نقل العاصمة اليمنية إلى عدن هو دعوة للحوثيين لاحتلالها

>
د. محمد علي السقاف
د. محمد علي السقاف

البيان الصادر أمس من نادي الضباط بخورمكسر والداعي إلى نقل العاصمة اليمنية من صنعاء إلى عدن هي دعوة للحوثيين لاحتلالها، وتكريس رسمي لاحتلال الجنوب مجددا، للمرة الأولى تصدر من عدن دعوة مباشرة من شخصيات جنوبية في الواجهة تدعو إلى نقل العاصمة اليمنية إلى عدن!! حتى فترة بعيدة وقريبة في عهد الرئيس السابق علي عبدالله صالح ثم على لسان شخصيات في السلطة في صنعاء ناهيك عن كتاب وصحفيين يروجون لأمر كهذا.
١- ضد نقل العاصمة إلى عدن.. لماذا؟
يبدو أن الجنوب ابتلي بقيادات إما ساذجة إلى درجة العباطة، وإما لديها مخزون كبير
من الحماس والعاطفة التي تحجب عنها الرؤية في قياس المخاطر وأبعاد المشاريع والمقترحات التي يطلقونها، رأينا ذلك في عجالة التوقيع على مشروع الوحدة اليمنية، والآن نرى ذلك في الدعوة إلى نقل العاصمة إلى عدن التي نقف ضدها لهذه الأسباب:
- إعطاء مبرر للحوثيين لاحتلال عدن، إذا أصبحت عدن بديلا لصنعاء التي احتلوها، لأنها عاصمة اليمن، عليهم الآن احتلال عدن العاصمة.
- خسارة الجنوب لعاصمته عند استعادة دولته واستقلاله.
- إذا أصبح الآن بالإمكان إعلان استعادة دولة الجنوب وعاصمتها عدن على أساس أن عدن هي الجنوب، فإن تحويل عدن إلى عاصمة لليمن سيعني إعطاء مشروعية للقبائل الشمالية وجيشها في الدفاع بقوة السلاح عن عدن على أساس أنها أصبحت عاصمة دولة الوحدة، وعليه لا يمكن قبول تحويلها إلى عاصمة تعيد اليمن إلى وضع ما قبل الوحدة، وسيعطي هذا مبررا قويا أمام الإقليم والعالم في استخدام العنف المسلح ضد الجنوبيين الذين سيردون عليهم باستخدام السلاح للدفاع عن أنفسهم مما سيفقد النضال السلمي الجنوبي طابعه المدني.
- تجميد إمكانية تنظيم المسيرات المليونية الجنوبية والعصيان المدني كأدوات من أدوات النضال السلمي الجنوبي.
- زيادة تغيير التركيبة السكانية الجنوبية بقدوم أعداد كبيرة إلى الجنوب بحكم أن عدن أصبحت عاصمة اليمن، ومن حق مواطنيها من المناطق الشمالية القدوم والاستيطان في عدن.
- أفراد القبائل المسلحة الذين يذهبون إلى صنعاء لتشكيل عنصر ضغط على السلطة لتلبية مطالبهم المشروعة سيحولون وجهتهم بعد ذلك إلى عدن بدلا من صنعاء، وعدن المدنية ستتحول إلى عدن يتجول فيها بكل حرية حملة السلاح بمختلف أنواعه، فمن مجتمع مدني ستتحول عدن إلى عسكرة المجتمع وقبيلته.
- زيادة عدد وتوسيع معسكرات الجيش والأمن، بحكم أن عدن أصبحت العاصمة، ومن يستولي على العاصمة يستولى على السلطة.
٢- تداعيات نقل العاصمة إلى عدن:
- فقدان الهوية الجنوبية بقدوم أعداد بشرية إلى عاصمتهم وانتشار مظاهر حمل السلاح.
- تضرر البنية التحتية لعدن بحكم زيادة كثافتها السكانية من الطرقات وضعف الطاقة الاستيعابية من مدارس ومستشفيات وغير ذلك، التي هي في الأساس غير كافية، وقدراتها محدودة لاستيعاب سكان عدن والوافدين إليها من المحافظات، فما بالكم عند انتقال كوادر الموظفين والأمن إليها كعاصمة لليمن.
- استنزاف المياه العذبة من الآبار في المناطق الجنوبية كما استنزفت مياه الآبار في صنعاء.
- انتشار وتوسع استهلاك القات في الجنوب.

**الخلاصة **
يخطئ من يعتقد أو من أوحي إليهم بهذه الفكرة أن هذا سيكون مؤقتا، فهو مشروع قديم، تذكروا تصريح اليدومي بعد حرب ١٩٩٤ إن أفضل ضمان لتعزيز الوحدة والدفاع عنها يتمثل في نقل بين مليون إلى مليوني شمالي إلى الجنوب كصمام أمان للوحدة، وتذكروا تصريح الرئيس السابق صالح في عدن عام ٢٠٠٧ حين قال إن اليمنيين بدلا من اقتتالهم علي بقع أراضي في قمم الجبال ما عليهم إلا أن يأتوا إلى عدن حيث بالإمكان من هنا في عدن إلى باب المندب توطين عشرين مليون فرد، والآن أكبر هدية تقدم للحوثيين لاحتلال عدن بشكل مشروع يتمثل بنقل العاصمة اليمنية إليها، فهم لم يحتلوا صنعاء لأنها صنعاء، وإنما احتلوها لأنها العاصمة، فإذا فقدت هذه الصفة سيذهبون لاحتلال العاصمة الجديدة.
لا أعرف لماذا لم يقترح نقل العاصمة إلى تعز، كما عمد الإمام تاريخيا قبل ذلك يجب الوقوف بحزم وقوة إذا تطلب الأمر ضد مشروع نقل العاصمة إلى عدن، وإذا حدث هذا فعلا ستتحول الأزمة اليمنية الراهنة من حرب أهلية إلى حرب بين الشمال والجنوب، وعلى الأرض الجنوبية في الأغلب، وهو ما لا يجب حدوثه ويجب منعه.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى