مؤجل ؟!

> عياش علي محمد

>
عياش علي محمد
عياش علي محمد
كثيراً ما سمعت تصريحات من بعض رجال النظام السابق في اليمن، يؤكدون استحالة أن ينال الجنوبيون دولتهم المستقلة فمنهم من قال إن الانفصال أبعد عليهم من عين الشمس، أما قوميسار الخارجية اليمنية السيد عبدالكريم الإرياني فيردد نفس النغمة، ولكن بطريقة رومانسية، إذ يقول إن انفصال الجنوب عن الشمال يدخل في نطاق الحلم المبكر أو المتأخر، سالكاً بذلك طريق اللغة التعجيزية باستخدامه وسيلة سيكلوجية المراد منها تحطيم الروح المعنوية للحراك الجنوبي، وكأنه يريد أن يقول إن حل القضية الجنوبية لن يتم إلا برضى النظام في صنعاء.
وكأن منطق الدكتور الإرياني ينتمي إلى عالم الخيال لا عالم حقائق التاريخ، وقد غاب عن ذهنه أن الجنوبيين ليسوا فقط أثرياء وأغنياء في التاريخ بل أيضاً لديهم كثير من العصامية ولا يمكن للجنوبيين أن يستسلموا لحلم القوميسار لأن أي استسلام لهذه الفكرة سيجر الجنوبيين نحو السقوط.
وإذا أردنا أن نجيب عن أحلام القوميسار السياسي، فإن جوابنا يحمل في طياته تساؤلات، فالسؤال أحياناً يحمل معه معاني الإجابة، فهل استطاع الشمال أن يقيم دولة منذ أكثر من نصف قرن، وهل استطاعوا أن يركّبوا دولة بدون الهوية الجنوبية، فالصراع اليوم في اليمن صراع على الهوية، وقد اكتشف الجنوبيون مؤخراً أن الجسم الوحدوي كان متناقضاً مع الهوية الجنوبية، وأن نظام صنعاء لا يمكنه أن يقيم دولة في اليمن، وأي نظام يفتقر للاقتصاد المنتج لايمكنه أن يقيم دولة، وأن مجرد وجود علب البسكويت و(حليب النانا) لايدخلان في مفهوم الاقتصاد الوطني، فالاقتصاد الوطني هو (هوية) وسلسلة متواصلة من الصناعات الغذائية والإنتاجية والخدماتية، ومردوداتها تدخل في نطاق الدخل القومي، والجمهورية اليمنية بدون اقتصاد الجنوب وبدون الهوية الجنوبيه صفر على الشمال.
فإذا كان استعادة الدولة الجنوبية مجرد حلم مؤجل أو مقدم فإن استحالة قيام دولة في اليمن بدون الهوية الجنوبية أمر مفروغ منه.
وفي السياسة إذا تقاتل الخصمان، ودارت بينهما حروب طاحنة، فإن المهزوم منهما سيكون من يفقد قدرته المالية على استمراره في الحرب، أما الجنوبيون فليس لديهم ما يخسرونه، فإذا مات عضو منهم أثناء تأديته واجباته الوطنية سريعاً ما يحل محله عضو آخر ليواصل طريق من سبقه في ذلك الطريق.
والذين يحكمون مسبقاً على عدم قدرة الجنوبيين على استعادة دولتهم، فإنهم مخطئون لأنهم ينظرون إلى الموقف السياسي الراهن بنظرة حسية وفكرية مجردة، ولم يدركوا الظروف غير المتطورة، والمشيئة غير المرئية التي لايدركها أحد والتي بسببها تحدث التغييرات التي تقلب الأوضاع السياسية رأساً على عقب.. وأبسط تفسير يمكن أن نطلقه على حلم استعادة الدولة المؤجل هو أن يصبر الجنوبيون حتى يأتي جيل يمني متسلح بالحكمة يستطيع أن يحل القضية الجنوبية بدون إراقة الدماء أو حروب أهلية.
لكن قد يتحقق هدف الجنوبيين باستعادة دولتهم بحلم غير مؤجل بأن تمتد مشيئة الله وتقود الجنوبيين المؤمنين بعدالة قضيتهم نحو هدفهم في الاستقلال.. فمثل هذه المشيئة الربانية قادت الكثير من الأمم الصغيرة نحو أهدافها بتغلبها على أعتى الجيوش الجرارة، ونصرتهم على أقوى حكام الاستبداد في مختلف دول العالم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى