كثيرة هي الأسئلة التي تتبادر إلى ذهن المواطن اليمني اليوم حول (الحوثيين)!! فتجد البعض يتساءل عن المنبع والمنشأ الديني الشيعي المسلم للزيدية في اليمن، ويضع الحوثية كظاهرة حديثها لها ويقارن بينها وبين الظواهر الشيعية المتطرفة في إيران أو العراق أو لبنان أو غيرها من البلدان.
والبعض الآخر يأخذ منحى التطرف الديني والإصرار المذهبي وفرض الرأي بالقوة كسمة من سمات الظاهرة الحوثية، وهناك من يقترب أكثر من الواقع ويبدأ بتناول هذه الظاهرة الحديثة القديمة في نفس الوقت على المجتمع اليمني بأنها ناجمة عن تراكمات سياسية إقصائية مجتمعية طغت على أبناء صعدة من بعد ثورة 26 سبتمبر 1962م التي أطاحت بحكم الإمامة في اليمن!! وكان تأثيرها كبيرًا على مفاصل الكيان الإجتماعي للزيدية في اليمن!.
وبعيداً عن كل هذه التساؤلات العفوية والممكنة وغير الممكنة عن الحوثيين وحركة التمرد التي قاموا بها ضد نظام صالح والحروب التي سميت بـ(حروب صعدة الست) وموقعها وزمنها ومكانها وحيثياتها والتي تحتاج إلى دراسة مطوَّلة وتحليلات عسكرية وسياسية خاصة.. لأنها خلقت الافتراض الآني للتحالف الضمني و(المؤقت أيضا) بين قوات صالح (الحرس الجمهوري القديم) وقوات الحوثية (قوات أنصار الله) في محاربة كل الكيانات الأخرى المعارضة لوجودها وتوغلها العسكري أكانت (القبلية أو الحزبية السياسية أو الاجتماعية) في عدد من المحافظات الشمالية أولا والجنوبية ثانياً والتي (سيأتي عليها الدور) كما قيل!.
لكن ظاهرة الحوثية كظاهرة دينية يمنية خاصة على المُهتمين بالطوائف الدينية والمذاهب الإسلامية الشيعية والسُنية دراستها وبالذات أهل المذهب (الزيدي) الذي لم يعرف بظاهرة الحوثية الا في الآونة الأخيرة تقريبا من عام (2004م) كفصيل زيدي يمني شمالي يندرج في ذيل القائمة الزيدية ومقابلتها في اليمن وفخوذها المتفرعة في المناطق الشمالية منها (بيت حميد الدين) و(آل الوزير) و(آل المتوكل) و(آل الشامي) وغيرها!.
ولكن السؤال الحاضر الغائب الآن: هل تستطيع هذه الظاهرة الجديدة في اليمن.. كظاهرة دينية سياسية، بسط نفوذها وحكمها على اليمن، وكيف؟!.
فالمُتتبع للأحداث المتوالية والمتسارعة يكتشف الهرولة الحوثية لبسط النفوذ بالقوة والترغيب والترهيب والحصارات لمدينة تاريخية كـ(صنعاء) وبسط الهيمنة العسكرية عليها وعلى منشآت حكومية ومؤسسات إدارية ووزارية كأمر واقع! وفي نفس الوقت اللعب بمراوغة ومراوَّحة بـ(الثلاث ورقات) مع الأحزاب والتنظيمات السياسية والمجتمع الإقليمي والدولي التي لم تدرك بعد بأنها لازالت تعيش (الانقلاب الثوري / الحوثي) - سمَّوه ما شئتم - على حكم سابق تمثل بالرئيس هادي المستقيل وحكومة بحاح المستقيلة أيضا، هذا الحكم الذي ربما كان هو المخرج الوحيد الذي ساعد الحوثيين على التمادي المُستمر!، وفي نفس الوقت وضعهم أخيرا في مُفترق طرق صعبة مع كل فصائل المجتمع سياسياً واجتماعياً، أما اقتصادياً فإن المؤشرات الأخيرة تدل على أهمية بسط النفوذ الحوثي على منابع النفط والغاز والطاقة في مآرب وشبوة! وهل ما تتجه إليه الانظار حالياً في واقع الصراع على السلطة في اليمن!.
ويظل السؤال الممكن والصعب: هل الظاهرة الحوثية كظاهرة دينية سياسية جديدة في اليمن تستطيع أن تحكم اليمن؟! أم تستطيع أن تشارك في حكم اليمن؟ أم أنها في نهاية الامر ظاهرة ستنتهي كغيرها من الظواهر السياسية التي مرت على ابناء الشعب اليمني!! سؤال للمستقبل فقط.