سوء تخطيط المدن من سوء الإدارة

> علي محمد زين الجفري

>
علي محمد زين الجفري
علي محمد زين الجفري
كثيرة هي الموروثات المزعجة الفاشلة والمعيقة للتنمية والمحبطة لجمال المدن في المنطقة العربية باستثناء دول الخليج العربي.
فمن يتحمل مسئولية هذا الجهل والفساد، طبعًا من تبوأ مناصب قيادية بخلفيات سياسية أو جهوية، أو من وضع الرجل في غير مكانه المناسب، أننا نرى أو نقرأ أن هذه البلدة أو تلك قد امتزجت فيها مياه الشرب بمياه الصَّرف الصحَّي، أو اجتاحت بيوت الناس فيها ومزارعهم مياه السيول والأنهار وهلم جرا.
المثل العصري العلمي يقول إذا أردت أن تعرف أحوال أهل بلدٍ ما انظر إلى شوارعها، سوق البلدية، أمنها، أهل القضايا لدى المحاكم وما يعانون، فإن رأيت ما لا يسر الناظر والعقل فلا تقحم نفسك في هذا التخلف والفساد الذي حلَّ بهذه القرية الظالم أهلها، فلا تنمية مستدامة ولا جزئية مع هذا الواقع المزري (من حُسن اداء التخطيط أن تشارك عقول متخصصة في الإعمار، الطرقات، التُربة والري، البلدية، كهرباء، ماء، تلفون، خدمات أخرى كأطفاء الحرائق ومواجهة الكوارث.. إلخ).
على أن يتوصل الجميع إلى احتساب مضاعفة العدد الكافي والمعماري لأجيال قادمة واضعين في الحسبان أسوأ التقديرات المستقبلية، وارتفاع معدلات الخدمات.
السيد وليم 1819 - 1891 - بريطانيا هو الذي توصل إلى ابتكار وتأسيس أول مشروع لنظام المجاري في العالم (الصرف الصحي). وبذلك كان له الفضل في المملكة المتحدة وفي العالم.. أليس هذا علما وابتكارا فريدا؟ ألم ينقذ حياة الإنسان من أخطار الأوبئة والأمراض في وقت مبكر؟ ألا يحتاج هذا الرجل إلى تكريم يليق بمقامه في بلده وفي أرجاء المعمورة؟.
ما هي المعايير أو المقاييس التي استند إليها هذا العبقري في ارساء مشروعه؟ إنه لم يكن مخطط مشروع على الورق بل أشرف على صناعة الأنابيب الصلبة التي تقاوم مياه البحار والصدأ بعد دراسة عميقة في طبيعة الأرض، التربة وغير ذلك من المواد بحيث يظل عمرها إلى بعد عشرات أو مئات من السنين، ومن أراد التعرف على طبيعة هذه الأنابيب، فلربما يجد بعضًا منها تحت جبل المعاشيق في كريتر عدن على الشاطئ.
لم يكتفِ السيد وليم بما توصل إليه في صناعه الأنابيب بل أشرف على صناعه أغطية (البلاليع) التي صنعتها شركة جورج ستو من الحديد الصلب (George Stowco) في مدينة هنلي الواقعة على ضفاف نهر التيمز بضواحي لندن.
هذه الأغطية المتينة عاشت عشرات السنين، ومنها ما كان إلى عهد قريب في مدينة كريتر بعدن، كما شاهدت قبل سنوات خلت في إحدى دول الخليج أنك تتعجب فعلا عندما تقرأ عنوان هذه الشركة على هذا الغطاء الصلب.
هذه الشركة عملت منذ وقت طويل في صناعة أنابيب حفر الآبار الارتوازية وأغطية الآبار وغيرها من المشتقات مع دراسات لمواقع حفر الآبار قبل الولوج في العمل كان نشاطها في بعض بلدان الشرق الاوسط ومنها جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، فهي التي حفرت الابار في أبين باجدار وفي لحج ابار صبر وكان لها نصيب في تزويد وزارة الزراعة بمعدات الحفر، أما كيف تم التعامل معها فبواسطة الشخصية العدنية الفذة الشيخ وديع حسن علي بيض الله ثراه، الذي كان جزءا كبيرا في ازدهار التنمية، فهو كان ممثلا للشركة ولحكومة عدن وكان له الفضل في حضور هذه الطفرة من الازدهار لم أكن أعرفه من قبل بل التقيت به في لندن عندما بعثنا مع الشركة، كان رجلا خدوما متواضعا وهو في مراحل عمره الطويل، بيته كان مأوى لكل زائر ولكل من يطلب الخدمة في التطبيب أو التجارة من عدن.
لقد استفدت منه معلومات كثيرة في مجال الزراعة والانبات حينما عرفت بأنه كان يصاحب الوفد السلطاني إلى الهند لإحضار بعض الشتلات الزراعية وحكاية أقلمة الاشجار والبذور مع بعض المحطات التاريخية.
شركة ستو قبل ان تنمي نشاطها لديها ملفات ودراسات هامة عن مياه السيول والأودية والآبار وغيرها، وعرضت حينها على مؤسسة المياه بعدن أن تعير اهتمامها عند قبول العطاءات فحص الرديئة من المثلى، وعلى أن تحصل على تلك الدراسات والوثائق، لكن دون جدوى.
طبعا الدول الصناعية طورت من تصاميمها لهذه المجاري بشكل يتناسب مع حضارة العصر ولم تجد ما يزكم الانوف كما هو الحال لدينا في اليمن، أما في اليابان فحدث ولا حرج، إذ يكاد الانسان يقضي حاجته في أحد شوارعها النظيفة والمضيئه ليلا ونهارا وبدون مراحيض بأسلوب عصري لم يخطر على بال أحد.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى