من الضالع إلى ردفان

> عبدان دهيس

>
عبدان دهيس
عبدان دهيس
ليس هناك من تفسير مقبول لما تقوم به قوات الجيش اليمني، من استهداف وقصف وعدوان مستمر على الضالع وردفان بنيران المدافع وقذائف المدرعات والدبابات، وإطلاق الرصاص الحي على الأهالي والسكان، مما أدى ويؤدي إلى سقوط قتلى وجرحى، ونزوح جماعي للمواطنين الآمنين المسالمين، جراء قصف وتدمير منازلهم، وإحراق مزارعهم، وغيرها من الآثار التي يخلفها مثل هذا العدوان العبثي الهمجي، فلماذا (الضالع وردفان) بالذات دائماً ما تدفعان (فاتورة التضحية)، وهما ماتزالان على هذا الحال، منذ وقت مبكر؟.
هل هذا بسبب مواقف أبناء الضالع وردفان، في المسيرة الوطنية والنضالية الجنوبية، وفي مختلف المراحل والمنعطفات الأخرى، وهي مواقف معروفة وشجاعة، لاتقبل المساومة ولا المقايضة، أم أن هناك فلسفة وتعاطيا من نوع آخر، لاتعرف أبعاده، لمثل هذا الاستهداف والعدوان، الذي أضحى يتكرر بصورة ملفتة، تثير القلق والخوف والاستغراب؟.. هذه أسئلة مهمة، ستظل تبحث عن إجابات، لتبيان الحقيقة للناس.
لقد أصاب الضالع وردفان، ما أصابهما - ومايزال - من المتاعب والاستهدافات ومحاولات التركيع، في كل المراحل والمنعطفات والتحولات، منذ اندلاع ثورة 14 أكتوبر 1963م، وفي (عهد الوحدة) أيضاً - المنتهية الصلاحية، وبعد حرب 1994م القذرة على الجنوب، ودائماً ما كانت الضالع وردفان (حطباً ووقوداً) لاينقطع في كل منعطف، وقد قصفتا أيضاً بالطيران الحربي، أثناء حرب التحرير والاستقلال، ويكفي ردفان فخراً أن أول شهيد في ثورة 14 أكتوبر في الجنوب، كان من أبنائها، وهو الشهيد راجح بن غالب لبوزة، ومن أبطال ومناضلي وثوار الضالع البارزين الشهيد المناضل علي أحمد ناصر عنتر، وقافلة طويلة من الشهداء والثوار الأبطال، لايتسع المجال هنا لذكرهم.
لقد لحق بالضالع وردفان، خلال كل هذه السنين - وهذا للأمانة والتاريخ - الكثير من الظلم، والتهميش والإهمال، بل وعوقبتا بعنجهية، وسذاجة، وعبث إلى حد المبالغة، ولكنهما لم تنكسرا، ولم تخضعا، أو تركعا، ولم ينهزم أو يتراجع أبناؤهما إلى الخلف، ولم يتواروا عن المشهد الجنوبي، والوطني بصفة عامة، فأبناء الضالع وردفان كانوا دائماً - ومايزالون - في مقدمة الصفوف والمشهد السياسي والمدني والاجتماعي.
قوات الجيش اليمني، المرابطة في الضالع وردفان، منذ حرب 1994م الظالمة على الجنوب، لم تتورع عن إيذاء الأهالي هناك، وقتلهم وقصف منازلهم، وإحراق زرعهم وضرعهم، والتنكيل بهم، ولم تذعن لنداءات المنظمات الإنسانية المحلية والدولية المستمرة، المطالبة بإيقاف هذا العدوان الغاشم المتكرر، على الأهالي والمواطنين المسالمين الآمنين، فالمطلوب الآن من أبناء الجنوب كافة، بمختلف مكوناتهم السياسية والمدنية والاجتماعية والمهنية، القيام بحملات تضامنية سلمية واسعة، لاتتوقف، مع أبناء ردفان والضالع الباسلتين، والتنديد بهذا العدوان الغاشم، وبهذه الأعمال البربرية الهستيرية المؤذية، التي طالت - وتطال - مناطقهم.
فالجنوب كله أصبح اليوم مستهدفاً، من قبل قوات الجيش اليمني، ابتداءً من عدن الصامدة، إلى حضرموت، ولحج، وشبوة، وأبين والمهرة، وسبق وأن عانت - وماتزال تعاني - مناطق الجنوب، دون استثناء، منذ 1994/7/7م، من مثل هذا العدوان البليد، فأبناء الجنوب اليوم يذبحون ويقتلون بدم بارد، ويسجنون ويعتقلون ويعذبون ويشردون وتنتهك حرياتهم وحرماتهم، وتدمر مناطقهم، وتنهب أرضهم، وتسرق ثروتهم، فحان الوقت أن ينهض الجنوبيون لرفض ومناهضة مثل هذه الأعمال المخالفة للقانون الدولي لحقوق الإنسان، وللمواثيق والعهود الدولية الأخرى، ذات الصلة بالحماية الإنسانية والحريات واحترام الآدمية البشرية، فكفى الجنوبيين قتلا وقمعا وترهيبا وتنكيلا وإذلالا وإهانات، فينبغي الآن لصوتهم أن يُسمع، وأن يكون لنضال حراكهم السلمي السياسي والمدني والاجتماعي وقع وتأثير وفاعلية، لانتزاع حريتهم، وتقرير مصيرهم، واستعادة دولتهم، لنتضامن معاً مع أبناء الضالع وردفان.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى