أخطاء الماضي طوب لبناء المستقبل

> الطيار / طه محمد المالكي

> ولى عام 2014م بحلوه ومره، بإنجازاته وإخفاقاته ومآسيه ومسراته، وقد تعددت فيه الأحداث والتطورات على المستوى العام في البلد، حيث شهد العام المنصرم تغيرات كبيرة وهامة، أبرزها ما قامت به الثورة الشعبيه في 21 سبتمبر 2014م عندما أطاحت بأكبر رموز الفساد التي تحكمت بمستقبل وأمن وثروات البلاد لعشرات السنين.
لقد علقنا آمالا كبيرة على هذه الثورة الشعبية بأن تحدث تغييرا جذريا في بنية الدولة كونها حركة شعبية كبيرة يساندها دعم جماهيري واسع وتمتلك جناحا عسكريا مسلحا قادرا على حماية الثورة والضغط لتنفيذ أهدافها، لكن للأسف أشرف علينا عامنا الجديد 2015م ولم تحقق هذه الثورة الأهداف المرجوة بالكامل، خاصة بعد إعلان حكومة الكفاءات التي باشرت أعمالها منذُ فترة وجيزة.
ولا يبدو لنا أن هذه الحكومة تستطيع فعل تغيير حقيقي وملموس حتى الآن بسبب عدم توفر الإرادة الحقيقية والنوايا الصادقة عند بعض أصحاب القرار فيها، وحتى الآن لم تأت هذه الحكومة بأي جديد، وخير دليل ما نراه ونلمسه من تفشي أعمال الإرهاب والقتل الجماعي للأبرياء من المدنيين والعسكريين، ولا نرى تحركا جديا وقويا من قبل الدولة وعدم استغلال الدعم الشعبي والثوري الرافض للإرهاب كي يساعد الجيش والأمن للخلاص من هذه الآفة الخطيرة التي حرمها الدين والشرع.
بالرغم من أن الدولة تعلم أن انتشار الإرهاب وتوسعه يهدد حياة مواطنيها ويقتل في جيشها وأفراد أمنها ويمنع تطور الاستثمار والسياحة ويهدد السكينة العامة، ولكن الدولة للأسف لا تقوم بأي إجراء مناسب يساوي ما يقوم به الإرهابيين من بطش بحياة الأبرياء.
أما قوى الفساد فقد عملت كل ما في وسعها لعرقلة مسار الثورة التصحيحي، وحاولت إلباس الثورة الشعبية ثوب الطائفية لكي تقلل من زخمها الشعبي وتكبح قدرتها على التغيير الجاد والكامل، وتعمل قوى الفساد على إيهام الشعب ودول الإقليم والعالم أن ما جرى ويجري في اليمن هو صراع طائفي ومذهبي وليس ثورة ضد الفساد والظلم بحكم امتلاكها الآلة الإعلامية الكبيرة والخبرة القديمة على قلب الحقائق والالتفاف على الثورات كما عملت مع ثورة الحراك الجنوبي منذُ 2007م حيث كانت تعمل على تضليل العالم بأن ما يجري في الساحة الجنوبية ليس ثورة، وما يقوم به الحراك ليس نضالاً حقيقياً من أجل التحرر، وتعتم على قيام المليونيات وتقلل من شأنها، وكما أجهضت ثورة 11 فبراير بمبادرة التقاسم الخليجية وغيرها من الالتفافات والتضليل على ما يجري في الجنوب وفي الوطن عامة.
والمهم الآن من كل هذا هو كيف تستطيع الشعوب الحفاظ على استمرارية الثورة وإنجازاتها وتطويرها وتطبيق أهدافها على كل أفراد المجتمع بدون تمييز.
ونحن في الجنوب بعد عام 1990م تعرضنا إلى كل أشكال الاضطهاد والتنكيل والإلغاء، ومن 1994م حتى اليوم ونحن نعيش غرباء في وطننا لا نشعر بأن لنا وطنا ولنا الحق أن نعيش فيه وننعم بخيراته ونعلم أولادنا في كلياته كما يريدون وأن نشارك في بنائه وحمايته وأن نكون مسؤولين عن بناء وطننا ومستقبله، وحياتنا ومستقبل أجيالنا كون حياتنا ومستقبل أجيالنا ليس بيدنا ولا نحن من نقرره بل من يقرره ناس آخرون، فهل الوحدة التي سعى لتحقيقها شعب الجنوب منذ عشرات السنين هي هذه التي صادرت إرادته وهويته ومستقبل أجياله وأفقدته القرار بالتصرف بمستقبل أجياله ووطنه؟!.
لقد مر الجنوبيون في سنوات ما قبل الوحدة بصراعات عديدة بين حكامهم وبين الفصائل الثورية بعضها البعض وكانت هذه الصراعات تنشأ بسبب توجهات ومبادئ سياسية، لكن لم تمس نظام الدولة ودستورها وقوانينها، فمهما كانت هذه الصراعات دموية لم تستهدف المال العام للدولة وثرواتها لمصلحة طرف ولم تحاول الفئة المنتصرة أن تعبث بممتلكات الدولة وأموال الشعب، ولم تتنازل عن النظام والقانون ولم تقلل من هيبة الدولة لصالح حزب أو قبيلة ولم تعمل على إضعاف أمنها وجيشها بل تستمر هذه الفئة المنتصرة بالحفاظ على كل ممتلكات الدولة ومؤسساتها وتعمل على تطويرها مما يعني أن الصراعات التي كانت تحصل هي صراعات سياسية حول توجهات ومبادئ وليس صراع مصالح، فيجب علينا كشعب وكمثقفين أن نقارن وندرس الصراعات والمشاكل والتباينات التي مرت علينا ولازالت تمر وتحصل في كلا الشطرين ونستفيد منها لتصحيح المستقبل ونجعل أخطاء الماضي هي اللبنات لبناء المستقبل القادم، ونعمل كما قال سيدنا لقمان الحكيم عندما سأله الناس من أين تعلمت الحكمة؟ فأجاب: “أرى أخطاء الآخرين وأتعلم منها”.
فأرجو أن نتعلم من أخطائنا السابقة، ولا نكررها لكي نتمكن من بناء وطننا وبناء مستقبل جيد لشعبنا وبلادنا.
**الطيار / طه محمد المالكي**

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى