أرجو ألا يكون الأمر تحمسا أكثر منه قدرة

> جلال عبده محسن

>
جلال عبده محسن
جلال عبده محسن
على الرغم من حالة الحيرة والإرباك التي تشغل بال الساسة والمحللين والمثقفين عن حقيقة ما يجري في المشهد السياسي بعد التطورات السريعة والمذهلة على الأرض منذ سيطرة جماعة الحوثي على مظاهر الحياة العسكرية والمدنية والسياسية منذ 21 سبتمبر من العام الماضي، والتي باتت أكبر من مخيلة الكثيرين ممن يحاولون قراءة حقيقة ما يجري في المشهد السياسي وتعقيداته أو حتى الاقتراب منه، والذي وصل معه الأمر إلى إجبار الرئيس التوافقي والحكومة على تقديم الاستقالة جراء فرض سياسة الأمر الواقع.
وما أود الإشارة إليه هنا هو ذلك التأكيد الصادر من الكتلة الجنوبية لمجلسي النواب والشورى ومطالبتهم وفقا للبيان الصادر منها لمجلس الأمن ودول الخليج، وخصوصا مجلس التعاون الخليجي، لتمكين الشعب الجنوبي من تقرير مصيره عبر استفتاء شفاف، وتحت إشراف هيئة الأمم المتحدة، ومع ارتفاع راية الجنوب خفاقة على مختلف المباني والمؤسسات الرسمية في العاصمة عدن ومختلف مناطق الجنوب، وهو من دون شك قرار شجاع له أبعاده ودلالاته السياسية التي تتقاطع من آمال وطموحات شعب الجنوب، وإن جاء متأخرا وظل متعارضا مع قوى وفصائل الحراك الجنوبي حتى استقالة الرئيس التوافقي عبدربه منصور هادي، ومع ذلك فإنه يمثل إضافة جديدة ورافدا قويا للحراك الجنوبي المؤمن بفك الارتباط واستعادة الدولة الجنوبية، الدولة التي كل أبنائها مدينون لها ومطالبون بإعادة روح نظام الحكم المدني الذي كان سائدا في الجنوب، والمغتصب منذ حرب صيف 1994م لدولة طالما نشأنا وعشنا فوق أرضها وتحت سماها، وأنعشنا بهوائها وشربنا من مائها وأكلنا وانتفعنا من خيراتها.
أقول بأن هذا الموقف المحسوب للكتلة الجنوبية لمجلسي النواب والشورى أتمنى أن يكون موقفا صادقا يعبر عن صحوة واستيقاظ للضمائر باستحالة التقارب السياسي بين ثقافة الحكم المدني وثقافة الحكم القبلي القائمة على النهب والفيد والتهميش والإقصاء وإلغاء الآخر، لا عبارة عن حسابات تكتيكية للمناورة وكسر العظم فرضتها الظروف الراهنة، والتي أجبرت الرئيس التوافقي على الاستقالة، وأنه يمكن التخلي عن ذلك الموقف والعودة لموقفها السابق بمجرد زوال الظرف أو العارض، وهو الأمر الذي سيعد موقفا متحمسا أكثر منه قدرة، وهو ما ستجيب عنه الأيام القادمة، والأشياء تحاكم بنتائجها لا بوقائعها وظروفها.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى