هيئة المواصفات .. إلغاؤها خطأ وبقاؤها مشكلة

>
محمد معوضة
محمد معوضة

منذ ثمانينيات القرن الماضي عمل رجال أعمال كثيرون على إيجاد هيئة تهتم بالمواصفات وتضبط الجودة بحسب المقاييس الدولية.. التي تعمل على مراقبة الإنتاج المحلي وكل ما يأتي من الخارج من بضائع سواء للاستهلاك الآدمي أو الكماليات أو مواد البناء أو المواد الأولية الداخلة في الصناعات الخفيفة وغيرها.
كان رجل الأعمال الحضرمي أحمد سالم شماخ - القادم من الجنوب الثائرة قياداته على الإمبريالية وعملاء الرأسمالية يومها إلى الحديدة - أحد هؤلاء، وكان لطبيعته الحضرمية المعروفة باتجاهاتها للنظام والقانون وإدارة التجارة تحت ضوء الشمس تأثيرها في اتخاذه المبادرة لمتابعة جهات الاختصاص وتقديم الدراسات لتأسيس (هيئة) يعرف الجميع من خلالها ما الذي يدخل للبلد، ومِن مَن؟، وما الذي يصلح للاستهلاك؟، وهل هذا المنتج يستحق الدخول لليمن؟، ومتى يجب أن تكون هذه الصناعة في متناول الناس؟.
كانت الخطوات التي تسير نحو تحقيق الرؤية العلمية الاقتصادية بإيجاد الهيئة تظهر تدريجياً بـ:
- إنشاء قسم المواصفات والمقاييس وضبط الجودة بوزارة الاقتصاد والتموين والتجارة عام 1981م.
- وصول أولى معدات المختبرات عام 1982م.
- إنشاء إدارة المواصفات والمقاييس وضبط الجودة عام 1987م.
- إنشاء الإدارة العامة للمواصفات والمقاييس عام 1990م.
- صدور القانون رقم (28) الخاص بالمقاييس وأجهزة الوزن والكيل والقياس عام 1991م.
- إنشاء الإدارة العامة للمختبرات وضبط الجودة عام 1993م.
- إنشاء جهاز المواصفات والمقاييس وفقاً للقرار الجمهوري رقم (18) لسنة 1992م عام 1995م.
- صدور القانون رقم (44) بشأن المواصفات والمقاييس وضبط الجودة في أكتوبر 1999م.
- وأخيراً صدور القرار الجمهوري رقم (52) الخاص بإنشاء الهيئة اليمنية للمواصفات والمقاييس وضبط الجودة في فبراير 2000م.
كانت الهيئة تقوم بوظائفها التي حددها القانون كما يجب كجهة مشرفة ومسئولة عن كل ما يتم إنتاجه داخل اليمن أو استيراده من الخارج.. جهة تحافظ على سلامة الناس، ويهمها كثيراً ضمان الجودة والحرص على تطبيق أعلى مواصفات الأمان والسلامة والجودة.
لكن (وآه من لكن) انحرفت الهيئة عن مسارها الذي حدده القانون للأسف الشديد، وأصبحت جهة إيرادية لا أكثر، لا يهمها ما يتناوله الناس أو ما يدخل للبلد ومِن مَن؟ بقدر ما يهمها تحقيق أكبر قدر من الإيرادات بلوائح مبهمة تعمل في كل التفسيرات على تحصيل مبالغ تغطي مصاريف وسفريات ونثريات ومخصصات قياداتها العليا.
أصبحت الهيئة اليمنية للمواصفات والمقاييس وضبط الجودة لاتهتم بـ(المكاييل المعيارية والمرجعية والعملية) بقدر إهتمامها بـ(مكاييل الزلط) التي تغطي أنشطة قياداتها التي لا علاقة لها بعمل الهيئة!!.
أخطاء لا آخر لها تمارسها الهيئة ليس أولها انحرافها عن وظيفتها كهيئة، حماية المستهلك هدفها الأول، إلى جهة إيرادية أمنية، ولن يكون آخرها وجود المختبر في صنعاء بعيداً عن المنافذ البحرية والبرية التي تدخل منها البضائع.
إلا أن هذا الانحراف الخاطئ لا يعالج بخطأ أكبر ستكون نتائجه كارثية إذا نجح ضغط رجال الأعمال في صنعاء بإلغائها.
إلغاء الهيئة اليمنية للمواصفات والمقاييس وضبط الجودة خطأ كبير يا هؤلاء، واستغلال مثل هكذا ظروف تمر بها البلد لتحقيق مداخيل قذرة عن طريق التهريب أو الاستيراد غير المنضبط جريمة لا تغتفر، وبقاؤها دون تصويب مشكلة.
والمنتظر من رجالات الاقتصاد الوطني العمل على تصويب عمل الهيئة وإعادتها لوظيفتها التي أنشئت من أجلها وتطوير إمكاناتها والإسهام في ضبط الجودة بمقاييس الضمير التي تتفوق على جميع المواصفات متى ما كانت المقاييس تخاف الله، وتستشعر مسئوليتها الأخلاقية أمام الناس والوطن.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى