أنصار الله وقصارى القول

> كتب / عبدالرب درويش

> رويداً، رويدا وعلى مدى عام بدأت تتجلى ملامح المشهد الذي يُريد الحوثيون رسمه وظهاره، وشيئاً فشيئا حتى بدأت تتضح توجهاتهم ومقاصدهم ونواياهم وها نحن اليوم أمام مشهد وأضح المعالم ومكتمل بعد الإعلان الصادر 2015/2/6م، وخطاب النصر 2015/2/7م.
وتجنباً للترف والكلام المرسل، دعونا نستعرض ما صدر عن الحوثيين أنفسهم بخصوص الجنوب والجنوبيين وقضيتهم للتحقق منها وإظهار ما تنطوي عليه كما يلي:
أولاً: 21 سبتمبر 2014م كانت المحطة الأهم للحوثيين، ومنها بالتحديد بدأوا بالغزل وإرسال الرسائل للجنوبيين في الداخل والخارج صنعاء، والحديث عن الحراك الجنوبي، والقضية الجنوبية.
وبالمجمل كانت عبارة عن: غزل وتطمينات، وترغيب، وتهديد، وإطلاق الدعوات والوعود، وإظهار الحرص والخوف على الجنوب والجنوبيين وقضيتهم من المؤامرات والمزايدات، وإبداء التعاطف ومد الأيدي لهم والوقوف إلى جانبهم.. الخ.
ثانياً: وبالتفصيل المقتضب دعوة القيادات الجنوبية في الخارج للعودة إلى صنعاء.. الدعوة بحد ذاتها كانت رسالة صريحة وموجهة للرئيس هادي مفادها: “إما أن تقبل بما نريد بالمرونة وإما بالقوة وننهي المهمة”، وهو ما حصل بالفعل. أما دعوة القيادات الجنوبية للعودة فهي مشروطة (إلى صنعاء وليس إلى عدن) وفيها إشارة صريحة إلى عبارة الشيخ عبدالله الأحمر على وثيقة “العهد والاتفاق” في عمان 1994/4/21م الشهيرة بشرط العودة إلى صنعاء” وماحدث قبلها وبعدها، بل وفيها إشارة للرئيس أن البديل جاهز، وماخفي أعظم.
ثالثاً: الحوثيون وبوضوح يخلون سبيلهم من خطيئة إجهاض الوحدة قصراً، ومن قرار حرب صيف 94م، ومما لحق بالجنوب أرضا وانساناً.. ويبررون ذلك بعدم رضاهم مما نتج عن تلك الحرب من مظالم وإبعاد عن مواقع صنع القرار وإتخاذه، وباعتراضهم على قرار الحرب، وبإجراء المقارنة بين الحروب الستة التي تعرضت لها صعدة وما تعرضوا له.. فما الذي يريد الحوثيون من هذا الطرح والتبرير؟
إذا سلمنا جدلاً بـ(إخلاء سبيلهم، وباعتراضهم، ورفضهم وعدم رضاهم) فما الذي سيغير في الأمر بعد خراب مالطا وبعد أن وصلت القلوب الحناجر، ثم ما الغرض من إجراء تلك المقارنة بين حروب صعدة وبين الحرب العدوانية على الجنوب صيف 94 وهما مختلفان تماماً من حيث: السبب والمسبب، الموضوع والهدف، المرجعية والنتيجة؟ أولم يريدوا القول: “إن المساواة بالظلم عدل”، وإنهم رغم الحروب الستة لم يطالبوا بالانفصال، والوحدة ليس لها ذنب بما حصل ووقع على الجنوبيين وهو نفس الموال الذي نسمعه على مدى عقدين من الزمن من قبل الكل.
رابعاً: أنصار الله لا يعترفون بالحراك الجنوبي كثورة مستقلة - وهي ثورة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وتختلف كليا من حيث الزمان والمكان، والموضوع والهدف والوسيلة عن ثورة 11 فبراير، وثورة 21 سبتمبر والتي يعتبرونها ثورة جميع اليمنيين شمالاً وجنوباً بحسب تعبيرهم، وإنما ينظرون إلى الحراك كأحد المكونات السياسية اليمنية في أحسن الاحوال.
خامساً: أنصار الله يرون (انفصال الجنوب) ليس حلاً وليس عدلاً، ولا يريدون أن ينظروا إلى الانفصال وهو واقع على الأرض وفي نفوس شعب الجنوب قاطبة، ولا إلى تعبيراته في الشارع الجنوبي من 2007/7/7م وحتى اليوم بل وهم لا يعترفون بحق (فك الارتباط، الفيدرالية المزمنة، استعادة الدولة، التحرير والاستقلال) ويعتبرونها جميعا من قبيل الانفصال، ولا يرون من صنع وكرس الانفصال هذا أولاً، وثانياً يرون الحل في حل القضية الجنوبية حلا عادلا أي بالعدل الذي لا يتجاوز العدل، وأن يكون حلها (يمني - يمني) وليس جنوبي - يمني ، وعبر آلية اللجان ولا ندري إن كانت هذه اللجان شعبية أم ثورية، وبشرط عدم تدخل أي طرف كان في الحل.. وبالتالي أليس هذا استخفاف وعبث، ولعب بالألفاظ ومضيعة للوقت وتمييع؟
سادساً: من باب الشيء بالشيء يذكر كانت ذريعة علي عبدالله لإعلان وشن حرب صيف 94م، وإسقاط شرعية ومشروعية الوحدة بالقوة، وإجبار الرئيس البيض على إعلان فك الارتباط هي رفض وثيقة العهد والاتفاق “ المتضمنة (4-7) أقاليم بعد التوقيع عليها بينما كانت ذريعة الحوثي للإقدام على الهجوم على الحرس الرئاسي ودار الرئاسة (19 - 22 - ينايـر - 2015م) وإجبار الرئيس هادي على الاستقالة هي رفض مسودة الدستور المتضمنة الستة الأقاليم باعتبارها أحد مخرجات الحوار.. وبالتالي أليس الأمر سيان يا سادة ومعد السيناريو واحد مع اختلاف الزمن؟
سابعاً: الحوثيون يقولون من باب المراوغة والاستمالة إن الحراك الجنوبي ليس ممثل في مؤتمر الحوار كما يجب، والسؤال اليوم هل الحراك كان ممثل في وثيقة “السلم والشراكة الوطنية” التي هي من صنع وإخراج الحوثيين؟. وهم يرفضون المبادرة الخليجية والأقلمة، وفي مقابل هذا ألا يحق للجنوبيين رفض كل هذه المسميات على غرار أنصار الله لأنهم لم يكونوا طرفاً فيها أم أن هذا الحق حصريا للحوثيين وحدهم والشماليين فقط؟.
وبالمحصلة النهائية الحوثيون رفضوا الأقاليم وأسقطوها ويرفضون تمزيق اليمن تحت أي مسمى فماذا يريدون إذا؟ ومن المؤكد أن مفهوم الوحدة لدى جميع الأطراف اليمنية واحد وإن اختلفت الوجوه وهم مصرون على الاستمرار بنهج الأطماع التوسعية، واليمننة الهنجعية، المرسومة منذ قرن من الزمن وبالتحديد من إعلان المملكة المتوكلية اليمانية أواخر 1919م.. والعبرة لمن اعتبر، ولمن يرى عبرته في غيره.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى