خيارات الحوثي ما بعد الإعلان الدستوري

> هشام السامعي

>
هشام السامعي
هشام السامعي
رمى الحوثي بآخر أوراقه باكراً بتفرده بالإعلان الدستوري محاولاً فرض ما يظنه غلبة القوة على أرض الواقع، متجاهلاً ما يمكن أن ينتجه هذا التفرد والهيمنة من انكشاف ظهره لخصومه المترقبين منه بفارغ الصبر تسرعه والذهاب نحو الإعلان الدستوري، وعليه يمكن تخيل بعض الخطوات التي ستخطوها جماعة الحوثي في الطريق نحو ما كانت قد بدأت به من فرض سيطرتها على أرض الواقع بقوة السلاح، ويمكن تحديد هذه الخطوات على النحو الآتي:
- سيحاول الحوثي تشكيل لجان شعبية لإخضاع بقية المناطق التي لا زالت خارج سيطرته مثل تعز ومأرب، وهما المحافظتان الممانعتان لأي تدخل من أية مليشيات تتبع جماعة الحوثي، وسيكون أمام الحوثي خياران أحلاهما مُر، إما الزج بمليشياته في مواجهة مباشرة للسيطرة على هذه المناطق أو الانكفاء على نقاط التماس التي وطأتها ميلشياته والبقاء عند حدودها، وهذا سيكون الاختبار الحقيقي لمدى قدرة هذه المليشيات وقوتها، خصوصاً وهي لم تختبر بشكل جاد ومباشر ومنفرد، إذ كانت كل تحركاتها وتوسعاتها تتم عبر التحرك في المناطق التي يوجد فيها حاضن اجتماعي لهذه الجماعة أو عبر إسنادها بقوات لا زالت تذعن بالسيطرة للرئيس السابق علي عبدالله صالح.
- ستبدأ حركة الاحتجاجات تتزايد في مناطق مختلفة، وستختلف طرق الاحتجاجات من منطقة إلى أخرى، إذ يمكن تخيل بروز حركة احتجاج واسعة في المدن الرئيسية، وتحديداً مدينة تعز التي يعتبرها بعض المراقبين (ترمومتر) التأثير والتغيير في البلد، سينتج عنها ظهور حركات احتجاج شبابية مرادفة للحركات الشبابية في بلدان الربيع العربي، يغريها في ذلك أن الحوثي يفتقر للحاضن المدني الذي ينظر إليه العالم كمؤشر لمشروعية الدعم والمساندة من قبله، بينما في المقابل يمكن بروز حركة احتجاجات مسلحة في المناطق التي سيطر عليها الحوثي بقوة السلاح ونتج عنها جملة من المظلوميات التي وعد الحوثي أن يعالجها بجبر ضررها، وهو ما لم يتم حتى الآن.
- يحتاج الحوثي إلى اعتراف خارجي بشرعية ما قام به “الإعلان الدستوري” وهو ما سيفشل فيه الحوثي بعد رسائل الإنذار والتحذير من الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن، وسيكون أمامه خياران إما الرضوخ للشروط الانتهازية لبعض الدول التي يمكنها أن تمنح الحوثي الاعتراف بشرعيته في مقابل أن يمنحها الحوثي مجموعة من المصالح والتنازلات داخل البلد، وإما الانكفاء على ذاته والاستسلام لحالة الحصار التي ستفرضها الدول الراعية، ويمكن ملاحظة أن الحوثي لا زال يتحرك بدون أي غطاء خارجي غير التواصل بشكل سري مع أجهزة المخابرات الإيرانية.
- في أسلوب تعامله مع الجنوب سيجد الحوثي نفسه أمام قضية ظلت غير قادرة على توحيد صفوفها للدفاع عن قضيتها، لكنها الآن ستكون أكثر قدرة على توحيد ما ستقدر عليه أمام خصم يريد العودة بها إلى ما قبل يوليو 2007م، أي إلى ما قبل ظهور الحراك الجنوبي (القضية الجنوبية)، وهو ما يعني دخوله في مواجهة مباشرة مع الحراك الجنوبي الذي حاول أن يختزله في شخصية ثانوية وغير فاعلة على الأرض مثل (حسن زيد بن يحيى).
- حالة الإذلال التي مارسها الحوثي ضد قيادات الأحزاب السياسية أنتجت حالة من السخط داخل هذه الأحزاب، وهو ما سيعجل بظهور وجوه جديدة تقود العمل السياسي لهذه الأحزاب، وهو ما سيجبر الحوثي على التعامل مع وجوه جديدة لم يألفها من قبل بما يرغمه على تغيير طريقة تعامله معها بندية، ويمكن لهذه الوجوه انتزاع مكاسب جديدة تكتسب بها حضوراً جماهيرياً يسحب الأضواء عن جماعة الحوثي التي ظلت تفاخر بوجوه قياداتها الشابة.
- إذا ما افترضنا بأن الإعلان الدستوري استطاع تشكيل الهيئة الوطنية التي أعلن عنها، وكذلك اتفقت هذه الهيئة على انتخاب مجلس رئاسي فسيكون الاختبار الأول لهذا المجلس هو اتفاقه على قوام الحكومة الجديدة التي يفترض على المجلس الرئاسي اعتمادها، وبعدها سيكون الاختبار الأصعب على هذه الحكومة هو قدرتها على فرض قراراتها على جميع المحافظات ومدى قبول المحافظات بها، خصوصاً بعد بروز دعوات تنادي بفصل معظم محافظات الجمهورية عن أي قرارات تُصدر من صنعاء.
كما أن علاقته بالرئيس السابق ورجال حكمه، وطريقة إدارة التحالفات التي كانت قد مهدت للحوثي الوصول إلى هذه المرحلة من القوة والظفر سيظهر فاتورة ضخمة لن يكون بمقدوره دفع تكاليفها.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى