الرئيس علي ناصر محمد.. حكيم سياسي

>
كتب / عياش علي محمد
كتب / عياش علي محمد

لم أرَ سياسيا حظي بقبول المجتمع لقيادته غير حكيم الجنوب علي ناصر محمد، الذي مارس العمل السياسي منذ نعومة أظفاره، فشغل العديد من الوظائف الحكومية، بدأها مدرسا في المدرسة المحسنية بلحج، وانتهى به المطاف إلى رئيس دولة في الجنوب.
وحاز الأخ علي ناصر محمد الكثير من الخبرات لتداوله العديد من الوظائف الحكومية السياسية، وكان له التأثير الأكبر حين حاول التقليل من تدخل الدولة في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية إلى الحد الأدنى الضروري للمحافظة على السلم الاجتماعي.
وانتهج الرئيس علي ناصر محمد سياسة (انفتاحية) على الدول الشقيقة والصديقة، وحاول إبطال تلك السياسات الهجومية التي كانت تقلق الجيران بشعاراتها المتطرفة التي هدفت إلى تصدير الثورات، فأقدم على ترسيم الحدود مع سلطنة عمان كـ(عربون) لصدق النوايا الأخوية والمحبة بين الدولتين الشقيقتين والشعبين الشقيقين.
والرئيس علي ناصر محمد شخصية جذابة، استطاع كسب القلوب قبل العقول بهدوئه وأسلوب حواره وتواضعه وأخلاقه وذكائه، واستطاع بهذه المواصفات أن يتلقى العديد من المساعدات والهبات المالية الاقتصادية، أنشأ بها العديد من المنشآت السكنية والتعليمية والطبية والفندقية، ودعم الكوادر الجنوبية بإعطائهم عددا من الامتيازات التي كانوا محرومين منها بتقديم السيارات الخاصة بالكوادر ومنح الشقق السكنية، وشجع النمو الثقافي والإعلامي والفكري، فتحصل العديد من الأدباء والشعراء والفنانين على حقوقهم في طباعة كتبهم ونشر مقالاتهم والمشاركة في المؤتمرات الصحية والفنية والأدبية، والحصول على مستحقاتهم المالية.
وحاول الرئيس علي ناصر محمد في بداية رئاسته للجنوب أن يتبنى سياسات إصلاحية ينفذ من خلالها برنامج إصلاح سياسي واقتصادي وثقافي على شكل (بريسترويكا جنوبية) ينفذ منها إصلاحاته ويحرر بلاده من الجمود العقائدي والركود الاقتصادي.
وقاد الرئيس علي ناصر محمد رئيس الحكومة الجنوبية أكبر عملية إصلاح في بلاده، فانتعشت حالة الناس وآمالهم، وبدأت تبرز علامات الفرح الجديد عندما غطت الأسواق الملابس العصرية لمختلف الأعمار وتزايدت معدلات السلع الموضوعة في رفوف الدكاكين، وانتعشت الأسر العدنية، وانتشرت المسارح والحفلات الموسيقية، واستجاب العديد من الفنانين العرب لدعوتهم للمشاركة في الاحتفالات الوطنية، وبدأت تظهر عدن كواحة ثقافية للأدباء العرب والمثقفين والممثلين من السينما العربية والأجنبية.
ولا يزال هذا السياسي الحكيم يحظى بالاحترام في أقواله وتصريحاته ومواقفه، فقد كانت له رؤية سياسية عندما أعلن، في العديد من الصحف العربية والأجنبية، ضرورة بناء مرحلة التسامح والتصالح، وكانت هذه اللحظة الجديرة بالدراسة والتطبيق عندما ألهم الجميع رص الصفوف وبناء الثقة بينهم لتفويت الفرصة على أعدائهم.
وكان آخر تصريح لسيادته عندما عرضت عليه رئاسة الجمهورية اليمنية بعد 21 سبتمبر 2014م بعد سقوط صنعاء ونظام الحكم الذي جاءت به المبادرة الخليجية، ومؤتمر الحوار الوطني ووثيقة السلم والشراكة.
وحسب إفادة العديد من المصادر الإعلامية التي تلقفت تصريحات السيد علي ناصر محمد حول إمكانية قبوله في تأدية دوره الجديد برئاسة الجمهورية إذا تم الاتفاق على مبادئ قيام شطرين أو إقليمين في اليمن (إقليم شمالي وإقليم جنوبي) بضمانات دولية وفترة اختبار مؤقتة تؤدي في الأخير إلى استفتاء الجنوبيين في حقهم بالعيش في دولتهم المستقلة أو الانخراط مجددا في الوحدة.
هذا هو موقف الرجل الحكيم الذي لا يسمح للعاطفة أن تحكم القلوب والعقول، وهو الرجل المشبع بوطنه ونضاله وتاريخه الذي وضع عليهم إبهامه وأمضى عليهم بمواقفه التي لازالت تحملها الذاكرة له.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى