الخيانة العظمى

> سمير عطا الله

>
سمير عطا الله
سمير عطا الله
ماذا تسمي رئيسا منتخبا هاجمت قصره واعتقلت رئيس وزرائه وحجزت عليه ووضعت خراطيم دباباتك في اتجاه غرفة نومه؟ لا تتعب نفسك، تسمّيه خائنًا، لماذا؟ لأنه لم يدرك منذ وصول الحوثيين إلى عمران أن عليه أن يذهب إلى منزله تاركًا لهم أغلى ما عندهم (الدستور)، لم يعد ممكنًا في اليمن أن تميّز المفاكهة من المأساة.
يحتل عبد الملك الحوثي صنعاء والقصر الجمهوري والوزارات والبنك المركزي، ويكون الضحية هو الخائن، لماذا؟ لأنه لم يوقِّع، قبل الذهاب إلى عدن، التنازل عن الدستور واليمن والإرادة والناس، لم ينسَ عبد الملك الحوثي - وهو يخاطب اليمنيين والعالم شارحا الفرق بين الأمانة والخيانة - أن يرفع خلفه شعار «الثورة مستمرة»، على مَن يا أخي؟ على ماذا؟ من أجل ماذا؟.
لم يبدأ تسخيف فكرة الثورة مع الحوثيين، الفريق القائد أعلنها من قبل ثورة حتى آخر يوم وحتى آخر فلس، ويا سيادة القائد الحديث عن ثروتك لم يأتِ من الجرائد، بل من مجلس الأمن، وهذه حالة نادرة وفريدة، ولا يمكن أن يكون المجلس قد أعد تقريره بعدما فتحت أبواب صنعاء للحوثي ضد (الخائن) منصور عبدربه.
هذا يعني أن سيادتك كنت تحت المراقبة الدولية منذ سنوات طويلة، ليس من أجل التشهير بك في اللحظة المناسبة، بل من أجل تدوين سجلات الحكّام الذين يقبضون على شعب فقير ويحولون عذاباته إلى ثروات فاقعة، ومن ثم إلى تحالفات ثأرية وصولية تفتح الباب عريضا أمام مآسيه.
السيرة التي وضعت لذبّاح «داعش» من يوم ولادته إلى يوم صار نجم الحز المصور، يجب أن تذكر الفريق القائد بأن العاملين في الحقل العام - بصرف النظر عن مراتبهم - يخضعون لرقابة مستمرة، لا يمكن أن يُترك العالم للصدف، والثروة المنسوبة إلى علي عبدالله صالح في بلد مثل اليمن شيء لا يصدَّق في عالم النسبيَّة، ولذلك له الحق في نفيها، غير أن لمجلس الأمن أيضا الحق في إثباتها.
المسألة ليست في ما جمع علي صالح في ثلاثة عقود، بل كيف يمكن له أن يجمع ما يتجاوز عشرة مليارات دولار في بلد لا مكان له بين اقتصادات العالم، أولا أو ثانيا أو ثالثا، لم يكن الرجل يتوقع أن يُطرح هذا السؤال في اليمن، لكنه لم يكن يتوقع أن يُطرح أيضا في مجلس الأمن، ومعروف أن الحاكم العربي يقرر البقاء إلى الأبد لكي لا يأتي بعده من يسأل.
التسوية التي أقنعت صالح أخيرا بالخروج ضمنت عدم مساءلته، أحكم إغلاق النوافذ ونسي مجلس الأمن، ما زال العرب يعتقدون أن في هذا العالم سرا مطويا، خطأ.. هناك فقط سر غير مُعلن، وإذا ما حان ظرف إعلانه يكون صاحبه أول المتفاجئين، هو نفسه لم يكن يعرف أن الاستثمار في السياسة له مثل هذا المردود.
* عن (الشرق الأوسط)

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى