هل يزحف الحوثيون إلى عدن.. أم مأرب؟ اليمن على مفترق طرق لا يراد له إلا أن يكون دمويا

> «الأيام» عن «السفير»

> ما قبل تفجيرات المساجد في اليمن، ربما لا يكون كما بعدها. صحيح أن حرمة الدم اليمني قد انتهكت كثيرا من قبل، لكن استهداف المصلين في أكثر من مسجد وفي يوم جمعة، ومن قبل تنظيم «داعش»، في ذروة احتدام الصراع السياسي، قد تكون له تداعيات مختلفة، وأكثر خطورة على المشهد اليمني.
خطوط الصورة اليمنية لا تكون عادية عندما يغرق الرئيس المتراجع عن استقالته عبدربه منصور هادي في صراع عسكري في عدن مع خصومه، ويتعرض قصره لغارة جوية، فيما يتسلل انتحاريون الى مساجد في صنعاء وصعدة «لقطع ذراع المشروع الصفوي في اليمن» كما يقول بيان «داعش»، فيما يحذر مفتي السعودية الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ في خطبة الجمعة من خطر من أسماهم «المجوس وأعوانهم» على اليمنيين.
اليمن على مفترق طرق، لا يراد له إلا أن يكون دموياً، وبأكثر الاحتمالات بشاعة، إذ يكاد يجمع اليمنيون على أن النزعة المذهبية ليست من أعراف صراعاتهم، فمساجدهم لا تميّز مصليها من شوافع وزيديين، ومع ذلك، فإنهم يتهمون قوى إقليمية لها امتدادات داخلية باللعب على وتر تسعير الصراع السياسي وإكسابه اللبوس المذهبي، مثلما يجري في العراق وسوريا.
لكن السؤال الآن: ماذا بعد التفجيرات الانتحارية على وقع الصراع المتفاقم ما بين سلطتي صنعاء وعدن؟ وما بين حواري «الموفنبيك» والرياض؟ وما بين «شرعية» المبادرة الخليجية، وشرعية الحراك الثوري الذي قاده «أنصار الله» وأثمر اتفاقية السلم والشراكة في سبتمبر 2014؟ وما بين الإرهاب من جهة والقوات المسلحة وغالبية اليمنيين من الجهة الاخرى؟
يقول مصدر يمني واسع الاطلاع لـ«السفير» ان التفجيرات الانتحارية التي أوقعت مئات الضحايا، يمكن أن تساهم في تعزيز التأييد لـ«أنصار الله» وحلفائهم من القوى القبلية والسياسية في حركتهم السياسية والامنية، مضيفاً انه لا يستبعد أن يتحرك الحوثيون والقبائل المتحالفة معهم نحو عدن لضرب مشروع التقسيم الآخذ بالتبلور في عدن، بعد هروب الرئيس هادي الى هناك.
وبالرغم من ان «أنصار الله» لم تعلن عن مثل هذا الاحتمال، إلا أن المصدر يرجح أن يعمد الحوثيون اولا الى محاولة السيطرة على محافظة مأرب، لما تمثله من امتداد لخيوط الدعم السعودي الواضح، قبل أي تحرك باتجاه عدن.
وسألت «السفير» أكثر من مصدر في حركة «أنصار الله» بشأن احتمال تصاعد الصراع الذي يتخذ شكل مواجهة بين صنعاء وعدن، فاستبعد في الوقت الحالي إمكانية القيام بتحرك عسكري مباشر باتجاه عدن التي تبعد عنها 300 كيلومتر فقط. لكن هذه المصادر قالت إن كل الاحتمالات مفتوحة، لمواجهة الحرب الشاملة التي تخاض ضد الشعب اليمني، بتحريض وتمويل من قوى خارجية وإقليمية.
ويقول المحلل السياسي محمد سيف (أبو رشيد) إن هناك من يؤجج الحمى المذهبية داخل المجتمع اليمني المتعايش مذهبيا منذ قرون، من خلال وسائل الإعلام الخارجية والداخلية لترويج التفريق المذهبي البغيض، بالرغم من أن الصراع في اليمن سياسي أساسا.
وأوضح سيف، وهو سياسي يمني ناصري، أن الهدف هو خلط الأوراق وتمرير مخطط إعادة التقسيم، لا لشطرين، شمالي وجنوبي، بل أكثر من ذلك، أي تفتيت اليمن الى أكثر من دويلة.
عدن
عدن

وما زال سيف يراهن على أن الصراع لم يصل إلى مرحلة المواجهة المذهبية المفتوحة، بالرغم من احتدام الصدام بين صنعاء وعدن، مشيرا إلى أن «الحوثيين يدركون حساسية الموقف ويتصرفون بناء على ذلك».
وأضاف سيف «لا إمكانية لدى أي طرف لحسم الصراع عسكريا»، لكنه حذر مع ذلك من أن «كل الاحتمالات مفتوحة في اليمن».
من جهته، قال عضو المكتب السياسي لـ«أنصار الله» ضيف الله الشامي ردا على سؤال حول أصابع الاتهام في تفجيرات الجمعة الحزينة، أن الاتهام موجه إلى عناصر الاستخبارات الأميركية وأياديها في الداخل والمحيط الإقليمي والتي تعمل على عرقلة أي مسار للتسوية السياسية.
واعتبر الشامي أن «هناك ارتباطا وثيقا بين مجريات حوار الموفنبيك وما يجري على أرض الواقع في الجنوب وما جرى يوم الجمعة، وقبلها اغتيال عبدالكريم الخيواني».
وأكد الشامي أن الهدف هو «إعادة اليمنيين الى أحضان الدول الخليجية والتبعية المطلقة لهم».
وردا على سؤال بشأن احتمال صعود خيار الحسم العسكري، أشار الشامي إلى ان المستهدف هو كل الشعب اليمني وليس «أنصار الله» فقط، مضيفاً ان التفجيرات والأحداث الأخيرة ستولد «الروح الثورية» في الشارع اليمني، وستدفع الشعب اليمني إلى جانب الجيش للتحرك بحسم ضد الرموز الإجرامية، مؤكداً أن المواجهة حتمية مع القوى التي تمثلها الميليشيات والتكفيريون المدعومون من السعودية في الجنوب، وخاصة في عدن.
أما عضو المكتب السياسي لـ«أنصار الله» عبدالملك العجري فقال، من جهته، إن العناصر الضالعة في التفجيرات الانتحارية هي تلك التي يجري استغلالها من جانب قوى سياسية ودينية، محلية أو إقليمية، لمواجهة من لا يتماشى مع خياراتها اليمنية.
واعتبر العجري ان التفجيرات الانتحارية مرتبطة بالصراع السياسي لمحاولة دفع اليمن نحو الحرب الأهلية ومحاسبة «أنصار الله»، مشيرا إلى أن الضحايا يوم الجمعة يمنيون ينتمون إلى كل الشرائح، إذ إن المساجد ليست مقسمة مذهبيا.
وردا على سؤال بشأن ما إذا كان استمرار ظاهرة الرئيس هادي يساهم في وقوع هذه الهجمات أو تصاعدها مستقبلا، انتقد العجري الرئيس هادي، قائلا إنه «دمية»، وإن «التوجه يجب أن يكون لمن يقف خلفه»، مذكراً بأن هادي برغم وصوله إلى الحكم بإجماع داخلي وخارجي، فشل في تكوين أي تكتل سياسي مؤيد له بين اليمنيين، ولم ينجح على كل المستويات.
واتهم العجري كلا من السعودية وقطر والولايات المتحدة بأنها تستغل التنظيمات الإرهابية في المنطقة لتحقيق مآربها منذ الثمانينيات.
وحذر العجري من أن إطالة أمد الحوار في «الموفنبيك» يتيح الوقت أمام «الجماعات الشاذة» لإعادة ترتيب صفوفها بعدما تلقت ضربات موجعة في المرحلة الماضية.
وأشار إلى أنه لو كانت القوى السياسية المشاركة في الحوار اليمني جادة، لكان بالإمكان الانتهاء من تسوية المشكلات المختلف عليها، إذا توفر الدعم الإقليمي لذلك.
وحول احتمال التحرك باتجاه عدن، قال العجري «نحن نراعي الحساسيات وحريصون على مسار مفاوضات الموفنبيك لإنهاء الوضع القائم.. لكن على السياسيين المشاركين اتخاذ مواقف مسهلة.. ولكن لو استمر الوضع على ما هو عليه، فإن كل شيء سيصير واردا في ما بين صنعاء وعدن».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى