سقيفة بني ساعدة في صنعاء

>
فريد الصحبي
فريد الصحبي

سقيفة بني ساعدة اليوم هي في صنعاء.. ما جرى في سقيفة بني ساعدة من صراع تاريخي في المدينة المنورة إثر وفاة النبي عليه الصلاة والسلام لا يختلف كثيرا عما يجري اليوم في صنعاء وعواصم عربية أيضا.
في سقيفة بني ساعدة كان الصراع على السلطة بين أهل مكة وأهل المدينة، بين المهاجرين والأنصار، قحطانيين وعدنانيين، كل فريق يريد تصفية الآخر وتحجيمه، مع أن القرآن يقول لنا: “وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا”، وليس لتقاتلوا.. وعلى أن نكون أمة واحدة، يجمعها الإيمان والعمل الصالح، فلا قبلية جاهلية ولا عصبية، لا مناطقية ولا عنصرية، لا طائفية ولا مذهبية، بل يأمرنا الله تعالى أن نتعاون على البر والتقوى، وليس على الإثم والعدوان.
كل تلك التعاليم ذهبت أدراج الرياح في حمى الصراع على السلطة والمصالح الشخصية، لكن إرادة الله جعلت نهاية ما جرى في السقيفة (فلتة) كانت على يد الفاروق عمر بن الخطاب، رضي الله عنه.
الفاروق الذي لم يتمخض التاريخ عن حاكم مثله، حاكم بكى خشية أن تتعثر بغلة في طريق العراق فيعاقبه الله لأنه لم يعبِّد لها الطريق.. (أين جمعيات حقوق الحيوان.. ناهيك عن حقوق الإنسان).. حاكم بكى لمشهد امرأة كانت تطبخ الحجارة لأطفالها الجوعى، فأمر بأن تصرف إعانة المواليد من يوم مولدهم.. حاكم قال “صدقت امرأة وأخطأ عمر”.. حاكم قال لمواطن عادي بسيط “اضرب ابن الأكرمين كما ضربك”.. حاكم شاهده زائر غريب نائما تحت شجرة على قارعة الطريق، فهتف مندهشا “حكمت فعدلت وأمنت فنمت”.
ولكن ما يجري اليوم في سقيفة بني ساعدة في صنعاء يجري بدون عمر، وشتان بين عمر و(بنعمر).. فيا أهل اليمن، الأرق قلوبا والألين أفئدة انتبهوا، إن التاريخ يعيد نفسه ليس في صنعاء وبلاد العرب والمسلمين فقط، بل في العالم كله، ربنا ليس رب العرب وحدهم، ربنا رب العالمين، فلا تنظروا لما هو تحت أقدامكم فقط بل انظروا بعيدا.. سقيفة بني ساعدة اليوم في مجلس الأمن بعد أن امتد (الإرهاب) إلى داخل فرنسا غرباً، وإلى أقصى الأرض في اليابان شرقا، وإلى شمال أفريقيا في ليبيا، وجنوبا (بوكو حرام) في نيجيريا.
إنها إرادة الله، “يمكرون ويمكر الله، والله خير الماكرين”.. إنها مقدمة ثورة عالمية، وصحوة إسلامية عالمية، ثورة تصحيح إسلامية تشارك فيها كل البشرية، فالساعة لن تقوم يا سادة إلا بعد أن يجعل الله الناس أمة واحدة، “ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين فيه...” (هود - 118).
إنه تدبير إلهي قادم.. الله يلفت انتباهنا إليه، في الوقت الذي مازلنا مختلفين في فهمنا ومعتقداتنا في الدين، وسيحاسبنا الله على هذا الاختلاف.. إلا من رحم ربك، ولذلك خلقهم، “وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين”. (هود - 119).

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى