وحدويون.. وهم سُقامها المُميت

> أحمد ناصر حميدان

>
أحمد ناصر حميدان
أحمد ناصر حميدان
في مناطق النفوذ رزق بطفل، وتقدمت لتهنئته، فكان رده ببساطة لا تهنئيني بل هنئي الرئيس صالح، لقد أضفنا له جنديا مخلصا، وغدا سنذهب لتسجيله وترقيمه عسكريا، وتلك هي وثيقة ميلاده، هكذا سخروا مناطق نفوذهم السلالي لطاعتهم بالولاء للقبيلة والعرق 33 عاما بنية قلاع تحمي نفوذهم وتؤسس لحكم الزعيم القبلي السلالي، فكان الجيش ملكا له، ولاؤه للقبيلة، ورمزية الرئيس السابق هو الوطن وهو الشعب وهو اليمن ومن يعارضه أو يحدد موقفا منه وصموه بالعدو والمتمرد والانفصالي.
إنها كارثة ابتلي بها بلدي اليمن، الذي يعيش وحدة وطنية هشة مفروضة بالقوة خارج نطاق القناعة والحب والتسامح والمصير المشترك، بنوا فيها مؤسسات وأركان دولة انفصالية مقيتة، جيش طائفي وروح عنصرية الولاء للقبيلة وزعمائها، ولا يعرفون معنى الوطن الكبير الواسع، اليوم يبرهن ذلك عمليا ويثبت للجميع من هو الانفصالي على الأرض، الذي يمارسها كثقافة وسلوك ويرسخها واقعا معاشا.
انتخبوا رئيسا جنوبيا كانوا يريدونه مطية وورقة للاستخدام عندما قرر أن يتحرر ويحرر معه الوطن من هيمنتهم وطغيانهم عندما قرر أن يرسخ الوحدة الوطنية في المؤسسات والسلطة العليا في القرار المصيري في النظام والقانون، ويجعل الوطن يعيش في نفس ووجدان الجميع، ونتعايش فيه بحب وسلام ووئام وتلاحم مع كل الخيرين والشرفاء لتأسيس الدولة المدنية الضامنة للحريات والعدالة، وأن يصنع صورة وحدوية متينة مقبولة لتؤسس لدولة فيدرالية قوية فيها عدالة التوزيع للثروة والسلطة، اعتبروا ذلك انقلابا عليهم وعلى مشروعهم المذهبي الطائفي، أي الإمامة السياسية، والحكم من أهم أصولها العقائدية والقائمة في آل البيت، وما يجري من صراع هو في نفس المنحى للحفاظ على الإرث العرقي في الحكم.
نحن أمام إرث متجذر داخل عمق الدولة ومؤسساتها، لا ننظر لشكليات الأمور وما يبثونه من إشاعات بهدف إلهائنا عن مشروعهم الحقيقي، يوجهوننا في صراعات لشق الصف لنكون ضعفاء لا نملك القدرة على مواجهتهم، بغض النظر عما يطرح من فساد وإفساد لا يمكن أن يكون بحجم فسادهم، إرهابهم، وشناعة انتهاكاتهم، تظل المهمة الأساسية هي التخلص من هذا الإرث الثقيل على أوزار الوطن والمواطن، وذلك في تأسيس لدولة عادلة وضامنة للحريات وفق مخرجات الحوار، التي انقلبوا عليها، ويوصلون طمسها وإلغاءها لأنها تهدد مشروعهم.
اليوم القوات المسلحة في قبضة مليشيات، ويطوعونها لمشروعهم بكل قوتها البشرية وعتادها الحربي من الشمال إلى الجنوب، اليوم يمارسون الانفصال في النفوس ويعززون الكراهية ويعمقون الفرقة، لازال مشروعهم الوحدة أو الموت قائما يعلنون عنه ببجاحة، الوحدة التي تعيش في ذهنهم وتخدم مشروعهم، ليست وحدتنا المباركة التي نطمح لها (وحدة الحق والعدل والحرية والمساواة) التي نحروها في حربهم الظالمة عام 94م.
تحالف اليوم لا يختلف عن تحالف الأمس، فالهدف واحد، والبذرة ذاتها، إذن الثمرة هي الحفاظ على ذلك الكيان السرطاني الخبيث الذي ينخر جسد وطننا الغالي، وتجاربنا المريرة خير شاهد على ذلك، فهل نتعظ ونستوعب جيدا حقيقة الأمور ومعنى الهدف الإستراتيجي؟، فلا يمكن الاستمرار في إخفاء الحقيقة أو التهرب منها، تظل حقيقة علينا مواجهتها، وعدن هي منطلق هذه المواجهة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى