الخسارة الثقيلة.. عبدالرحمن بلخير .. في ذمة الله

> عبدالرحمن بن عطية

>
 عبدالرحمن بن عطية
عبدالرحمن بن عطية
اقتبستُ عنوان هذا المقال من أحد عناوين مقالاته المنشُورة مُسبقاً .. أولاً: تعبيرا عن مدى حبي وإعجابي لما يكتب وينشر – وثانياً: تجسيداً لمشاعره النبيلة التي كان يخطها أمام ناظري حيث كانت تجمعني به جلسة وديّة في بيتنا المتواضع في إبريل العام الماضي، حينها كان مُكلفا بكتابة مقالة الأسبوعي في صحيفة 30 نوفمبر .. وبينما كُنا نتبادل أطراف الحديث فجأةً وردنا نبأ عاجل عن وفاة الشيخ / عوض محمد بانجار.. فأومأ برأسه وغيّر موضوع المقال الذي أعدهُ مُسبقاً وكتب مقالاً عن وفاة الشيخ تحت عنوان “الخسارة الثقيلة”.. كنت انظر إليه وهو يكتب بنظرة مليئة بالإعجاب والفخر - كتبَ المقالة في نصف ساعة أو في 45 دقيقة تقريباً !
لقد كان يكتب عن خسارة ثقيلة جداً ألا وهي وفاة الشيخ بانجار .. وها أنا اليوم أكتب عن نفس الخسارة.. وعن كاتب الخسارة.. وعن مدى الخسارة.. وعن الخسارة نفسها ..
خسارة الكاتب الصحفي ورحيل المربي والأستاذ الأكاديمي الدكتور / عبدالرحمن سعيد بلخير أستاذ علم النفس المساعد بكلية التربية - جامعة حضرموت .. كان خبر وفاته مُفجعاً وثقيلاً جداً نعم إنها خسارة ثقيلة بِثِقل ما بهذا الكون من ثِقل.. لكنه الموت كما قال في مقاله رحمه الله “صديق الكل وعدو الكل”
رحل _رحمة الله عليه_ في يوم 20 ديسمبر ذلك اليوم الحضرمي المميّز “ذكرى استشهاد المقدم / سعد بن حبريش والشهيد البطل / عمر علي بازنبور – وإعلان الهبة الشعبية _ لقد خسرت حضرموت في هذا اليوم أيضاً علما من أعلامها ومربيا لأجيالها وقلما من أقلامها ومفكّرا من مفكّريها.. رجل أحبه الله فحباهُ بحب خلقه .
تجمعني بِه صِلة وطيدة أكثر من كونه “إبن خالتي” .. عرفته رحمه الله رجلاً وافياً حراً كريماً صاحب خلق عظيم، طيب القلب, حَسن المعشر, فصيح اللسان, بشوش الوجه, صديق الابتسامة, وخفيف الظل وعالي المقام ..
يُعد من أبرز الأقلام ومن أصلب الأعمدة الصحفية بحضرموت - كنت أترقب صدور مقاله الأسبوعي بفارغ الصبر كانت كتاباته بالنسبة لي أشبه بحقنة علاج لابد منها.. كان صاحب قلم رصين ناقد لكثير من الظواهر المجتمعية والسلوكيات بأسلوبه الساحر والساخر...
له العديد من الإسهامات المجتمعية والأدبية والصحفية والعلمية والأكاديمية.. كان رائداً من رواد الفكر والثقافة يمتلك ذخيرة معرفية لا تنفد.. كان حريصاً على نشر ثقافته بين أوساط الشباب محاضراً وناصحاً وموجهاً بلسانه وبسلوكه وأخلاقه .
استفدنا الكثير منه وكانت تجمعنا به العديد من الجلسات وكان يحرص خلالها على تقديم النصح والإرشاد لي ولزملائي.. طالما كان يحثنا على كثرة القراءة كان يقول: القراءة هي المعرفة وهي السلاح الحقيقي وهي النور الذي يضيء الطريق في مسيرة الرفل بالقلم .
تشرفت بكوني أحد طلابه في السنة الأولى بقسم الصحافة والإعلام .. كان محاضراً لنا في مادة “علم النفس الإعلامي” محاضرا من طراز فريد - لِما يمتلكهُ من فُكاهة وأسلوب رائع في الطرح والمعاملة مع الطلاب ..
هو من علمنا على مقعد الدرس كيف يكون للحرف وهجٌ وللمعرفة مكان.. كانت فضائله علينا كثيرة وخسارتنا بفقده كبيرة على الأقل بالنسبة لي كيف لا وقد فقدت أحد أبرز أعمدة حياتي!
لقد تعلمنا منه كل خير فهو أسم على مُسمى هو بلخير ووجهة الخير وكله خير _ رحمة الله عليه .
آخر نظرة :
بقلب كليم دخلت غرفة الموتى بعدما تم تغسيله وتكفينه لأودعه بآخر نظرة.. نظرت إلى وجهه الباسم وكان النور ينبثق من ثنايا وجهه - كان كالطود شامخاً.. كانت لديّ رغبة لم أستطع كبحها! فتمتمت لنفسي وأنا أنظر إليه قائلاً: لقد عشت شهماً نقياً مُبتسماً ومت على ذلك..

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى