السوريون اسرى امراض الاكتئــــاب والقلق بعد اربع سنوات من الحرب

> دمشق «الأيام» أ.ف.ب

> يعاني العديد من السوريين المرهقين جراء العنف والمنهكين بفعل الازمة الاقتصادية من حالات اكتئاب واضطرابات نفسية بعد اربع سنوات من حرب مدمرة.
وكشفت وزارة الصحة السورية نهاية شهر فبراير للمرة الأولى عن حجم الضرر، ازدادت الاضطرابات النفسية بنسبة 25 في المئة عما كانت عليه قبل بدء النزاع، وارتفعت محاولات الانتحار بشكل لافت فيما يحتاج اربعون في المئة من السوريين إلى دعم نفسي واجتماعي.
ويروي اخصائي في القلب لوكالة فرانس برس أن سيدة سورية في الخامسة والخمسين قصدته في عيادته وسط دمشق لتشكو معاناتها من الام في الصدر ودقات قلب سريعة. لكن الطبيب أصر على أن هذه العوارض ليست مرتبطة بخلل جسدي.
ويتابع انها غالبت دموعها فجاة قبل أن تقول “قتل اثنان من ابنائي في المعارك. ابني الثالث في السجن ولا اعرف شيئا عنه”.
ويشير الطبيب إلى أن اربعة من كل عشرة مرضى يقصدون عيادته يعانون من الاجهاد والاضطرابات النفسية، وهم في الغالب من النازحين الذين تدنى مستوى معيشتهم بسبب الحرب. ويقول “يعانون الاكتئاب والقلق نتيجة النزاع، ويظهر ذلك احيانا من خلال عوارض جسدية”.
وتسببت الحرب خلال اربع سنوات بمقتل اكثر من 210 الاف شخص ونزوح نحو 11,4 ملايين سوري من منازلهم داخل سوريا وخارجها، من دون أن تظهر في الافق اي حلول بعد. ويتفاقم الوضع كل يوم مع الفظاعات التي يرتكبها تنظيم الدولة الإسلامية.
ويقدر طبيب نفسي يستقبل المرضى في عيادته الصغيرة الواقعة في حي تجاري في دمشق أن “عدد حالات الاكتئاب والتناظر ما بعد المرض النفسي ارتفعت بنسبة ثلاثين في المئة” منذ بدء النزاع عام 2011. ويلفت إلى أن من عوارض هذه الحالات التوتر والقلق والكوابيس.
ويؤكد الطبيب المتخصص في فرنسا أن السوريين باتوا يعانون من “وهن” نفسي وجسدي. ويقول “يخاف الناس من العنف ويعتريهم القلق حيال مستقبلهم”.
وقد دمرت الحرب البنى التحتية في سوريا ومحت مناطق واسعة من الوجود وعطلت الاقتصاد الذي تراجع ثلاثة عقود إلى الوراء، وفقدت العملة السورية ثمانين في المئة من قيمتها وبات نصف السكان عاطلين عن العمل.
في حي القصاع في وسط العاصمة، يدق احد الصيادلة جرس الانذار. يشير إلى ارتفاع مبيعات الحبوب المنومة والادوية المضادة للقلق بنسبة ثلاثين في المئة عما كانت عليه عام 2011.
ويقول “يطلب اكثر من 20 زبونا هذه العقاقير يوميا لكنني اكتفي ببيعها لاربع او خمس حالات بناء على وصفة طبية”.
في موازاة ذلك، تولي راهبات مركز الراعي الصالح الذي كان يستقبل قبل بدء الحرب ضحايا العنف الاسري، الاولوية اليوم لتقديم الدعم النفسي إلى النازحين.
وتوضح منسقة برامج الدعم النفسي رشا طيري لفرانس برس أن الاتصالات بالمركز لمساعدة الناس المنكوبين، تضاعفت منذ عام 2011.
ويقول ابو سامر وهو مالك متجر كبير لبيع الاثاث فرغ من زبائنه “نحن يائسون. عمليات القتل مستمرة، لا مازوت للتدفئة، لا كهرباء، اسعار غاز الطهي ليست بمتناولنا”. ويضيف “لا اعلم ما سيكون عليه مستقبلي”.
ولم تستثن الاضطرابات النفسية، وفق الطبيب النفسي، البالغين والاطفال. وتروي صباح، اربعينية، كيف أن طفلتها البالغة من العمر عامين اصيبت في احدى المرات بما يعرف بـ “الوسواس القهري” الذي من عوارضه الشعور باستمرار بحاجة ملحة لدى المريض لنتف شعره.
وتعترف صباح انها استعانت من جهتها بالمهدئات. وتضيف “كنا نقيم في منطقة ركن الدين (شمال دمشق). كنا نسمع اصوات القصف القوي ومداهمات الجنود. اختفت الاضطرابات عندما غيرنا مكان اقامتنا”.
وتلاحق الكوابيس طوال الليل كلا من الشقيقين علي (خمسة اعوام) وكاوا (سبعة اعوام). وتقيم عائلتهما في جرمانا، ضاحية دمشق الواقعة تحت سيطرة قوات النظام والتي تشهد غالبا سقوط قذائف مصدرها مواقع مقاتلي المعارضة في ريف دمشق. كما شهدت في الماضي تفجيرات عدة.
ويقول والدهما محمد انهما “يستيقظان مذعورين. يبول الصغير في سريره ولا يريد ابدا البقاء وحيدا”.
ويوضح الطبيب النفسي أن تداعيات النزاع ستكون جسيمة على المدى الطويل. ويقول “تظهر الاعاقات الجسدية والعقلية اكثر عند انتهاء الحرب لان الناس منهمكون اليوم بتوفير حاجاتهم الاساسية من تدفئة وغذاء وسواهما”.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى