لا تجعلوه حكرا عليكم !

> محمد بالفخر

> في ذكرى التصالح والتسامح الجنوبية، وبعد مرور ثمانية أعوام على إطلاقها من جمعية ردفان الخيرية، هناك وقفات لا بد منها بعيدا عن تبادل التهاني بها، فالكثير غيري قد كتبوا في التهنئة بذكراها وكتبنا سابقا في مدحها والتعويل عليها كقيمة حضارية جنوبية لإحداث علاقات جديدة بين جميع فئات الشعب ومكوناته، وطي صفحات الماضي المؤلم الذي صنعه رفاق الأمس.
هنا سأكتب عن ذكرى التصالح والتسامح من زاوية أخرى، هناك الكثير من نظر إليها، لكن لم أقرأ لأحد تطرق إليها بقلمه.
حينما أطلقت الدعوات للتصالح والتسامح استبشرنا خيرا وكلنا قررنا تلبيتها أملا بأن تفتح أبوابا جديدة لعلاقة الجنوبيين بعضهم ببعض، سواء على مستوى المواطن والساسة أو الساسة بينهم البين، بكل تشكيلاتهم ومكوناتهم، لكن ما حدث كان غير ما ظننا وعكس ما تمنينا، فلم تكن دعوة التصالح والتسامح سوى حصانة ضمنية لمن مارس القتل والسحل والاعتداء على حقوق المواطن الجنوبي وتاريخه وهويته في الحقبة السوداء من التاريخ الجنوبي، وكأن الدعوة للتصالح والتسامح تعني فقط (أيها الجنوبيون امسحوا من ذاكرة الزمان الفصول الدموية من تاريخكم، وها نحن نقدم لكم أنفسنا بالشكل الجديد دعاة للتحرر والكرامة والحقوق، فقط عليكم نسيان الماضي، أما نحن فلن نسامح أحدا أو نتصالح مع أي مخالف)، وهذا الكلام تثبته خطابات الرفاق وتصريحاتهم وأفعالهم، فتارة يصمون الآخر بالعمالة ومرة بالتطرف وأخرى بأنه ما يزال ينتمي لحزب كان يوما ما أحد منتسبيه كمثل حزبهم.
يثيرون الشبهات حول الشخصيات الوسطية أو تلك التي لم تكن تنتمي لفكرهم، في حين أن هناك منهم من يلتقي رئيس الشمال وقياداته ليل نهار، وهناك منهم من تولوا مناصب في الدولة من ضمن المحسوبين عليهم، وهناك من يعلم الجميع عنه أنه يتحرك بتمويل من الداخل أو الخارج، والدليل حالة الرفاهية والعيش الرغيد التي ظهرت عليهم في السنوات الأخيرة، ويعلم الناس من هي الجهات التي تدفع بهم للمشهد السياسي ومع ذلك لا أحد يتطرق لهم أو يصفهم بالخيانة أو العمالة أو تنفيذ أجندات الآخرين من خلال شعار التصالح والتسامح “الحصانة الدائمة”.
ولو رأينا بعض منابر الإعلام الجنوبية التي كان يجب أن تكون لخدمة القضية والتقريب بين كافة الفئات والتوجهات لا سلاحا للتفريق والتخوين والتشكيك وتزيين صورتهم.. فهل يمارس حقيقة التصالح والتسامح؟.
التصالح والتسامح يجب أن يشمل الجميع، يجب أن نتصالح مع بعضنا جميعا لنجعل هدفنا هو الجنوب فقط، علينا أن ننقي علاقاتنا ونرتقي بخطاباتنا تجاه المخالفين لنا بالرأي أو التوجه، أما أن نطلق دعوات نخص بها أنفسنا فقط فهذا تدليس على المواطن البسيط الذي ما تزال الأيام السوداء محفورة في قلبه وعقله.
في مقالات سابقة كثيرة دعوت للتصالح الحقيقي بين مكونات العمل السياسي الجنوبي وبين الشخصيات الفاعلة في الساحة جميعا، وأن نتجاوز أحقاد الماضي وتلك الأساليب التي لم تخدم القضية الجنوبية بقدر ما أضعفتها.
أنا هنا لا أحاول إثارة النزعات أو الأحقاد أو أدعو للعداء، بل أرجو أن يشمل التصالح والتسامح كافة التوجهات وأن نمارس التصالح والتسامح بأرقى صوره وأصدقها، ولا تجعلوا التسامح والتصالح حكرا على جهة واحدة، في حين تخول لنفسها الإساءة لقامات جنوبية لم تلطخ يدها يوما بالمال أو الدم الجنوبي المحرم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى