دردشة بالعدني.. ذكريات (فك وأنا بافك)

> حلومة شخصية خيالية نستضيفها لنتذكر لحظات لا تمحى من تاريخ عدن.
تجلس جدة حلومة في نافذة منزلها شغلها الشاغل تقرح الفتنة (ضرب) بين الأطفال لتستعيد ماضيها.. عرفت من صديقتي أنها كل يوم على هذه الحال تجلس على عتبة بيتها تتفرج للجُهال وتقرح فتن بينهم وتخليهم يضاربوا.
حلومة تجلس تختلس النظر من شباك منزلها على أطفال الحي وهم يلعبون.. نصحتني صديقتي عند معرفتها برغبتي في الحديث معها وأني وجدت ضالتي فيها قالت “ويه أيش من ضالة أوبهي تسمعك بتهبلك من شق وطارف، روحي والقلب داعي لك”، استثارني موقف صغير، طفلتان تتشاجران بقوة ليصل إلى حد التماسك بالشعر، وأسمع صوتا من خلف الشبك يقول “أيوه حيابك يا نجاة هبيله تستاهل، مالك يا فتحية ساكتة لها، هبلة كما أمك”، وفي تلك اللحظة أدركت أنا صديقتي على حق في قولها.. تقدمت إلى مصدر الصوت وازداد الصوت ارتفاعا، وإذا بالحجة حلومة تنظر إلي بنظرة مليئة بتساؤلات، سارعت بطرح سؤال عليها لأبعد تلك التساؤلات من محياها، قلت لها “مالك تتفرجي على البنات يضاربوا تتذكري أيامك وتقولي ليت الشباب يعود يوماً”.
قالت بملامح منكمشة “وأجيتي تتفلسفي عليا أني أيش معناه، ليش ما تروحي تسألي أبوك”، قلت لها مبتسمة “بحكم أنك كبيرة بالسن بتفيديني”، ردت بلكعة “أفدوبك فدا عليا، كبيرة بعينك ليش شفتيني أمشي بعكاز، ولا أقول لك بثباث (بسباس)”، وتتلاكع “كبيرة بالسن ولا الضرس؟، مالك يا بنت، أعرفي أيش تتكلمي...”، قلت لها “آسفة يا حجة حلومة، ما كنت أقصد، بس كنت أعني أنك عايشة من زمان وتعرفين الكثير من الأشياء”، ردت ـ وهي تضحك ـ بمثل عدني “هيا شوفو أجت بتكحله عمنه، على أساس أنك تعدلي الآن، كه سكته، رفعتي لي الضغط، بس أيش مخليني أصبر عليك”، قلت لها “هيا جدة حلومة قولي لي ليش تفتني بين الجهال”، قالت “جدة بعينك، أني لا أفتن بين الجهال ولا حاجة، والله مش أني شريرة أو مكسورة ناموس لا... لأنهم يذكروني بنفسي لما كنت جاهلة وأضارب وأدور حرش، خليها على الله كنت جنية”، قلت له “أيوه يا حجة اتكلمي ايش كنتي تسوي وليش تتمني تلك الايام ترجع؟”، قالت وعيونها متلألئة بالفرح من ذكرها للماضي “أحلا ايام هي ديك الأيام اللي كنت اتضارب مع عيال الحافة حقي، أنتع له جرمه وهو ينتعي لي شعري، من بعدهم قصيت شعري، يستوي (فك وأنا بافك) وهيه لما الليل ونحنا على ذا المنوال، والحلو أنه هدي الذكريات مازالت إلى اليوم وعاده لما أشوف الجهال أذكر هديك الأيام وأضحك”.
وأضافت: “وأكبر خزى يا بنتي لما تكوني اتضاربتي أنتي وابن حافتك أو الحافة التانية، ولما تكبري تتحجبي منه، يجزع من جنبك يكون وجهك بالارض، وتقتلبي زي البس، كأنك ما سويتي له شي، والله أحلى ذكريات بس بتعرفي حاجة أني ما أقول ليت الشباب يعود يوماً لأنه محد ياخد زمنه وزمن غيره، الحمد الله عشت حياتي بالملي، هيا يا بنتي بروح أصلي المغرب وبنام لي لأني أقوم الفجر”، قلت لها “تسلمي لي يا حجة، الجلسة معك كانت ممتعة للغاية، وإن شاء الله برجع لك مرة ثانية من شان تحكي لي عن الماضي.. سلام”.
هناك ذكريات سطرت في الأذهان، ولن تنطوي في صفحات النسيان، وإلى أن نلتقي مع قصة أخرى من حق أيام زمان.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى