تفاقم الأزمة اليمنية واحتمالات الحرب

> صالح عكبور

>
صالح عكبور
صالح عكبور
إن تأزم الوضع الدولي وتصاعد تفاعلات الأزمة الاقتصادية والمالية التي عانت منها الدول الغربية انعكست تداعياته على البلدان العربية وما سببته من أزمات وصراعات شهدها العالم العربي وأدت إلى إخراج دول عربية عن مسارها الطبيعي وإحداث فوضى عارمة خلفت مآسي أمنية وإنسانية كبيرة لصالح المشروع الاستعماري الجديد.
واليمن كان لها نصيب من هذه الكوارث، وهي سباقة بهذا المضمار، حيث كان عام 1990م بداية لصراع جاء على خلفية اتفاقية الوحدة التي دشنت أولى مراحل الصراع بين شطري اليمن، وتطورات تفاعلاته بعد سلسلة من الاغتيالات طالت قيادات جنوبية، في مخطط لتصفية قيادات جنوبية وإحكام قبضة الشمال على الجنوب، وما تلاه من مشاريع شاركت فيها قوى متطرفة، رفضت كل الحوارات من أجل إنهاء الأزمة السياسية بين قيادات صناع الشراكة (الوحدة)، وقادت تلك الخلافات إلى حرب طاحنة غير متكافئة بين قوات الشمال وقوات الجنوب، ونجاح الشمال، بحسب السيناريو، في السيطرة على الجنوب ومقدراته.
لكن الأزمة ظلت كامنة في العمق، ولو كان الظاهر أن الشمال نجح في إرغام الجنوب على قبول الشراكة بمباركة إقليمية ودولية، فالمشروع الوطني الذي كان يشكل أدبيات الحزب الاشتراكي الحاكم في الجنوب وأهداف طلائع الثورة في الجنوب ووجدان الشعب قد تم وأدها بإعلان الحرب على الجنوب في 94م، وأحدث ذلك شرخا كبيرا لم يلتئم، بل ظل يتسع شيئاً فشيئاً إلى أن عبر عنه شعب الجنوب باحتجاجات عام 2007 المطالبة بالاستقلال عن الشمال، قوبل بالعنف والقمع وسقوط كثير من الشهداء والضحايا.
ولم يكن النظام في الشمال بأحسن حالا، فتفاعلات الأزمة التي يعانيها اشتدت، بالرغم من محاولاته تصدير كل أزماته الاقتصادية والاجتماعية إلى الجنوب كمتنفس له، بعد عودة العمالة اليمنية من دول الخليج بسبب موقف علي عبدالله صالح من اجتياح صدام حسين للكويت.
برزت بشكل قوي خلافات عارمة بين مكونات النظام السياسي والاجتماعي أدت إلى نقل السلطة إلى عبدربه منصور هادي الذي واجه هو الآخر تركة ثقيلة وخلافات عميقة مع مكون آخر في الشمال دخل عدة حروب مع النظام، وله أجندة ومشروع ذو ارتباطات داخلية وخارجية.
ومع كل الجهود المبذولة وتدخل أطراف إقليمية ودولية في محاولة لتقريب الفرقاء إلا أن الأزمة ظلت تتفاقم، لأن مساحة الخلاف بين الطرفين كانت واسعة جداً، ومن الصعب الاتفاق بعد الأحداث الدرامية التي حصلت، والتي ستؤدي حتما إلى احتدام الصراع، مع استنفار كل طرف لما لديه من إمكانيات وقدرات عسكرية.. فهل تقودنا الأحداث الجارية إلى مشهد دموي جديد.. ربما، وقد يكون محدودا، بحيث لا يخرج عن السيطرة، لأن ذلك سوف يؤدي إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية والمالية لتلك الدول التي تمسك بخيوط كل المشاريع والسيناريوهات التي يجري رسمها وتنفيذها في المنطقة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى