تعز لا تعيش في (منظمة عدم الانحياز)

> عبدالعزيز المجيدي

>
عبدالعزيز المجيدي
عبدالعزيز المجيدي
تضحك كثيرا حين تنحسر تعز، مخزن الوجدان الوطني، إلى الانكفاء على نفسها، وكأنها عضو في منظمة “عدم الانحياز” .
تريد السلطة المحلية نقل مخاوف البعض إلى مواقف المحافظة، وسحبها من القضية الوطنية إلى “الشأن الخاص” وحفظ أمن المحافظة.
حتى هذه اللغة المخاتلة، التي وردت في بيان اللجنة الأمنية أمس برفض أي “تعزيزات من أي طرف” تحولت إلى نكتة سمجة بعد استقبال تعزيزات من صنعاء وإرسالها إلى الجنوب.
ثمة انقلاب مسلح دبرته قوى وتحالف عصبوي، مستخدما الجيش والأجهزة الأمنية لمصالح وحسابات خاصة، وتسليم قيادة لمليشيات، ضدا على الرئيس الشرعي، تحوله لغة الساسة الرديئة إلى نزاع خاص بين أطراف، ونحن لسنا معنيين به!.
لسنا مع شخص ضدا على جماعة أو طائفة ما، نحن ضد الاستقواء ومنطق التغلب، والخروج على شرعية الإجماع الوطني، لأنه سيفضي إلى الحرب الأهلية، والخراب المحتوم، كما هو المصير يلوح الآن.
هل هي حرب تخص الأطراف أم أنها حياتنا ومستقبل بلدنا وأطفالنا؟.
تكمن خطورة هذا التفكير المحدود والمدفوع حتما بحسابات ومصالح ضيقة في كونها تعزل أهم محافظة تربط الجسم اليمني ببعضه، شمالا وجنوبا، وكانت على الدوام شريان حركات التحرر من الاستعمار في الجنوب، ومن الإمامة والاستبداد في الشمال.
يجب أن تتصدى تعز للانقلاب من منطلق وطني، وأن تقف بحزم، لأن غطرسة التحالف الانقلابي تدق المسمار الأخير في نعش البلد ووحدته ونسيجه الاجتماعي.
غير هذا الدافع الجمعي المهجوس بالقضية الوطنية ثمة مصلحة مباشرة لتعز، فالانقلاب سيلحق الأذى بتعز، كمحافظة عانت التهميش، وتحفل ذاكرتها بعقود من الاستعلاء والإقصاء والمظالم.
سيعيدها الانقلاب لا محالة، إذا مر، إلى الجحر ذاته، حيث الهيمنة ومنطق التعصب والتغلب بالقوة، وسترتد إلى زمن المحافظة السخرة ومنطقة “تنافيذ” لهضبة الهيمنة والبطش.
لقد أخذ التحالف الانقلابي الانفصالي البلاد عمليا إلى التمزق، وهناك من يرسم خطوط التماس الدولية الآن، تبعا للواقع الذي ستفرضه الأحداث، وإذا وجد الجنوب نفسه وحيدا في مواجهة هذه العصبيات فسينكفئ للدفاع عن حدوده مدفوعا بتفرد الغزاة في تقرير مصير الشمال.
حينها سترتفع حناجر المزايدات السخيفة عن الوحدة المهددة ومشروع الانفصال، وفي الواقع، فإن انقلاب 21 سبتمبر ليس انقلابا فحسب على رئيس جنوبي، بل إعلان للانفصال، وهم مستمرون اليوم في إنفاذه على الأرض والخرائط، والرئيس ما يزال يدعو بكل صراحة إلى حماية الوحدة وصون البلد، بإنهاء الانقلاب والعودة إلى الحوار، يفعل ذلك برفقة فريق من القيادات العسكرية الوطنية المحترمة.
ما يحدث ليس شأنا حصريا يخص صالح وتحالفه الحوثي، بل هو مستقبلنا ومصير بلد غدا ألعوبة في يد جماعة مجنونة وتحالف شرير يريد السيطرة والسلطة بأي ثمن.
يجب على تعز أن تحدد خيارا واضحا، وأن نعلن للعالم بالعفل - وليس الكلام - أين نقف.
لا نطلب الكثير، نريد دولة لجميع اليمنيين، بكل طوائفهم ومناطقهم، دولة مواطنة وقانون، الحلم الذي ينقض عليه أعداء اليمن بلا هوادة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى