غربان يا نظيرة!!

> عبد القوي الأشول

>
عبد القوي الأشول
عبد القوي الأشول
أصل الحكاية أن الأستاذ الصحفي والمذيع التلفزيوني عوض باحكيم أراد في ذلك الصباح الثالث عشر من يناير وكعادته أن يتناول أقداح الشاهي الذي كانت تعده السيدة الفاضله نظيرة تلك المرأة التلقائية البسيطة، وحين تناهى لمسامعها دوي طلقات الرصاص سألت الأستاذ باحكيم ما الذي يجري؟، ولأن الرجل لا يريد أن يخسر شاهي السيدة نظيرة الذي كان يطلق عليه (خمر الفقراء) لفرط عشقه لتناوله قال لها: “غربان يانظيرة” .. أي لا شيء يجري أبدا أكثر من دوي رصاصات في متابعة الغربان، معقبا ذلك بضحكاته المألوفة هاهاها.
بعد أن أيقن بداخله أن أمراً جللا يجري في تلك الأثناء بأجوائها المحتقنة التي تلغي تماما صفاء ونقاء الربيع الجميل.
ومن هنا استمدت فكرة عنوان المسرحية للمسرحي محمد عوض شيخان “غربان يا نظيرة” بيناير المشؤوم رغم أنه في الأصل من أجمل وأروع الشهور في عدن، وهو اليوم الذي رسم خارطته بؤسنا وضياعنا وتيهنا وكل ما ارتبطت به من عمق كارثة ارتكبناها بحق أنفسنا، وأذيال لا زالت تجر نفسها وبالا على حياتنا حتى اللحظة رغم التصالح والتسامح الذي جرت ماهيه على القاعدة الشعبية دون أن تطال النخبة التي لا زالت تستجر أحداث ذالكم اليوم الرهيب المأساوي الذي على إثره ضاع جنوبنا الحبيب، ولم نكن قد شارفنا اليوم على عودته.
مضت الأيام ومضينا معها تائهين وبقيت مسرحية تلك الأحداث المأساوية تلوكنا حتى الرمق الأخير، وبقيت غربان السيدة نظيرة تنعق كعادتها مبددة سكون الليل الرهيب بأصواتها الناعبة في حين بقيت السيدة نظيرة بفرط تلقائيتها تحكي عصارة الحدث الجلل بكل مأساته المروعة.
نظيرة امرأة كالإشراق كالإصباح كابتسامة الوليد بعمق تلقائيتها وصدقها حتى أنها حين زارت أحد أقربائها في لندن أدهشتها طبيعة الحياة الأوروبية، وحين سألناها إثر عودتها كيف وجدتِ لندن قالت بتلقائية مفرطة: لندن جميلة للغاية حتى الأطفال هناك يرطنون بالإنجليزية بطلاقة.. أطال الله عمر السيده نظيرة، إن كانت على قيد الحياه فمشوار عطائها في صحيفة 14 أكتوبر لم يفارق الأذهان بحكم نكهة شاهيها الصباحي الرائع بعد كل تلك السنوات التي مضت مازلنا نسأل هل أندمل صدع يناير العظيم بعمق مأساته من ذاكرة الوطن المدينة والناس؟.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى