خلط الأوراق في الجنوب

>
عبدان دُهيس
عبدان دُهيس

أفرز اغتصاب السلطة في الشمال من قبل الحوثيين خلط الأوراق السياسية في الجنوب، فبرزت في الساحة الجنوبية أطراف غير متوقعة ولم تكن في الحسبان تتحدث باسم الجنوب، تحت حجة رفض التعامل مع صنعاء على إثر انقلاب الحوثيين وعدم الاعتراف بهم، لكن حقيقة هذه الأطراف أنها مع بقاء الوحدة بين (الجنوب والشمال) ولا تهمها كثيرا قضية شعب الجنوب، بل كانت في الصف الآخر المغاير علنا للحراك الجنوبي السلمي وللشعارات التي يطرحها، وخاصة شعار فك (الجنوب عن الشمال)، وهي الآن تستغل هذه المتغيرات بكل ذكاء لسحب البساط من تحت أقدام الحراك والالتفاف عليه واستمالة عواطف الجنوبيين البسطاء بما يفضي بها إلى المساومة على (القضية الجنوبية) برمتها والاستحواذ على بريقها، وبما يؤدي بهذه الأطراف إلى أن يكون لها موطئ قدم متقدم وليس متأخرا في الساحة الجنوبية، وأن تدخل في الحسبة ترقبا لأية حلول قادمة في ظل المستجدات التي أقدم عليها الحوثيون عند إعلانهم ما يسمى بـ(الإعلان الدستوري) والانقلاب على سلطة الدولة ومؤسساتها الشرعية والدستورية.
الجنوب الآن بين مفترق طرق إما أن يستنهض الجنوبيون - مكونات وقيادات وقواعد - همتهم بعيدا عن أصوات ومؤثرات تلك الأطراف التي تريد أن تسيطر على المشهد الجنوبي وتحتويه من كل الاتجاهات، وإما أن يسيروا في ركب هذه الأطراف إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا، وهذه الخطوة إذا خطاها وأقدم عليها الحراك وقياداته، فإنها ستكون مغامرة سياسية وخيمة العواقب، ربما ستأتي بنتائج سلبية وقاتلة لا تحمد عقباها على القضية الجنوبية برمتها.
الأوضاع الآن في الجنوب صعبة وحساسة ومعقدة للغاية، وكانت هناك فرص كثيرة سابقة أمام القيادات الجنوبية والجنوبيين بصفة عامة لفعل شيء مؤثر يدفع بالقضية الجنوبية إلى الأمام، لكن ـ للأسف الشديد ـ أضاعوا هذه الفرص وظلوا أسيري المماحكات وعدم الثقة فيما بينهم وتخوين الآخر، وفضلوا التشظي والتباعد عن التقارب والتوَّحد والالتقاء، فكانت هذه النتائج التي أفرزت الآن أطرافا تريد أن تستحوذ على كل شيء وهي لم تقدم أي شيء من التضحيات ولم تكن في يوم من الأيام في موكب الركب الجنوبي المنادي بالحرية والاستقلال واستعادة الدولة، وتحمل الكثير من التضحيات والشهداء والجرحى والقمع والسجون والمعتقلات.
ليس هناك خلاف في أن يجتمع أو يلتقى كل الجنوبيين بمكوناتهم وقياداتهم ومستقليهم وغيرهم، ولكن المهم أن تكرس وتوظَّف ـ وبوضوح - مثل هذه اللقاءات من أجل القضية الجنوبية وعدالتها وليس الالتفاف على مطالب شعب الجنوب والانحراف بنضاله السلمي وجرّه إلى تداعيات ومتاهات ومآرب أخرى تؤدي بالقضية الجنوبية إلى الضياع.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى