السياسة خساسة.. خذوا الحكمة من أفواه (المجانين)

> علي راوح

>
علي راوح
علي راوح
عندما كنت في سن مبكرة لا تتجاوز التاسعة أو العاشرة، وتحديداً في مدينة المعلا مطلع الستينات، كان هناك رجل معتوة (مجنون) يهرع في الشوارع وفي سوق المعلا وفي الشوارع الذ تقع في سينما المعلا (شارع السواعي) فكان هذا المعتوة يجري طوال اليوم ويردد عبارة (السياسة خساسة) ولا يقول شيء غيرها.. كنت أنا وأترابي من الصبية نضحك من عبارتة هذه وكنت أنا لا أفقة ما معنى السياسة وما معنى الخساسة رغم ضحكي من هذه العبارة.
ومرت الأيام وبدأت أكبر سنة بعد سنة وجاءت ثورة 14 اكتوبر 63م وبدأنا نسمع بالسياسة من خلال حديث الناس وحديث الصحافة عن النضال ضد المشتعمر البؤريطاني ومن خلال المنشورات التي كانت تلقى في الشوارع والأسواق والمساجد، فكنت أخذ المنشور وقرأ مافيه مرة وأخرى، وبدأت في تناول الصحف اليومية والإسبوعية ومنها هذه الصحيفة «الأيام» التي أصدرها الاستاذ المناضل محمد علي باشراحيل عام 1958م ولي قصة طريفة مع هذه الصحيفة فرغم عدم تمييزي أو درايتي بتوجه كل صحيفة مثل الايام واليقظة وفتاة الجزيرة والمصير وغيرها لكني كنت معجب بأسم صحيفة "الأيام ومعجم بشكل ترويستها، وذات يوم أرسلني عمي وأعطاني (6 أنات) أو (عانات) لأشتري ثلاث صحف مختلف فذهبت إلى مكتبة الشيباني واشتريت ثلاث نسخ من صحيفة «الأيام» فنصحني صاحب المكتبة وقال خذ الايام وغيرها صحيفتين مختلفتين وبجهلي وحبي لهذه الصحيفة أصريت على شراء 3 نسخ منها دون الأخذ بنصيحة صاحب المكتبة وعدت إلى المنزل وسلمتها لعمي وما أن رائها حتى أنفجر من الضحك وأنا مندهش لماذا يضحك، فقال لي هذه الثلاث النسخ هي نفسها وأشار إلى العناوين وكلها متطابقة وارجعني إلى المكتبة فبدأت أفهم..
أعود إلى موضوعي حيث بدأت أقرأ وأفهم اشياء يسيرة في السياسة وعلمت أن هناك فصيلين يناضلان من أجل إخراج المستعمر وتحقيق الاستقلال وهما : الجبهة القومية (N>L>F) وجبهة التحرير ( FLosy) وأن هناك فصائل أخرى فضلت النضال السلمي دون الكفاح المسلح قبل الرابطة وغيرها من الفصائل السياسية.. وبدأت أسمع أن اخوين في مدينة المعلا أحداهما ينتمي للجبهة القومية والأخر إلى جبهة التحرير، وكانا على خلاف شديد يصل إلى حد تهديد أحداهما للآخر بالتصفية الجسدية وكانت أمهما تندب حضها جراء هذا الخلاف بين ولديها، ومن ثمة سمعت حكاية مفادها ان اخوين اخرين في منطقة القاهرة بالشيخ عثمان قتل إحداهما الاخر بسبب إنتمائها كل إلى فصل ولكن هذه المقولة لم تتأكد لي،، هنا بدأت اعود بذاكرتي إلى عبارة الرجل المعتوة (السياسة خساسة) ثم جاءت أحداث ومنها مقتل أبناء السيد عبدالقوي مكاوي الذين لقوا حتفهم وهم في ريعان الشباب بتفجير آثم من أحد الفصائل السياسية نكاية بموقف والدهم السياسي بتعمقت لدي عبارة المعتوة بأن (السياسة خساسة) وأي خساسة بل ونجاسة أن يقتل الاخ اخاه او غيرة لمجرد الإختلاف في وجهة النظر.. ومن ثم جايء مقتل علي حسين القاضي الذي أغتيل لمجرد موقفة السياسي وأتذكر إنة احضروا جثتة إلى منزل قريب من منزلنا في شارع الصومال بالمعلا خلف مسجد هائل، وهرعت مع الشباب وشاهدت جثتة ملقاة على السرير قبل غسلة وتكفينة، ثم جاءت الحرب الأهلية بين القومية والتحرير التي اشتعلت في المنصورة والشيخ عثمان وراح ضحيتها الكثير من الشباب، فتأكد لي ان (السياسة خساسة) وتيقنت صحة المقولة (خذوا الحكمة من أفواة المجانين) وبعد الاستقلال 1967م لم تمر سوى عام و7 أشهر تقريباً حتى أطيح بأول رئيس لليمن الجنوبية الشعبية من قبل رفاق دربة، وتوالت محطات تصفية الرفاق لبعضهم دون إعتبار لرفقة النضال التي جمعتهم، وتحضرني مقولة في محاضرة للمناضل علي عنتر الذي قال: كنا رفاق متحابين نفدي بعضنا بعضا وكنا في جبهة ردفاع نتقاسم كسرة الخبز اليابس ونأكل الدوم ونشرب الشاي ونصبر على الجوع.. هكذا كان المناضلون في جبهة النضال، لكن السياسة الخسيسة فرقتهم وتوالت الأحداث ومنها أحداث 20 مارس وأحداث 14 مايو 1968م ثم 22 يونيو 1966م ويونيو عام 1978 واحداث عام 1980 وصولاً إلى الكارثة في 13 يناير 1986م.. فلتككن تلك الأحداث دروساً يجب الاستفادة منها.. وعشمنا اليوم أن يكون إتفاق الصلح والتسامح قد أنهى كل الأحقاد والمأسي، وأملنا ان يتوحد الجميع بنية صادقة وأن ينظروا إلى المستقبل ويسود الحب والسلام وعدم التخوين أو الإقصاء للاخر وان يكون القاسم المشترك هو حب الوطن والحرص على مصالح المواطن اسال الله ان يوفق الجميع لمافية الخير والعزة والكرامة لهذه الأمة..

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى