رجـــــــــــــال في ذاكـــــــــــرة التـــاريـــــــــــخ 1 - الفقيد محمد أحمد اليوسفي.. العصامي الذي أبدع في المشوار وتعسفه الثوار 2 - سالم راشد الذيباني.. سجل مشرف رمت به مصلحة القبائل في السلة

> نجيب محمد يابلي

> 1 - الفقيد محمد أحمد اليوسفي
**الولادة والنشأة
محمد أحمد قاسم اليوسفي من مواليد 1905 في يوسف المواسط تعز، فر مع عمه وأخيه إلى عدن أثناء حملة سعيد باشا التركي، (كان في الـ17 عند هروبه إلى عدن مع عمه وأخيه).. بدأ حياته عاملاً مع المستر جن في البلدية (سلطة ضواحي الشيخ عثمان) وتمكن من الإلمام إلى حد ما باللغة الإنجليزية.
بدأ محمد أحمد اليوسفي يشق طريقه في العمل الخاص فشكل قافلة من الجمال (وسيلة النقل آنذاك) لنقل الخضروات من الشيخ عثمان إلى كريتر.
**انتشار السيارات غير اتجاه اليوسفي**
منحت سلطة البلدية البريطانية محمد اليوسفي مساحة في الأرض المعروفة بـ(بير الدوابية) بجوار مدرسة 30 نوفمبر للبنين (عمر المختار حالياً) في الشيخ عثمان لاستخدامها مربضا للجمال، إلا أن عمله تضرر كثيراً عندما انتشرت السيارات التي ضاعفت من حمولة البضاعة وقلصت الزمن المستهلك في النقل، فلجأ اليوسفي إلى خط آخر وهو تأجير المخادر لحفلات الزواج (رجالية ونسائية)، وكان اليوسفي أول من احتكر تجارة المخادر، بل واقترنت هذه التجارة باسمه.
**اليوسفي في قطاع المقاولات والعقارات**
حصل محمد اليوسفي على عروض بمقاولات مع القاعدة البريطانية في مجالات خدمية في تصفية الأبراج ونقل مواد مستهلكة أو نفايات من داخل المعسكرات إلى الأماكن المخصصة لذلك، ومن خلال تواجده في المعسكرات التي استوعبت آلاف العمال المحليين في مختلف المهن: نجارة، حدادة، سمكرة، كتبة، ميكانيكا، سيارات، سواقين.. إلخ، تفتحت له آفاق أكبر عندما تقدم لمناقصات بيع الخردة وما أكثرها آنذاك واتجه أيضا إلى مجال بناء العقارات وتأجيرها بعد ذلك في مناطق متفرقة: دار سعد (والمعروفة أيضاً بـ“دار الأمير”) والشيخ عثمان والمنصورة والقاهرة (أول نظرة).
اليوسفي يسلم الأحمدي تبرعات التجار ليسلمها لسالمين
كان محمد أحمد اليوسفي يجمع تبرعات من عدد من التجار ويقوم بتسليمها لأحمد هادي الأحمدي الذي يقوم بتوصيلها إلى سالم ربيع علي (سالمين) القائد الفدائي للجبهة القومية في الشيخ عثمان، وكانت التبرعات المقدمة من التجار للجبهة القومية تعتبر واجبا وطنيا مقدساً.
**سالمين وتعويض التجار عن تبرعاتهم للجبهة القومية**
التقى عدد من رجال الأعمال منهم الأحمدي واليوسفي ومحمد علي حسين الأعور وكحلان والشامي وقالوا لسالمين: “دعمنا الجبهة القومية بالتبرعات أثناء الكفاح المسلح فما هو تعويضنا؟”، وبعد أخذ ورد تم التفكير في إنشاء مصنع للإسفنج ودفع المذكورون أسهمهم واستوردت المواد الخام والمعدات وأسندت إدارة المصنع للمغفور له بإذن الله محمد علي عاطف.
حقق المصنع أرباحاً وكان المساهمون يحولون الأرباح إلى حساب خاص لاستخدامها في تطوير المصنع، وفي عام 1976 زار سالمين المصنع وجلس على الأرض وقال: “نبا ندخل اتحاد نساء اليمن بـ10 % والصناعة بـ15 %” من باب التشجيع وتخفيف حدة خطاب المتشددين وأصبح صافي أسهم الملاك 85 %.
**العام 1978 استهداف سالمين والمساهمين**
سجل التاريخ أن ثوار الجبهة القومية ثاروا على أشرف الرجال عندما صفوه جسديا بحجة انتسابه إلى اليسار الانتهازي، وهي تهمة زائفة وذلك يوم 26 يونيو 1978م واتخذ الثوار بعد ذلك قرارا سياسيا بتكشير أنيابهم على المساهمين، وقاموا برفع مساهمة الدولة من 25 % إلى 51 % وثمنوا قيمة الأرض التي قام عليها المصنع (10.500 متر مربع أي هكتار ويزيد قليلاً) واحتسبوها من أسهم المصنع.
**سنوات من النزيف الباطني سبقت رحيل اليوسفي**
تعرض محمد اليوسفي لضربات موجعة تمثلت في تأميم عقاراته ورفع أسهم الدولة في مصنع الإسفنج بابتزاز المساهمين، وأثر ذلك على أرباحهم إضافة إلى الأرباح التي أودعوها في البنك باسم المصنع لتطويره مستقبلاً دون وجه حق، ويضاف لذلك تعرض اليوسفي لابتزاز عدد من الثوار، وعندما لجأ إلى القانون ألبسوه “كوفية” بأنه سرق معدات من القوات المسلحة ودفع رشاوى لهم قدرت بـ(300) ألف شلن.
تأثرت صحة اليوسفي كثيراً وقضى معظم سنوات السبعينات حتى وفاته في 10 أكتوبر 1980، وهو ينزف دماً مع برازه أو قل سنوات من البراز الدموي مصحوباً بالوعيد الإلهي “ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون”.
سنوات من معاناة الورثة مع الرفاق والخبرة
سنوات الوحدة قسمها المساهمون وورثتهم إلى مرحلتين: مرحلة الرفاق ومرحلة الخبرة، فقاموا برسم سياسة تعرض المصنع للإفلاس ومن ثم للخصخصة (مآلها الجيوب)، حيث قدرت قيمة الأرض بأكثر من (200) مليون ريال وتم التصرف في كل شيء دون علم المساهمين.
اللجنة الرئاسية المكلفة بتعويض المنكوبين لم تنصف حتى الآن الورثة لأن كل المساهمين أو معظمهم فارقوا الحياة الدنيا كمداً.
خلف محمد أحمد قاسم اليوسفي ملحمة كفاحية وعصامية أنهاها القهر، كما خلف عشرة أولاد، هم حسب الترتيب:
1 - عبدالرحمن
2 - شفيقة
3 - فؤاد
4 - رضية
5 - عبداللطيف
6 - خالد
7 - رضا
8 - ندى
9 - هناء
10 - عبدالله
وأولاده من فؤاد حتى عبدالله هم من نور مرشد ناجي (شقيقة الراحل الكبير محمد مرشد ناجي) فيما أنجبت له زوجته الأولى (عبدالرحمن) وأنجبت له زوجته الثانية (شفيقة).
2 - سالم راشد الذيباني
**الولادة والنشأة
الرجل الفاضل سالم راشد ذيبان أحمد الذيباني من مواليد 1932م في قرية المدورة، فخيذة الجميعي، حبيل جبر ردفان، وحصل على دروسه القرآنية في كتّاب (معلامة) الفقي الحاج مثنى قاسم حنش من قبيلة الحجيلي (من فخائذها فخيذة الجميعي التي ينتسب إليها عزيزنا سالم راشد، ومن زملائه في معلامة الحاج مثنى: المرحوم علي ثابت الحجيلي والمرحوم أحمد سعيد طاهر والحاج سعد سالم صالح.
بدأ عزيزنا سالم راشد ذيبان حياته راعياً ثم فلاحاً حتى بلغ الثالثة والعشرين، حيث أدى فريضة الحج وكان والده ـ رحمه الله ـ قد سبقه في أداء الفريضة.. وتم تنصيب سالم راشد عاقلاً على فخيذة الجميعي وتم تنصيب سنان الحجيلي بدرجة ثانية بعد شيخ.
**ذيبان في الخدمة العامة والصالح العام**
تم تعيين سالم راشد ذيبان عضوا في محكمة استئناف الحبيلين في ردفان، لأنه كما أورد في الحكمة رقم (30) من كتابه الثاني (سنابل من ثمار الحكمة): “الجهد الطويل يقرب المستحيل”، وهو بذلك يقترب أو يتفق مع نابليون بونابرت وأبي القاسم الشابي، ثم تحول بأمر داخلي إلى مدير بلدية المديرية الشرقية م/ الثانية (لحج لاحقاً) بمراكزها الخمسة: الحبيلين، الملاح، حبيل الريدة، حبيل الجبر، والمركز الخامس يهر.
صدر بعد ذلك أمر إداري بتعيينه ناظر الطرقات في المديرية الشرقية ثم مشرفا لبنايات المديرية من العام 1971 حتى العام 1980 وتقدر نسبة إشراف سالم راشد على المرافق الحكومية القائمة في ردفان بـ70 % بدءاً من حفر الأساسات حتى التشطيبات النهائية لتلك المباني العامة.
**سالم راشد ضمن المحاورين الردفانيين مع الإنجليز**
إذا وقفت أمام الصفحات من 34 إلى 36 من الكتاب الثاني من إصدار سالم راشد ذيباني والموسوم (سنابل من ثمار الحكمة) لاطلعت على الدور الذي لعبه سالم راشد ذيبان مع عقال ومشايخ ردفان في محاورة المستشارين البريطانيين ومنهم المعتمد السياسي المستر ينج في 15 أكتوبر 1963، وسيتبين لك قدرة سالم راشد ذيبان في الحوار مع الطرف الآخر.
**سالم راشد صاحب خبرة في العرف والقانون**
سالم راشد ذيبان صاحب خبرة في العرف والقانون وكان عاملاً مساعداً في حل عدد من القضايا وبعضها نظرت فيها المحاكم بمختلف درجاتها وعزز معرفته بالأعراف بدراسته للقانون المدني والتجاري والمرافعات وقانون الإثبات.
يفخر أهل ردفان بكتاب (من حقيبة الدهر للإنسان تحكي عن أخبار ردفان) الذي تناول مآثر ردفان السياسية والعسكرية والاجتماعية والثقافية، كما يفخرون بكتابه الثاني (سنابل من ثمار الحكمة) وفيه حكم مبتكرة بلغت (209) حكم و(424) مثلا شعبيا قام بتفسيرها و(145) من سوالف أحكام العرف يقتدي بها الحاكم والمحكوم أو الحاكم والرعية.
يحسب لهذا الرجل الحكيم تدخله في أطفاء فتيل الفتنة في عدد من القضايا القبلية ومنها قضية الشيخ فضل محمد ثابت الذي تولى المشيخة علي الحجيلي بعد مقتل والده.
كما تدخل سالم راشد في حل نزاع بين الحجيلي والقطيبي وتمكن من حل النزاع بين مشايخ القبيلتين كما تمكن من حل نزاع بين أهل يوسف من كلد (يافع) وبين أهل داعر (ردفان) حول أرض في وادي بنا.
**صدقوا أو لا تصدقوا.. معاش راشد (2300) ريال من شؤون القبائل**
حصل سالم راشد ذيبان على معاش قدره (2300) ريال يمني من الشيخ سيف حسن مدير مكتب مصلحة شؤون القبائل بلحج رحمه الله، وظل هذا المبلغ الذي لا يكاد يذكر دون تعديل أو تغيير ولا يمكن وضع هذا المعاش في ميزان المقارنة مع معاشات شيوخ حاشديين أو بكيليين، وفي اعتقادي أن مشايخ جنوبيين يحصلون على معاشات متدنية ولكنها ليست إلى هذا الحد.
أما معاش سالم راشد من إدارة الشهداء ومناضلي حرب التحرير يعتبر منقطعا عنه رغم رسائل حملها من مناضلين كبار إلا أنها أهملت، وهناك لجنة مكلفة بمعالجة حقوق المنقطعين، والرجل قد تقدم به السن ولا تسعفه صحته على التحرك أو المتابعة.
المناضل الوطني والشيخ المعتبر في مرابع ردفان وغير ردفان والشخصية الوطنية والعامة والاجتماعية المعتبرة سالم راشد ذيبان أحمد الذيباني متزوج وله سبعة أولاد، الذكور منهم (3) هم: هيثم وفاضل وحسان و(4) بنات، كلهم متزوجون ومخلفون.. ويفيد هذا الرجل الفاضل بأن أصغر أولاده بنت وأصبحت جدة، جعلهم الله جميعا قرة عين الشيخ سالم راشد.
**العميد قاسم عثمان الداعري في شهادة للتاريخ**
المناضل الوطني المعروف العميد قاسم عثمان الداعري يقدم شهادته للتاريخ ويفيد قائلا عن شيخنا الجليل سالم راشد: “قد عرفته رجلاً مبادراً في الإصلاح وما من قضية نظر فيها مهما كان حجمها أو نوعها إلا وحلها في جو ودي تتخلله الابتسامة والأمثال الشعبية والنكتة وبأسلوبه المتعارف عليه ليتحول الجو إلى مرح وتبادل الابتسامات ويطغى على المجلس الألفة والتسامح والاحترام والندم والإقرار بالحق والاقتراب من الحلول.
وما أعرفه عنه هو أنه أول من دفع بأكبر بناته إلى الدراسة المنتظمة وهي من أوائل الموظفات في ردفان في مجال الأمومة والطفولة (قابلة) وقد حظيت بحب واحترام كل من عرفها.
كما أن ابنه الأكبر هو الآخر من أوائل المدرسين في سلك التربية والتعليم ومن أوائل مديري المدارس الابتدائية في منطقة الجبل الذين كانوا محل تقدير واحترام وهو الأستاذ هيثم سالم راشد.
هذا غيض من فيض وأرجو للوالد سالم راشد دوام الصحة وطول العمر وأن ينعم عليه بالإنصاف”.
**نجيب محمد يابلي**

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى