المرقشي ألم وطن

> محمد العزعزي

>
محمد العزعزي
محمد العزعزي
كم دعونا لفك أسر المناضل أحمد عمر المرقشي العبادي حتى بحت الأصوات، لكن السلطة في صنعاء تؤكّد أنها لا تمنح الحياة أيّة قيمة، ولا تعترف بالديمقراطيّة، وهي براء من هذا القبيل، وبالمقابل فهي تمنح الموت بكل سهولة.
ويُواصل نظام صنعاء نفث سمومه ضدّ المرقشي عبر السجن، وحتما سينتصر السجين على السجان، لأن الحق والعدل مطلب كل المظلومين والمحرومين من التعامل الإنساني، ومنذ نصف قرن من الزمن عودنا نظام القبائل أنه لا توجد لديه قيمة لحياة الإنسان، وأنّ الموت بالنسبة لهم أهّم من الحياة، وكل الإجراءات المتبعة في تلك الأحكام باطلة شرعا وقانونا وعرفا، ومن البديهي أن لا تهتّم أنظمة القمع والاستبداد بحياة المسجونين أو المعارضين، لأنّ كل الممارسات التي تتخذ ضد هذا المعتقل منذ سنوات تعد تعسفا، وهذا الأمر ليس من مبادئ الدين الإسلامي الحنيف.
وليس من باب المزايدة، فإن الجبابرة تعدوا جميع الخطوط الحمراء.. إنّهم ليسوا بشرا مثلنا، ولا ينبغي استمرار هذا التعسف المقيت بالسجون السيئّة السمعة، وفي ضوء ذلك فإن ردود الأفعال المستنكرة تتزايد من قبل الشارع الجنوبي رفضا للحكم الصادر بالإعدام، وتتوالى تباعا بين الحين والآخر بتنفيذ الاحتجاجات والمسيرات، لكن يبدو أن المسؤولين لا يقرأون ولا يفهمون.
أحمد المرقشي سجين جنوبي سياسي بامتياز في صنعاء طال أمد انتظاره للإفراج عنه، فهو المقاوم العربي الذي يمتلك روحا تتجاوز أرواح كل البشر المقاومين حتى وهو خلف القضبان، وبعد ثماني سنوات من الظلم والتعسف يعتبر هذا البطل ألم وطن وضميرا مغيبا قسرا خلف القضبان، ونؤكد في هذا المقام على عدم مشروعية هذا الاعتداء على حرية وسلامة هذا الإنسان، كون صحته تدهورت جراء الضغط النفسي من طول فترة السجن، وتعرضه للتعذيب النفسي والجسدي، ولأن قضيته باتت إنسانية فعلينا تقع مسؤولية تكرير النداء وتنظيم الفعاليات للتذكير بقضية هذا الرمز الوطني.
أفرجوا عن المرقشي، وإن كان لا بد من محاكمته فلا مانع أن يكون الإجراء بقضاء دولي محايد نزيه عبر قضاة مشهود لهم بالحيادية، لكي ينتصر لنفسه وللعدالة الغائبة في هذا الوطن المستباح.
بكل أدوات النداء أطلقوا سراح هذا الإنسان من أجل عودة العنفوان والكبرياء إلى روحه الطاهرة، ومن الغرائب أن يخرج سجناء عليهم سوابق قتل وإبادة ولم يخرج المرقشي من عتمة السجن المركزي في صنعاء، وأنا أشعر أن الجغرافيا هي من تحاكمه، وكل المسرحيات التي قادته إلى سجنه باطلة هدفها الانتقام منه، لأنه رفض أن يلحق الأذى بالراحل العظيم الأستاذ الشهيد هشام باشراحيل، وهذه صنعاء - كما عرفناها - تعاقب كل من يقول لا، حتى الموت، وهذا العمل القبيح ينسحب على الكثير من سجناء الرأي والسياسيين من مناطق غير شمال الشمال.
توقفت الحياة في صنعاء ولم يتوقف ظلم المرقشي مع استمرار سجنه بأحكام غير عادلة، كونها تمت في ظروف استثنائية لم تتوفر فيها أدنى درجات التقاضي والعدالة بوضع طبيعي على الأقل، وهو بهذا الصمود والتحدي يعتبر بطلا في زمن الانكسار، وسقطت كل الشرعيات، ولن يعترف الجنوبيون بشرعية الحكم الصادر ضده باعتباره عنصريا، ولا يحمل شرعية قانونية في الظروف غير العادية التي تمت بها المحاكمة.
ويتساءل الناس أين دور المنظمات الإنسانية والحقوقية أمام هذه القضية الإنسانية، فقد ظهر دورها في قضايا مماثلة واختفت بهذه القضية، ولم تحرك ساكنا لمساعدة السجين الجنوبي أحمد المرقشي؟، وفي أقل تقدير تطويل السجن يعتبر تعذيبا نفسيا خارج القانون، ومنافيا لحقوق الإنسان في هذه البلاد المخطوفة من ذرة عدل، ولا ندري متى ستتحرك لمساعدة هذا الإنسان، كون السجن والأحكام الصادرة ضده غير شرعية وغير قانونية، وكل المعطيات والأدلة تشير إلى هذا.
أما الأدلة الجنائية فتؤكد أن القتل حدث من القوة المهاجمة التي أرادت اقتحام مقر صحيفة “الأيام” في صنعاء ما أدى إلى اعتقاله وسجنه عاما كاملا دون محاكمة، وتبعته سنوات دون ظهور الحق، ونحن على ثقة بأن هذه القضية هي قضية رأي عام، وأن استمرار سجنه غير مبرر حتى يظهر الحق طال الزمن أو قصر، وعلى أقل تقدير فإن المحاكمة واستمرار السجن مهزلة تنافي الحقوق والحريات في الماضي والحاضر وغير عادلة، وكذا غير شرعية في هذا الزمن المفرغ من العدالة والحياة الدستورية.
سلام عليك أيها الأسير السجين في منفى الظلم والطغيان، ولا أبالغ فأنت القائد والإنسان الشجاع، وأحد الرموز الاجتماعية، جسدتها في لحظة غياب المجتمع، فأنت من الذين لا يعبؤون بالمعتقلات، لأنك الحر ونحن العبيد.. أنت الطليق ونحن السجناء في هذا الوطن الكارثة، وأنت من ينتصر للمعذبين في الأرض في ظل صمتنا الرهيب.. فلا نامت أعين الجبناء!.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى