فرحة ممزوجة بالألم لليزيديين العائدين من أسر الدولة الإسلامية

> لالش (العراق) «الأيام» ايزابيل كوليه

> تلقت الأسرة اليزيدية العزاء في وفاة ابنتها سعاد شاكر قاسم ذات الخمسة عشر عاما وافترضت أنها لقيت حتفها على أيدي متشددي تنظيم الدولة الاسلامية أو من حرارة الشمس الحارقة في شمال غرب العراق.
غير أن سعاد كانت لا تزال على قيد الحياة.
ففي العطلة الأسبوعية أخلى آسروها سبيلها مع نحو 200 من المسنين والمعوقين والمرضى من اليزيديين بعد أن قضت في أسر الدولة الاسلامية خمسة أشهر.
وقال شقيقها كوال (26 عاما) “لم أصدق” واصفا شعوره عندما وجدها بين المفرج عنهم حين تعرف عليها أحد أصدقائه في صورة واتصل به. وأضاف “جئت على الفور”.
كانت سعاد المصابة بإعاقة شديدة ترقد تحت بطانية في قاعة استقبال في لالش أقدس الأماكن لدى طائفة الأقلية اليزيدية.
في هذا المكان بعيدا عن أخطار الدولة الاسلامية التأم شمل من أخلى التنظيم سبيلهم بأسرهم وأقاربهم الذين اعتقدوا أنهم ماتوا.
وامتزجت فرحة العودة بمشاعر الألم إذ قال اليزيديون المفرج عنهم إنهم لا يستطيعون الشعور بالراحة والكثيرين من أحبائهم مازالوا في أيدي الدولة الاسلامية.
**خيار رهيب**
في أغسطس الماضي هاجم مقاتلو الدولة الاسلامية أجزاء من محافظة نينوى الشمالية تخضع منذ فترة طويلة لسيطرة قوات الأمن الكردية وهددوا باجتياح اربيل عاصمة اقليم كردستان العراق. وفرت الأقلية اليزيدية من قراها ولجأ الالاف إلى جبل سنجار القريب.
ولم يستطع كبار السن والضعفاء الفرار وتركهم الآخرون في البيوت. وهربت عائلة قاسم من قرية تل قصب في سيارة تكدس فيها أفراد الأسرة لكنها تعطلت ولذلك اضطروا لمواصلة الرحلة سيرا على الأقدام.
وحمل أحد الأشقاء سعاد العاجزة عن السير على ظهره. أما الأب الذي كان قد أصيب بجلطة فتخلف عن الركب.
وقال كوال قاسم الذي كان في كردستان في ذلك الوقت “اتصل بي شقيقي وقال لي لا أستطيع أن أحملها أكثر من ذلك. وقال أنا أمام خيارين إما أن أنقذ أختي أو أنقذ أبي. سأتركها هنا.” ولا تستطيع سعاد أن تحكي ما حدث لها لكن اليزيديين الآخرين قالوا إن المقاتلين الاسلاميين ظلوا ينقلونهم من مكان لآخر وقد أذعنوا لفكرة أن كل يوم تطلع عليهم الشمس فيه قد يكون آخر أيامهم.
**رحلة في الجحيم**
كان مقاتلو الدولة الاسلامية قد لحقوا بهم وهم يحاولون الهرب وطلبوا منهم العودة لبيوتهم وأكدوا لهم أنهم لن يصيبهم مكروه.
وبعد أيام جمعهم المتشددون ووزعوهم على مجموعات ونقلوهم إلى قرى مختلفة حيث ظلوا محبوسين في البيوت.
وجلب لهم المتشددون الطعام لكنهم قالوا إنه كان إما أقل من حاجتهم أو منتهي الصلاحية. وقال رجل إنه ظل محتجزا مع 570 آخرين لثلاثة أشهر في قرية كوشو.
وقال آخرون إنهم بقوا في مدينة سنجار نفسها.
وفقد أغلبهم إحساسهم بالزمن لكنهم قالوا إنه تم نقلهم في نهاية الأمر في مجموعات إلى مدارس خالية ثم إلى تلعفر غربي مدينة الموصل.. وتم فصل الشابات عن كبيرات السن وحصل أمراء الدولة الاسلامية على أجملهن باعتبارهن سبايا.
ومن هناك نقل البعض إلى الموصل وإلى سجن بادوش حيث وجدت إمرأة عمرها 59 عاما سعاد واعتنت بها حتى إطلاق سراحهما. وقالت المرأة “أشفقت عليها”.
**ما تلى من أحداث**
عندما أمرهم مقاتلو الدولة الاسلامية بركوب حافلات صباح يوم سبت اعتقد اليزيديون أنهم في طريقهم إلى الاعدام. لكن المتشددين أنزلوهم عند معبر على جسر يؤدي إلى الاراضي التي يسيطر عليها الأكراد.
ولم يتضح السبب وراء قرار الدولة الاسلامية الافراج عنهم وهي التي تعتبر اليزيديين عبدة الشيطان.
وقال بعضهم إن المتشددين أبلغوهم أن زعيم التنظيم أبوبكر البغدادي بنفسه أصدر عفوا عنهم بينما تكهن آخرون بأنهم كانوا طرفا في مبادلة.. وقالت خفشة مراد جرنوس (45 عاما) التي لا تعرف حتى الان مصير خمسة من أقاربها “كان هناك دائما أصحاب القلوب الرحيمة حتى في الدولة الاسلامية”.
وأضافت “أنا سعيدة أني حرة لكن ما دامت أسرتي في الاسر فكأني لست حية”.
وبجوارها كانت تجلس فينالة حسن حاجي (15 عاما) التي قالت إنها أنقذت نفسها من مصير أسوأ باتباع تعليمات أمها بالتظاهر بالصمم. وانتشرت شائعات بأنهم أصيبوا بعدوى مرض ما لنقلها إلى المنطقة الكردية. أما حما فارس خديدة خضر (59 عاما) فاستنتج أنهم لم تكن لهم ببساطة أي قيمة.
وقال خضر الذي كان يجلس في مقعده المتحرك عندما وصل المتشددون “أنظر إلينا. كلنا كبار السن ومقعدون. لم تكن لنا أي فائدة عندهم”. ولأنه مصاب بالشلل في النصف الأسفل لم يحاول الهرب.. وقال مبتسما “قالوا أسلم وإلا سنذبحك ولذلك نطقنا بالشهادة. ماذا كان يفترض أن نفعل؟” وقال اليزيديون المفرج عنهم إنهم لم يتعرضوا لمعاملة سيئة.
وأخذ أطباء عينات دم منهم لفحصها لمعرفة ما إذا كانوا مصابين بالايدز أو الالتهاب الكبدي.. وتوفيت إمرأة مسنة بعد ساعات من اطلاق سراحها كما اشتبه الاطباء في وجود بعض حالات الإصابة بالسل بينهم. كذلك كان عدد منهم مصابا بمرض جلدي يعرف باسم حبة بغداد أو البثرة الشرقية.. وبدت على آخرين مظاهر الاضطراب النفسي.
جذبت إمرأة ذات شعر أشعث تتجول في القاعة إحدى الحشايا من تحت يزيديتين وجلست عليها. ثم قالت في هدوء “روحوا هاتوا نواف” وبعدها صاحت “أنا نواف”.
وقال ممثل للزعيم الروحي اليزيدي بابا شيخ إن زعماء الطائفة يخشون أن تكون قد فقدت عقلها. وأضاف أنهم ليس لديهم أدنى فكرة عمن تكون أو عائلتها.
وخارج القاعة كانت قباب معبد لالش تطل على الخيام التي تضم أكثر من 100 أسرة يزيدية. وداخل المعبد دار اليزيديون حول مقبرة الشيخ عدي الذي يعد من أرفع الشخصيات في الديانة اليزيدية.
وهتفت إمرأة مسنة وهي ترفع يديها تضرعا “يا شيخ عدي. انتقم لنا من الدولة الاسلامية”. رويترز

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى