الرئيس هادي والجنوب

> عبدان دُهيس

>
عبدان دُهيس
عبدان دُهيس
الآن الرئيس هادي في عدن، ويمارس مهامه وسلطاته الرئاسية من داخل عدن، بعد أن أضحت (صنعاء) عاصمة غير آمنة، والأوضاع الأمنية والسياسية فيها غير مستقرة، وتنذر بمخاطر كثيرة، فغامر هادي بحياته واخترق الحصار الشديد الذي فرضه عليه الحوثيون في منزله، ومر بطرق ومسالك عديدة وخطيرة حتى وصل إلى عدن بسلام وأمان.
فهذه المدينة العريقة الباسلة التي ظلمت كثيرًا وطويلًا، ورغم كل ذلك كانت - وماتزال - حضنًا دافئًا لكل الناس والأجناس والديانات، فها هي قد فتحت قلبها وذراعيها للرئيس هادي واحتضنته بدفء وحنان، وعهدًا بهذه المدينة الصابرة الوفية وأهلها الطيبون الذين لهم تاريخ حافل في سجل العمل الوطني والنشاط المدني والاجتماعي في مختلف مراحل النضال الكفاحي والعطاء والتضحية.
عدن والجنوب بأسره مستبشرون ومتفائلون بوجود الرئيس هادي بينهم، وهم يتطلعون ويتوقون بشوقٍ كبير إلى تحريك (ملف القضية الجنوبية) بكل شفافية ووضوح، فكفى الجنوب تلاعبا بقضيته وامتهان كرامة شعبه، ونهب ثرواته والتآمر على خيراته، وتسريح كوادره المدنية والعسكرية قسرا، وتعطيل قدراته الاقتصادية والمهنية وطمس هويته وبعثرة تاريخه وتزييفه، وتعويم وخذلان دور ومكانة ونشاط ميناء ومطار عدن الدوليين الاستراتيجيين الهامين، والتآمر عليهما من داخلهما.
لقد لحق بالجنوب والجنوبيين منذ الوحدة وبعد حرب 1994م، الكثير من المظالم والمآسي والأحزان وحياة البؤس والفقر والشقاء والحرمان، والرئيس هادي أعلم وأفهم بواقع الجنوب وأهل الجنوب، وبالعذاب الذي هم فيه، فمعدل البطالة في أوساط الشباب الجنوبيين من كلا الجنسين يتصاعد وحقوق الناس منهوبة ومصادرة ومستولى عليها من قبل الطرف الشمالي المتنفذ المنتصر منذ 1994/7/7م، وما تزال في قبضتهم حتى اليوم، ومؤسسات الدولة والقطاع العام لم يعد له أثر، بعد ان تم خصخصته وتقاسمه وتحويل عماله وموظفيه إلى قوى فائضة، ومسلسل النهب والتخريب والفيد أتى على كل شيء من الأرض إلى البحر والحجر والشجر، وما خفي كان أعظم.
الرئيس هادي كان ممسكاً بـ(ملف الجنوب) من سنوات بعيدة وقد ترأس العديد من اللجان وهو في موقع (وزير الدفاع) وبعدها في موقع نائب رئيس الجمهورية، وأسندت إليه حينها معالجة قضايا الأراضي المنهوبة والعمالة الموقوفة وأوضاع المرافق والمؤسسات الحكومية المخصخصة، وقضايا أخرى كثيرة تتعلق بأوضاع العسكريين والأمنيين والمدنيين المبعدين من وظائفهم قسرًا وغيرها، وهي نفس القضايا والملفات التي انتقلت معه وهو على رأس السلطة بعد أن انتخب (رئيسا للجمهورية) في 21 فبراير 2012م، فشعب الجنوب اليوم لديه قضية عادلة، وهو يناضل بكل الوسائل السلمية من أجل حريته واستقلاله واستعادة دولته، ويتطلع هذا الشعب المظلوم المحروم إلى الرئيس هادي أن يفعل شيئًا لإحقاق مطالب الجنوبيين وأن ينتصر لعدالة قضيتهم، وهم يثقون فيه لتحريك (ملف الجنوب) والتوافق مع قيادات الحراك السلمي الجنوبي بمختلف مشاربه وتوجهاته السياسية والفكرية لإيجاد حلول يقبلها الجميع ويرضى بها شعب الجنوب، وتكون ملبية لطموحاته من دون فرض أو أوامر أو وصاية أو إحراجات.
واللقاء الذي جمع الرئيس هادي بقيادات عدد من مكونات الحراك السلمي الجنوبي في 11 مارس الجاري 2015م في دار الرئاسة بعدن قد تناول (القضية الجنوبية) بأبعادها السياسية والوطنية وكيفية معالجتها خاصة وإنها - كما أكد الرئيس هادي خلال اللقاء - انتقلت من الساحة الوطنية إلى الساحة الإقليمية والدولية، وذلك بفضل الاهتمام الكبير الذي حظيت به هذه القضية خلال جلسات مؤتمر الحوار الوطني.
ولا أظن أن الرئيس هادي لا يريد أن يرى الجنوبيين سعداء، بكل تأكيد يريد أن يراهم في سعادة وسيكون أكثر سعادة حينما تحل القضية الجنوبية جذريًا.
الآن على الطرفين التعاون إلى أبعد الحدود - وبدون شروط - من أجل التسريع بحل القضية الجنوبية، فوجود الرئيس هادي بعدن يعد فرصة تاريخية كبيرة لا تعوض، لتحقيق طموحات شعب الجنوب المقهور والمغلوب على أمره، وعلى قادة الجنوب أن لا يضيعوا فرصة كهذه، فالفرص التاريخية لا تتكرر ولنا في ذلك عبر كثيرة.
**عبدان دُهيس**

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى