من العهد والاتفاق إلى السلم والشراكة.. التاريخ يكرر نفسه

>
كتب / وضاح اليمن عبدالقادر
كتب / وضاح اليمن عبدالقادر

أكثر من نصف قرن من الصراعات البينية والاقتتال بين اليمنيين دون أن يكون هناك وقفة حقيقة وجادة لمراجعة الماضي بكل ما فيه والوقوف الجاد أمام أنفسنا لنعترف أننا شعب مغدور بالحكمة اليمانية التي لم تعد سوى نصب تذكاري ذي إيحاء جنسي في جولة الجامعة الجديدة في العاصمة التي لها تاريخ طويل في الويل والدمار والاقتتال.
ترى اليمني مطحونا لا يكاد يقف على رجليه من سوء التغذية يهتف بكل عنفوان “بالروح والدم نفديك يا... الموت لأمريكا الموت...” إلخ.
لا أظن أن هناك انفراجا قريبا لما تمر به اليمن، ما لم نكن قادرين على أن نفتح ملفات الماضي، ونقوم بمراجعة حقيقية لكل مرحلة من مراحل العمل الوطني التحرري شمالا وجنوبا.
بالأمس كانت ثورة السادس والعشرين من سبتمبر، ومن بعدها الرابع عشر من أكتوبر، ومن ثم تلتها سلسلة من المؤامرات التي أطاحت بالنظام الجمهوري في شمال اليمن بدء من مؤامرة قتل واغتيال بطل السبعين يوما ورفاقه القائد عبدالرقيب عبدالوهاب، ومن ثم مؤتمر خمر وتقاسم السلطة بين الجمهوريين القبليين والملكيين القبليين، مرورا باغتيال مشروع الدولة المدنية الشهيد إبراهيم الحمدي، مثله الجنوب اليمني الذي شهد سلسلة من التصفيات والانقلابات بين الرفاق كان لنظام الشمال دور فيها دون أن يتضح بشكل مباشر وصولا لأحداث الثالث عشر من يناير.
مثلت الوحدة اليمنية تطلعات الجماهير اليمنية وأحلامها شمالا وجنوبا، لكنها لم تكن في حقيقة الأمر سوى هروب لكلا النظامين في الشمال والجنوب من استحقاقات مراحل من الصراع الدموي شمالا وجنوبا، ومن هنا جاء القبول بها على أسس ركيكة لا تلبي تطلعات الشعب اليمني وآماله لتشهد بعدها البلاد موجة من الصراعات والاغتيالات، وصولا لحرب صيف 94 الغاشمة على الجنوب.
ومثلت وثيقة العهد والاتفاق الضمان الحقيقي لإعادة صياغة الوحدة وفق أسس ومعايير حقيقية للشراكة، افتقدتها دولة الوحدة أثناء قيامها، لكن سرعان ما انقلب عليها الطرف الآخر في الشمال من الجمهوريين “الملكيين أصحاب الحق القبلي” واستخدم كل الذرائع لجر البلاد إلى حرب كان قد أعد لها مسبقا للانفراد بالحكم، وصولا إلى الحرب الشعواء التي قادها على الجنوب، واستفرد بالحكم وبناء جيش عنصري طائفي مناطقي، وهو ما يجسده الوضع الحالي للتحالف الحوثي مع وحدات الجيش والحرس الجمهوري، وهو أيضا ما مثل عقبة حقيقة أمام الرئيس هادي لم يستطع أن يتجاوزها أو يراهن عليها في بناء دولة ما بعد الحوار الوطني كما كان يحلم.
ومن وثيقة العهد والاتفاق إلى الحوار الوطني وصولا لاتفاق السلم والشراكة.. التاريخ يعيد نفسه بنفس القوى التي انقلبت على وثيقة العهد والاتفاق، ولكن هذه المرة باتفاق مع قوى الحق الإلهي، لتنقلب على مخرجات الحوار الوطني، ومن ثم اتفاق السلم والشراكة لتنحصر معادلة اللعبة السياسية في الشمال وشمال الشمال ليبقى الشمال لإعادة إنتاج وتكريس قوى الفيد والنهب التي أثقلت كاهل الشعب اليمني في ظل وجود أحزاب وقوى هلامية تمارس العهر السياسي وراء الكواليس، وتبني تحالفات تأكل من خلالها الفتات.
آن الأوان الآن لإعادة قراءة الواقع بشكل منطقي وعقلاني بعيدا عن المزايدات، إن كان هناك فعلا نية صادقة وجادة للخروج من القمقم قبل أن تطحن نار الحرب الأخضر واليابس في حرب لا أظن أن نتعافى منها على المدى القريب والبعيد أيضا.
ولابد الآن من خطوات عملية وحقيقية على أرض الواقع للمحافظات الرافضة للإعلان الدستوري لتشكيل قيادة موحدة ومشتركة لإدارة محافظاتها وإعادة هيكلة الجيش والأمن فيها بما يخدم ويعزز توجهات المرحلة نحو إيجاد قوة حقيقية فاعلة على الأرض تعزز الشراكة الحقيقية وحقوق المواطنة المتساوية للوقوف في وجه نظام صنعاء المتعجرف بوجهيه القبلي والإلهي.
التحية لقيادة التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري، ومبارك لهم التحامهم بالشارع وإعادة وهج العمل النضالي الثوري الرافض لدولة المليشيات والفيد.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى