السلم والشراكة بطعم المرارة

> عياش علي محمد

>
عياش علي محمد
عياش علي محمد
حين يشق الفجر طريقه نحو الكون، تشعر الكائنات الحية بالسلام، فالفجر الهادئ هو السلام والطمأنينة، وعندما تبزغ الشمس ويطلع النهار تصحو الكائنات الحية ويبدأ الصراع الأبدي بين الشر والخير.
ومن أجل حل الصراع بين الكائنات البشرية، عثر فلاسفتها على طرق وأساليب حل الصراعات ونجحت مجتمعات بشرية في إيجاد صيغة توافقية تصنع لها السلام، فانتهت واجبات البندقية، ووضعت على الرف أو في متحف اللوفر الفرنسي لأن الصراع الذي كان يدور بينهم، والذي كان يقوم على أساس الغالب والمغلوب انتهى، واستبدل الصراع الوحشي بين المجتمعات إلى صراع مخملي يقوم على أساس قوانين السوق الاقتصادية، استخدمت فيها العقول من أجل الكسب والربح ومن يجيد استخدام عقله في التجارة يكون هو الرابح، وانتهت في تلك المجتمعات الصراع على السلطة الذي تتجمع فيها الأموال والمكاسب والجاه والنفوذ، والخدم والحشم، وأنهت تقاليد التمايز واعتبار كل شيء تحتهم هو ملك يمينهم.
وعندنا في اليمن يتحول السلام إلى منبر للابتزاز، وممارسة الحقد، والإهانة، وإذلال الخصوم، ومن يمارسون باسم السلام كل أنواع المظالم بما فيها السيطرة على ممتلكات ضحاياهم.
وباسم السلام انتشرت الحروب في اليمن، وباسم الحرية اقتيد الكثير من الشرفاء إلى السجون، وباسم السلام والشراكة أسقطت عواصم المحافظات. والقوة لا تصنع السلام، ومن يفرض قوته وهو مجرد جزء يسير من هذا العالم يقود نفسه نحو الهلاك.
(من فضلكم) أديروا هذه البلاد التي اسمها اليمن بالسلام الحقيقي واجعلوا سكانها يتمتعون بالهدوء والوئام، وابنوا حياة تقوم على المنافسة الحرة في السوق الاقتصادية واجعلوا الناس تجرب حلاوة الانتصار في السوق، وأوعزوا لهذا العقل أن يدخل معارك السوق الاقتصادية ويجرب الاستمتاع بالربح أو حسرة الخسارة في السوق.
استعيضوا عن البندقية بالتجارة البينية، واجعلوا من ساحات الموانئ ساحات للتنافس على بناء هذا المجتمع وتقدمه، فكل جماعة تحاول أن تبني نفسها من خلال وصولها إلى السلطة، ستندم بعد ذلك، لأن غيرها سيحاول مثلها الوصول إلى السلطة. ومن يبني أساسا متينا للنمو والتطور هو الذي سيحق عليه القول بأنه الباني الأول لهذه البلاد.
ابتعِدوا عن التهور، وإذلال الرموز السياسية وحطها في السجون، ولا تحرقوا الجسور التي يمكن أن تحتاجوا إليها عند عودتكم. وبدلا أن تظلوا حارسين للأسود وهي مقيدة في أقفاصها دعوا الأسود تخرج لتدافع عن نفسها بدلا أن تظلوا حارسين على أقفالها وأقفاصها.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى