صاحب المعلومة هو المنتصر

>
أحمد مُحسن أحمد
أحمد مُحسن أحمد

يحز في النفس ما يحدث أمامنا هذه الأيام على مسرح الأحداث اليمنية، كل حرب من تلك الحروب التي يشنَّها الشمال على الجنوب وينتصر فيها الشمال تكون أسبابها قوة المعلومات التي يمتلكها الشمال من خلال مراكز المعلومات التي تعمل ليل نهار لتقدم ما تحتاجه القوى المتنفذة في الشمال المعادية والطامعة بمقدرات الجنوب أرضا وثروة.. فمنذ الحرب الملعونة عام 1994م التي انتصر فيها الشمال على الجنوب وما تلاها من انتصارات على كافة المستويات، فقد كان للمعلومات الأثر الأكبر والسند الذي يعود إليه وبه تحققت انتصارات الشمال على الجنوب.. وما يؤسف له أن القيادات العليا لنضال جماهير وشعب الجنوب يتجاهلون الأهمية التي تمثلها المعلومات لسير عملهم ونشاطهم على كافة المستويات.
لقد كانت لي الفرصة منذ وقت طويل وتحديدا من يوم قيام الوحدة عام 1990م بين الجنوب والشمال أن أطالب بضرورة إنشاء مراكز تجميع المعلومات، لما لهذه المراكز ـ إن أنشئت ـ من دور هام في تقديم المعلومة المفيدة لتوضيح معالم طريق السير الحثيث نحو أهداف الثورة السلمية للجنوب.. كما أنه وعندما تسنح لي الفرصة للمشاركة أو الحضور إلى المؤتمرات الجنوبية أو الندوات المكرسة للوقوف أمام نتائج المسيرة النضالية والكفاحية التي تخوضها جماهير الجنوب لاستعادة دولتهم الشرعية التي أسقطها ـ ظلما وبهتانا ـ النظام الشمالي، وبدد معالمها بحملات شرسة ومحمومة كان يمكن لمراكز المعلومات لعب دور مؤثر في رصد وتحليل وكشف كل ما تعرض له الجنوب من سلب ونهب لأرضه وناسه.
فهل نسينا كيف كانت المعلومات تفعل فعلها في حرب 1994م الظالمة؟، حيث إن النظام الشمالي بالمعلومات استطاع تحديد مَنْ مِنْ رجال المقاومة في جيش الجنوب الذين لا يبيعون أرضهم ولا يخونون أهلهم فتمت عملية (القناصة المآجورين) لتصفيتهم الواحد تلو الآخر، ومن الجانب الآخر هي نفسها المعلومات التي أوصلت لهم ما يحتاجونه للتعرف على (أشباه الرجال) الذين سهل شراؤهم، فأرسلوا لهم (رشوات.. بدولارات مزيفة)، جعلت منهم هذه الحالات سخرية الشعب في الجنوب.
لقد قال (أدولف هتلر) زعيم الفاشية الألمانية عندما سئل عن أرذل الرجال الذين احتقرهم في حياته فقال: “هم أولئك الذين ساعدوني على احتلال أراضيهم”، وبالعودة إلى مذكرات الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر الذي كان متحفظا على اندفاع (الشاوش علي عبدالله صالح) للوحدة كشف (الشيخ) كلام (الشاوش) بأنه لا يريد من الوحدة سوى الثأر للمؤسسة العسكرية الشمالية من المؤسسة العسكرية الجنوبية.
وبالعودة أيضًا لما كانت عليه المؤسسة العسكرية الجنوبية التي كانت تمتلك المعلومة فقد حققت الانتصارات المتلاحقة على المؤسسة العسكرية الشمالية.. لكن بعد انفلات الوضع المتماسك للمؤسسة العسكرية الجنوبية ضاعت من بين يديها المعلومات وانتقلت للمؤسسة العسكرية الشمالية بواسطة من اعتاد على البيع المستمر، تمكنت الأخيرة من دق عظام الجيش الجنوبي وكل من كان مؤمنا ومخلصا لبلاده، وأصبحت الأمور تدار بيد من يملك المعلومات ومن كان ولايزال يبيع المعلومات حتى يومنا هذا.
آخر الكلام
بعض القيادات الجنوبية ـ هذه الأيام - يقولون إن (الحوثي) يعرف كل صغيرة وكبيرة، ويتخذ ويصدر قراراته السريعة في ملاحقة الفاسدين (حسب ادعائهم في بداية حركتهم الشعبية والتي تطوَّرت إلى عسكرية).. بينما تجاوز (الحوثي) نشاطه للمشاركة مع بقايا النظام السابق وعناصر الفساد فيه لمحاربة الشعب، كل الشعب.. تسمع القيادات الجنوبية تردد باستغراب كيف تمكن (الحوثي) من سرعة تحركه وتصعيد تحركاته؟، نسي هؤلاء أن (الحوثي) ومن معه اعتمدوا على المعلومات التي أنارت لهم الطريق نحو أهدافهم، أما قيادات الجنوب فإنهم غارقون في استغرابهم لما يحدث أمامهم.. فيلطمون خدودهم بحسرة وندم حين لا تنفع الحسرة، ولا يفيد الندم.. ولنا لقاء.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى