إيزابيل وشيرين تنتظران إفراجا وانفراجا في المفاهيم

> نجيب محمد يابلي

>
نجيب  محمد  يابلي
نجيب محمد يابلي
تلقي السياسة ظلالا قاتمة على مواقف الدول والأفراد عندما تملي المصالح (وقاتل الله المصالح والمتمصلحين) على صاحب القرار (دولة أو فردا) القرار الذي يخدمها، ولذلك جاء المثل الإنجليزي ليجسد هذا المشهد: POLITICS IS ADIRTY GAME “السياسة لعبة قذرة”، وتسيء الدول لشعوبها التي تتضامن مع الضحايا من الشعوب التي تضررت من قرارات تلك الدول، لأن مجمع الشعوب كافة يعرف بالأسرة الدولية، وهي مصدر الإنسانية، ومن نماذج المواقف السلبية القاتلة التي أملتها المصالح البحتة هو موقف فرنسا مع القوى المتنفذة في صنعاء في حرب صيف 1994.
وزارة الخارجية الفرنسية تملك قاعدة بيانات ضخمة عن واقع النظام السياسي والاجتماعي المهترئ في صنعاء، وتناولت عبر السنوات المنصرمة تقارير عن حوادث الاختطافات التي طالت بشرا من مجتمعات حية ومتقدمة، حيث الإنسان له قيمة كبيرة عكس البشر في بلاد العرب والمسلمين، الذين يقتلون بالعشرات دون أن تهتز حكومات تلك الشعوب، وتشاركها في ذلك قوى المجتمع، وفي مقدمتها خطباء الجمعة ورجال الجماعات التي توظف الإسلام في نشاطها السياسي، والتي ترفض إدانة الجرائم البشعة التي ترتكبها تلك الجماعات.
ويعرف أصدقاؤنا الفرنسيون أن الرأي العام في الغرب يرفع حكومات ويسقط أخرى، اما الرأي العام في بلداننا فلا يقدم ولا يؤخر، لأن الناس (إلا من رحم الله) مسكونون بالخوف الذي زرعه فيهم الحاكم ورجال الدين.
يعرف أصدقاؤنا الفرنسيون أن حوادث الاختطافات في هذه البلاد دخلت موسوعة جينيس، لأن رجال القبائل إذا تعرضوا للغبن من نافذين في الدولة قاموا بخطف أجانب (بالاتفاق مع أولئك النافذين)، ويطلبون الفدية من حكوماتهم، ولأن الإنسان لا يقدر بثمن تدفع ملايين الدولارات للإفراج عن خمسة أو عشرة أفراد، يتقاسمها الخاطفون والنافذون، وكلهم وجوه لعملة واحدة هي القبيلة.
اهتز المجتمع المدني في عدن ومعه الهامش الحضري هنا وهناك، وشاركنا الرئيس الفرنسي هولاند ووزير خارجيته لوران فابيوس عندما اختطف رجال قبائل المواطنة الفرنسية إيزابيل بريم والمواطنة اليمنية (العدنية) شيرين شوقي عبدالقوي مكاوي في أمانة العاصمة يوم الثلاثاء 24 فبراير الماضي، في سلسلة اختطافات حينا ينسبونها لقبائل وحينا آخر للقاعدة، والمصدر واحد.
الأسيرتان ظلما وعدوانا إيزابيل وشيرين من قبل خاطفين يزعمون أنهم مسلمون، والإسلام قرآنا وسنة بريء من تلك الأعمال المشينة التي يندى لها الجبين خجلا، وأصحابها ملعونون في الإسلام.
تنتظر المخطوفتان إيزابيل وشيرين إفراجا عنهما من قبل خاطفين خارجين عن القانون وعن الإسلام، وتنتظران انفراجا في المفاهيم التي اعتمدتها الحكومات في تغليب المصالح على المبادئ والسياسة على القيم الأخلاقية، وعلى الحكومات أن تعيد النظر في فداحة المواقف التي تؤثر على الشعوب والمجتمعات المدنية، وعليها أن تجذر مفاهيمها بأن إيزابيل مواطنة فرنسية وأن شيرين بنت عدن، وعليهم (المسؤولين الفرنسيين) أن يجهزوا ملفا عن أسرة المكاوي في عدن وإسهاماتها في تطوير المعرفة والإدارة والحضارة.
على الأصدقاء الفرنسيين أن يعلموا أن عدن مسكونة في وجدان الفرنسيين، وعليهم أن يجهزوا ملفا كبيرا عن التبادل الثقافي والتجاري والملاحي بين عدن وفرنسا ليعرفوا أنهم هضموا وظلموا هذه المدينة الطيبة وأبناءها الطيبين، ومنهم شيرين.
أصدقاءنا الفرنسيين.. نتطلع إلى الجديد في هذه القضية من زاويتين: الإفراج والانفراج في المفاهيم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى