نكث صنعاء

> عبدالقوي الأشول

>
عبدالقوي الأشول
عبدالقوي الأشول
منذ أن وطأت أقدام أبناء الجنوب أرض العاصمة اليمنية صنعاء لم يشعر أي منهم بالأمان، واقع لا يمكن إنكاره، فلو نظرنا إلى السنوات التي أعقبت الوحدة وما تلا ذلك من ممارسات مستخفة وعدوانية طالت عددا كبيرا من القيادات الجنوبية وصولاً إلى حالة الاقتصاد الواسعة للشريك الجنوبي عقب حرب 1994م.
وهي الحرب التي أتت على الوحدة وأخذ الطرف المنتصر فيها يمارس طغيانه وعدوانيته المفرطة بحق القيادات الجنوبية التي توزعت في الأنحاء المجاورة ولم يعد بعد ذلك الوقت يجري الحديث عن شريك جنوبي فعلي في صنعاء، ناهيك عن مواصلة ذلك الطرف نهجه العدواني تجاه الجنوب عبر ممارسة النهب والتدمير والقمع على نطاق واسع، مستهدفا في الأساس طمس الهوية الجنوبية وتدمير كل ما وقعت عليه يديه من مؤسسات عامة وخاصة تحت سطوة القهر والبطش وعسكرة المدن وغياب العدل، بل وغياب الدولة الذي عاشه الجنوب لسنوات مضت.
وهاهي صنعاء كعادتها لاتبدي قبولا للجنوبيين بمختلف أطيافهم، وما جرى مؤخرا للقيادات الجنوبية من وضعهم تحت الإقامة الجبرية بعد سيطرة الأطراف المتحالفة على الوضع ما هو إلا تكريس لنهج إقصائي عدواني دأبت عليه العاصمة اليمنية تجاه الجنوبيين ممن تحملوا الكثير من العناء والصبر في محاولة منهم لعدم جعل الأمور تبلغ منتهاها لما في ذلك من انعكاسات سلبية على الوضع برمته.
من شرنقة الحصار أو الإقامة الجبرية خرج الرئيس هادي متسللا بصعوبة إلى عدن، الأمر الذي ولَّد خلطا عظيما لدى الأطراف التي كانت في طريقها لاستكمال انقلابها على السلطة، بل مثل خروج هادي مفاجأة حادة لهؤلاء الذين سارعوا لنفي شرعية هادي وكل القيادات الجنوبية التي يرون فيها منافساً لا يمتلك حقا في امتطاء صهوة عرش صنعاء بإرثه التاريخي الذي لا يخرج عن هلال الزيدية المستبدة.
العالم أبدى تعاطفا منقطع النظير مع شرعية هادي، الحال الذي أربك المشهد السياسي على الحوثيين وحليفهم صالح، ولم تكن تمضي سوى أيام حتى فاجأهم الجنرال محمود الصبيحي، صاحب السجل الشريف بتاريخه العسكري وحنكته القيادية، إذ استطاع هذا الجنرال المتمرس قلب المعادلة مرة أخرى بمفاجأة وصوله للعاصمة عدن بعد أن تخطى المخاطر والصعاب وعتبات الطريق إثر مطاردته وحاميته العسكرية في الطرقات المؤدية لعدن، إلا أن الرجل كان يمتلك من الدهاء والذكاء ما أفسد كل محاولاتهم في القبض عليه، ويتبين بعد هذا الخروج الذكي للصبيحي أن الرجل كان مختطفًا من قبل هؤلاء الذين - لا شك - حاولوا تقديم عروض كثيرة للرجل عله يكون واحدا من البيادق التي يمكن المراهنة عليها في انقلابهم الذي يسعون لجعله مستوفي الشروط والأركان، ولو من وجهة نظرهم وحدهم.
الصبيحي وصل عدن بعد مغامرة شديدة، وربما مكلفة للغاية جراء ما واجهت حراسته من مواجهات دامية واختطاف معيب.
أحداث ربما تشكل مرحلة مفصلية مهمة للغاية في علاقة الجنوب باليمن الشمالي.. لا يمكن الاعتماد عليها في إعادة ترميم هشيم الوحدة التي أفلت وذوت جراء هذا النمط من الممارسات، لقد بلغ السيل الزبى بكل المقاييس، فما واجه أبناء الجنوب من إهانات صنعاء لا يمكن احتمالها، خصوصا وهي تأتي تتويجا لسلوكاتهم العدوانية الممعنة تجاه الجنوب وأهله بكل ما خلفت من آثار عميقة في النفوس.
عودة الصبيحي ستدعم دون ريب جمهور الرئيس هادي باتجاه التعاطي مع ما تخلق من تبعات سياسية بصورة مختلفة لا مكان معها للعواطف، إذ لا يمكن استمرار عملية الزج بقدر شعبنا الجنوبي إلى ما لا نهاية في أتون دوامة صنعاء الخائبة بعواصفها المتقلبة، وهو ما تعمل عليه الأطياف الجنوبية بمختلف أطيافها، ولم يعد أمامها من سبيل إلا تأمين جنوبنا العزيز وحمايته من دوامات العبث المتداخلة التي تعتمل في مدينة سام بن نوح التاريخية الناكثة لكل الاتفاقيات والعهود تجاه الجنوب تحديدا.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى