ليلة سمر سياسية

> عياش علي محمد

>
عياش علي محمد
عياش علي محمد
حبي للحوطة الغراء لا يوصف، فهي مسقط الرأس، ومسقط الرزق، ومسقط الحب، زرتها مؤخراً، وأخرجت تنهيدة أذهلت المارين في الشاع الرئيسي، فقد كانت تنهيدة ملفتة للنظر، وحدقت عيناي بمعالمها، فلم أجد فيها شيئا يجذب العين والقلب، كل شيء فيها صار عدما، حتى أصوات شباب الفكاهة اللحجية غادرت شوارعها، فلم أقوى على الصبر، وغادرتها تواً إلى عدن.
بعدها تذكرت ليلة سمر سياسية انعقدت في لحج، كان روادها نخبة وصفوة من أبناء لحج تدارسوا كيف يمكن إنقاذ لحج.. والعمل على نهضتها من جديد لتحيا حياة من يريد أن يحيا.
تذكرت تلك الأمسية الجميلة حيث توزعت أدوار المتطوعين من أبناء لحج على بناء خطط عملية تنتشل لحج من أوضاعها المؤسفة وتعيد لها سمعتها المجيدة في التاريخ المعاصر.
وتشكلت الفرق بكافة أنواعها، فهناك فرقة من خبراء الزراعة وخريجي كلية ناصر للعلوم الزراعية (المتطوعين) يقومون بعمل دراسة لإحياء جنات الحسيني، ورياض الرمادة، بأشجارها وفواكهها وورودها ومسابحها، ودور الضيافة فيها حتى تصبح مشهداً أخاذاً للزائرين، لتعقد فيها المهرجانات الفنية، ودعوة الأدباء والفنانين من كل مكان في هذا العالم لحضور مهرجان يطلق عليه (مهرجان القمندان) الذي توقف منذ سنين عن الحضور الفني والإبداعي.
والفريق الآخر من المتطوعين ذوي الاختصاصات الهندسية العالية، يقومون بإعداد التصاميم اللازمة لقصور لحج الأثرية، والعمل على إعادة أوضاعها، والحيلولة دون تصدعها حتى لا تصبح أثراً بعد عين.
والفريق الثالث يقوم بحملات تنظيف ممنهجة، تكنس كل ما بقي من فضلات إنسانية وحيوانية وصناعية، وعمل حملة توعية تقنع الساكنين بغرس الأشجار عند بيوتهم لتكون لحج واحة خضراء.. وكتاب يخطون بريشهم عبارات خالدة تقول “ادخلوا لحجَ آمنين مطمئنين بإذن الله”.
السمرة السياسية في تلك الليلة من خريف عام 2001 هل كانت مجرد شطحات فكرية، أدلى بها المتطوعون الشباب الذين أزعجتهم حالة لحج المزرية، وحاولوا أن ينقذوها نظرياً على الأقل، فهل كانوا فاقدي البصيرة، وجاؤوا بما لم يكن في استطاعتهم تحقيقه؟، أم أن تلك الأفكار كانت عبارة عن مقدمة لإحياء مستقبل لحج بعد أن تكون قد توفرت لها الإمكانيات المادية والمعنوية.
وكان لقول السيد خالد بحاح رئيس مجلس الوزراء أثراً طيباً عند زيارته الحوطة، وإعلانه بشكل واضح وصريح عن نيته إعادة مهرجان القمندان، حتى تستعيد لحج دورها الثقافي والأدبي والتربوي، وتعيد بناء نفسها لتستقر الأوضاع فيها، وعندما تباد القيم والأخلاق تحل محلها الويلات والآثام، فقد استهدفت لحج في مآثرها وقيمها فكانت ضحية العبث والعدوان عليها، بعد أن كانت عامرة بالمحبة والوفاق.. فهل تتحقق رؤى المتطوعين، وهل جاءت الفرصة المناسبة لتنفيذ ما تم طرحه في ليلة السمر السياسية؟.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى