من لحظات مزاح القمندان مع رفاقه

> عياش علي محمد

> الأمير علي بن أحمد رجل طاعن في السن وهو أديب وشاعر فكاهي ورجل سياسة، ورغم أنه كبير في السن إلا أنه كان أنيقاً وملابسه دائماً شبابية لا تتناسب مع كبر سنه، وأحب الأمير أحمد فضل القمندان أن يمازحه يوماً منتقداً طريقته في لبس الثياب الشبابية، فدس له أبيات من الشعر تنتقد سلوكه الشبابي، تحت مخدته التي يتكئ عليها في مجلسه، وجعلها ملفتة للنظر حين يجلس حتى يقرأها في المجلس.
يقول القمندان فيها:
بس الهوى يا وجه المشيبه بس
وقت المشيب مضى ثم غير الملبس
لبس الصغر في الكبر يزري بلباسه
ما لك لياقة من الأعيان في المجلس
دع مجلس أهل الصبا مزهر بجلاسه
حافظ على الشعر الأبيض فيك يدنس
الأمير علي بن أحمد بعد اكتشافه الورقة قال للحاضرين في مجلسه أنا اليوم باعمل مفاجأة للقمندان.. ولما استفسر ما نوع هذه الفاجأة؟ قال لهم الليلة المفاجأة وأنتو باتكونوا شهود على هذه المفاجأة احتار الحاضرون مما سوف يعمله الأمير علي بن أحمد عندما رأوه يذهب ويجيء ويذرع المجلس وكأنه فاقد لشيء يريد أن يعثر عليه.
طلب الأمير علي بن أحمد من أحد الحاضرين وأمره أن يذهب إلى بيت (الجعدي) ويدعيه للحضور إلى مجلسه، ذهب الرسول وجاء بالجعدي وأجلسه أمامه، وحدثه حديثًا مباشر قائلاً له:
أنا حبيت القرب منك، وأريد الزواج من ابنتك.. رد عليه الجعدي: أولا يا أمير نحتاج أن نستشيرها، قال الأمير: ما عندنا بنات نستشيرهم الليلة باتكون دخلة وكلفاسة.. عندي الذهب لابنتك وعندي لها الثياب المطرزة وعندي لها كل شيء، فقط أريد منك أن توافق على الزواج وتقول لي بالمهر والمؤخر، فعندي ما يكفيك أنته وابنتك.
وعندما وافق الجعدي وكتب الكتاب في المجلس قال للحاضرين: هذا ردَّي على القمندان، واسمعوا ردي واحكموا بيننا.
رد الأمير علي بن أحمد كان بنفس القافية الشعرية المتعلقة بأبيات القمندان:
ما شيبه إلا وسط الغدر يدعش
يمسوا يقودوه من حفره ومطحاسه
مادام مخلوق عاده بالقدم يدعس
من قال شيبه يقع له دعس في راسه
قم يا دويدار قم فك الكبت بلبس
باخرج مع الناس با بترع على الطاسه
في تلك الليلة خرج الأمير علي بن أحمد من منزله بصحبة أصدقائه ليحضر العروسة على أنغام الطاسة والرقص والزغاريد، وطلب من الزفة أن تتوقف تحت بيت القمندان ليعرف أن الذي قال عليه شيبه اليوم يرقص على الطاسة تحت بيته وهذه ليلة دخلته.
لفتت الأهازيج نظر القمندان وقاده فضوله لمعرفة هذه الدوشة فوجد من يقول له إن الليلة ليلة الأمير علي بن أحمد وهذه الليلة ليلة دخلته، ضحك القمندان من تصرف الأمير علي بن أحمد ورأى أنه تصرف بمزحة ثقيلة مع الأمير علي بن أحمد وأراد مسامحته في اليوم الثاني.. فذهب إليه يعتذر له على القصيدة التي عناه بها.
وبعد المسامحة والملاطفة وإعادة الألفة بينهما استفسر القمندان من الذي دسَّ له في غرفة نومه رده الشعري.. فرد عليه الأمير علي بن أحمد من دسَّ لي شعرك في مجلسي وهو الذي دسَّ لك الورقة حقي في غرفة نومك.
**عياش علي محمد**

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى