أول رئيس يتشبث باستقالته

> ماجد الداعري

>
ماجد الداعري
ماجد الداعري
سجل الرئيس اليمني المستقيل عبدربه منصور هادي موقفا نادرا في تاريخ رؤساء بلد يترأس هضبة مركزه المقدس أول رئيس جنوبي.
قدم الرئيس هادي استقالته بصورة مفاجئة، وأعلنها بكل بساطة ووضوح في ورقة واحدة اختتمها بالاعتذار للشعب اليمني، ولم يطالب بمبادرة خليجية أو عربية أو ينتظر ضغوط وتهديدات من مجلس الأمن، أو يتقدم باشتراطات ومطالب شخصية أو حصانة له ولأركان نظامه، ما جعل الكثير من منتقديه ومتهميه بالتعاطف معه، لا سيما ودعوته للشعب إلى الحفاظ على الأمن والاستقرار والقوى السياسية إلى سرعة التوافق على حل أزمة الفراغ الدستوري.
حتى الآن فشلت كل الجهود والمساعي الأممية التي بذلها المبعوث الأممي إلى اليمن جمال بن عمر في إقناع هادي للعدول عن قرار استقالته بعد إعلان مجلس الأمن وأمريكا ومجلس التعاون الخليجي تمسكها بشرعيته كرئيس منتخب من قبل ملايين اليمنيين.
أجبر هادي على الاستقالة في مواجهة مشروع انقلابي ووسط أمواج عاتية من الاتهامات التي وجهت إليه حد اتهامه بالتآمر على نفسه وأركان نظامه، نتيجة حسابات عسكرية وسياسية خاطئة، غير أن المتابع الواعي لحقيقة مجريات الأموار والتطورات التي شهدتها اليمن يدرك جيدا وبوضوح تكالب قوى المركز المقدس وتآمرها على إسقاط الدولة بكل الوسائل في مواجهة رئيس وقوى حكم من خارج الهضبة المقدسة.
أعلن هادي استقالته من داخل منزله الكائن وسط صنعاء، ولم يحاول الهرب لإعلانها من بلد آخر أو حتى من مسقط رأسه وعاصمة دولته الجنوبية السابقة التي يطالب الملايين من أبنائها منذ عدة سنوات باستعادة استقلالها كحل لا بديل عنه لقضيتهم، ولم يحاول الابتزاز السياسي الرخيص باسم الجنوب للبقاء أو التشبث بكرسي سلطة يبكي سلفه فقدانه لها حتى الساعة، ولم يحاول استثمار شرعيته الديمقراطية للحصول على مكاسب شخصية، ولا استغلال تأييد العالم له ولشرعية نظامه السياسي في المفاوضات مع محاصريه لمنحه حق مغادرة اليمن أو العودة إلى الجنوب.
أجبر المركز المقدس الرئيس هادي على ترك كرسي الحكم في بلد لم يحكمه بعد، رغم مرور قرابة 3 أعوام من تسلمه الشكلي لبقايا دولة مشلولة المؤسسات وخاوية القوى وعديمة الإمكانيات، وحاول جاهدا خوض التحدي والسعي لاستعادة الدولة من بين مخالب ذئاب أحكمت قبضتها على أشتاتها طويلاً، إضافة إلى تسلمه الوهمي لزمام قيادة جيش مشتت بولاءاته الشخصية بصورة أوصلته إلى التناحر بشوارع صنعاء.
قرر هادي ترك سلطة إرادته موظفا مخلصا لمشروع هيمنة تاريخية بكل سلام وبأقل كلفة ممكنة، وبكل شجاعة، ولم يقبل أن يقدم حراسه قرابين لنجاته وأفراد عائلته من مخاطر الموت الذي أودى بعدد منهم لحظة مهاجمة منزله.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى