كتب / أديب السيد
كتب / أديب السيد

ظل السياسيون والمحللون زمنا يتفننون بالتوصيفات والإسقاطات بأن اليمن ذاهبة نحو (الصوملة)، وهذا التوصيف يأتي بناءً على الوضع المتردي أمنيا وسياسيا واقتصاديا الذي عاشته الصومال الشقيقة، وتشرد أهلها وشعبها، نتيجة التقاتل الدائم الذي اشتهرت به الصومال، وهو لا يعد إساءة للصومال وشعبها، بل تشبيها بالحالة الفوضوية السياسية والأمنية المركزية للدولة.
ومع الصحة النسبية في التوصيف الذي ذهب إليه أولئك المحللون، إلا أن اليمن لا تعيش وضعا صومالياً، بل وليتها تعيشه هو فقط، لكنها تجاوزته إلى أبعد الحدود وأبلغ مدى.
وضع اليمن اليوم أصبح أكثر من صومالي، إذ بدأت الصومال تستقر في الفترة الأخيرة، ولم يعد يسمع عن تفجيرات وقتلى وحروب أهلية بين العصابات والحركات، أما في اليمن فذلك مستمر منذ عقدين من الزمن وأكثر حتى ما قبل اتفاق (الوحدة اليمنية) الموءودة.
ففي اليمن كل النماذج موجودة، صوماليا وعراقيا وسوريا وليبيا، ولكل من هذا النماذج صفة مشهودة نوعا ما كعنوان لما يجري في تلك الدول جملة واحدة، ويجري في اليمن بالتقسيط.
فصومالياً: اليمن تعيش تلك الحالة بكامل تفاصيلها وأكثر، حيث غياب الدولة بمعنى (الدولة)، والذي اشتهرت به الصومال، وكذلك تشرد شعبها ومهاجرتهم بشكل شرعي وغير شرعي إلى دول المال للبحث عن لقمة عيش، إضافة إلى التقاتل وانتشار السلاح ووجود المتشددين دينياً بكثرة والذين يتنقلون بحرية ويتمركزون في عمق مفاصل السلطة وأجهزتها.
وعراقياً: تعيش اليمن الحالة العراقية، فالخلاف الطائفي المغلف سياسياً على أشده، وازدهار حركات الإرهاب، والقتل والذبح للجنود وللمدنيين مستمر، سواء من حركات الإرهاب أو من الجيش، وكذلك استيراد الأسلحة مستمر وبشكل رسمي، والتدخلات الإقليمية تشكل الحالة الأبرز فيها.
وسورياً: تشبه الحالة اليمنية حالة سوريا في كثير من الأمور، منها الحرب الإقليمية بالنيابة بين (السعودية وإيران)، ووجود الاستبداد السلطوي، والصراع، واختلاط الأوراق وتداخلها، واستمرار التعالي من الأطراف بتوجيهات خارجية هي السبب في كل ما يحدث من صراع وحروب.
وليبياً: هو السيناريو الأكثر مشابهة لليمن فيما يخص السياسة، حيث التداخل والتشابك بين أطراف الصراع يبدو مختلطاً ونوعا ما غير معروف، وما هو السبب في الصراع؟، إذ يشكل الانسداد السياسي (غير المبرر) عنوان المشهد، واحتماء الأطراف بالسلاح والحروب، وغياب (الرأس) القادر على لملمة الوضع والخروج من المأزق.
إذاً.. ما الذي تبقى لليمن حتى يمكن أن يضعه المتخوفون كسيناريو قادم؟ طالما ونحن نشهد الحالة الراهنة وهي تعبر عن كل ما يجري في البلدان العربية، بل وربما وجدت في بعض الدول المذكورة أشكال النظام السياسي ولو بحدها الأدنى، أما في اليمن فلا يوجد شيء، حتى ما كان قائما شكلياً من نظام أو من دولة أو عملية سياسية انتهت وسقطت بلمح البصر، لتصبح اليمن وبامتياز (دولة مليشياوية عصاباتية)، بعد انهيار كل شيء يرتبط بالدولة.
وبالتالي ها هي البلد تسير إلى حرب طائفية نتيجة الصلف المليشياوي الحوثي تجاه السيطرة بالقوة على محافظات ترفض الانصياع لهم شمالاً، ويقتربون من الجنوب بعنجهية مندفعين مذهبيا وهو ما قد لا تحمد عقباه.