وكم ذا بصنعاء من المضحكات ولكنه ضحكٌ كالبكاء !

> فتحي أبو النصر

>
فتحي أبو النصر
فتحي أبو النصر
ثمة سماجة مقرفة لا تُحتمل في دعوة بيان الإصلاح للحوثي التراجع عن إعلانه.. سماجة لا تفهم أبجديات العمل السياسي ومعنى الشعب والكيان الوطني والشرعية القانونية وما تتطلبه المرحلة من تضحيات وشفافية مع الذات والآخر.
يقول البيان بأن “الحوثيين انقلبوا على الحوارات ويطالبهم بالتوافق الوطني”، متناسيا بأنهم انقلبوا على كل شيء وليس على تلك المهدئات السخيفة التي كانوا يخادعون بها الساسة والمجتمعين الإقليمي والدولي.
بالطبع نقدر خشيتكم من عمليات البطش الحوثية.. لكننا نأسف إذ تظهرون وانتم تؤازرونها ولو عن طريق اللا وعي مثلا.
أما السماجة المضاعفة فجاءت من موقف أنفار حزب الحق الذين ظهروا وهم يحملون راية الطائفة لا راية اليمن من خلال بصمهم بالعشر على الإعلان الحوثي.
على أن التاريخ سيقول بأن بيان المؤتمر كان أقوى وأوضح في كثير من معطياته، لكنه رغم كل شيء سرعان ما أورد حكاية “مخرج دستوري توافقي للأزمة”، وهنا مربط المسألة التبريرية اللئيمة التي يراد العودة لها.
بصريح العبارة نقول لهؤلاء: تظهر جماعة الحوثي أكثر صدقا منكم مع نفسها بغض النظر عن اختلافنا معها.. ذلك لأنكم تظهرون أحزابكم وجماهيركم بلا شرف ولا مسئولية، حيث كل همكم - كقادة - هو نصيبكم من الكعكة، لا حاضر البلد والشعب ومخاطر مستقبلهما الذي على كف عفريت.
فقط تعظيم سلام لا بد منه - وهو كإنصاف منتزع - لموقف الناصري كحزب لم يقبل تسويفات وتسويغات وإذلالات ومطامع كل أحزاب اللف والدوران حتى الآن.
أما لمن كتب بيان الاشتراكي الأخير فنقول: إن البيان السياسي يسمي الأشياء بمسمياتها، هذا أولاً.
وثانيا: (ما فيش حاجة) في أي بيان محترم اسمها (كأنه) أو دعوة الجهة التي فعلت ما فعلت (إلى إثبات حسن نواياها).
لذا على من طبخ ذلك البيان أن يأكله لوحده فهو مسموم بما سمي (الدعوة إلى إقامة التوافق حول سد الفراغ في هيئات السلطة) بحيث تبدو النتائج التي حدثت بدون مسببات يجب أن تنتهي حتى لا تتكرر نتائجه وتصل إلى مرحلة ما بعد الكوارث، أي أن المرء وهو يقرأ البيان يتصور تلقائيا عدم حدوث أي اعتداء انقلابي على الرئيس ورمزية الدولة ومؤسساتها الشرعية فضلا عن عدم مكوثات متوالية من الحوثيين تجاه كل الاتفاقات.. بالتالي فإن المضمر من هذا البيان هو اللهاث بعد الشراكة كالأحزاب السابقة، وتحديدا الشرعنة لجماعة انفردت، وقالت “طز بالجميع”.
عوضا عما سبق فإنه البيان الذي لا يصلح لمرحلة مفصلية كهذه، بينما كان من الضروري على الحزب دعوة جماهيره للنزول للشارع لاستعادة دولتهم، إضافة للوقوف مع شباب الحزب الذين يتم التنكيل بهم من قبل الميليشيا الحوثية منذ أيام.
كما أنها مرحلة لا تقبل تذبذبات المواقف على الإطلاق باعتبارها مرحلة قد نسف فيها الإعلان الحوثي فكرة الدولة وكامل العملية السياسية لصالح مزاج جماعة مأزومة تنظر لليمن الشاسع والعظيم من ثقب صغير ومهووس في مران.
في السياق ليس لنا سوى أن نؤكد أن أنقى ما في الأحزاب هم شبابها، وبالذات شباب الاشتراكي (القادة الحقيقيون الذين في الشارع).
ولقد كان الشعب بانتظار بيان تاريخي أكثر وضوحا وموقفا، الأمر الذي يليق بمواقف الحزب الخالدة - وهو حزب الحركة الوطنية اليمنية - غير القابلة مواقفه المتجذرة أبدا للمساومة أو التضليل أو التجريف في القضايا الكبرى مهما كانت الظروف والشدائد.
بل لعل الخلاصة المؤلمة من كل هذا العبث هي أنه لا أتفه من الذين يطالبون جماعة مسلحة كهنوتية لا تحترم السياسة ولا الحقوق ولا الحريات ولا الشراكة بممارسة السياسة واللا عنف، مع وجوب إثبات حسن نواياها المدنية وتجنب الإقصاء أيضا.
يشبه الأمر بمن يطالبون من الغول المشاركة معه في صيده، وهو قادم من غزواته، بينما يستعد لغزوات أخرى، وذلك كي لا يكون بنظرهم غولا أنانيا أو طائشا، لأنه يفترس لوحده تاركا الغربان بلا أدنى ديدان على الأقل، مع أن الغول الذي لا يشبع صار على وشك تشممهم، وتشمم الغربان وبلعهما دون أن يرف له جفن كما تشير عديد معطيات.
كذلك تبدو عقدة المشاكل كلها كامنة في أن هؤلاء (زعلانين) من خطوات الغول الانفرادية.. ركزوا على الانفرادية.. يعني كأنهم (كانوا يشتوها خطوات جماعية ولا كيف؟).
أولئك من يصيبونك أيتها اليمن بالانتكاسات دائما.. وعليهم رحيق لعناتك.
وياليت المتنبي قال: “... وكم ذا بصنعاء من المضحكات.. ولكنه ضحكٌ كالبكا)!.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى