هيومن رايتس: تصاعد الاعتداءات على الصحفيين في اليمن

> صنعاء «الأيام»

> اتهمت منظمة “هيومن رايتس ووتش” الحقوقية الدولية، أمس الاثنين، الحوثيين بـ“ارتكاب عدد من الاعتداءات والإساءات بحق وسائل الإعلام” في اليمن.
وقالت في بيان لها أمس إن “حالات الاعتقال التعسفي والعنف بحق الصحفيين وغيرهم من العاملين في الإعلام تزايدت في الأسابيع الأخيرة، من جانب أنصار الله (الحوثيين)”.
وأضاف البيان أن “جماعات أخرى (لم تسمها) قد تكون ضالعة أيضاً في الهجمات”، مستشهدة بأنه “في 18 مارس الجاري قام مسلحون مجهولون بقتل عبدالكريم محمد الخيواني (صحفي)، المؤيد لأنصار الله، ومنتقد الحكومة السابقة، قرب منزله في صنعاء”.
ولم يشر البيان ما إذا كان يقصد حكومة خالد بحاح أم غيرها، حيث عُرف عن الخيواني انتقاده للحكومات المتعاقبة منذ فترة حكم الرئيس السابق علي عبدالله صالح.
وتابع أن “المنظمة وثّقت سبع وقائع تتضمن الاعتداء على صحفيين ووسائل إعلام بين 31 ديسمبر الماضي و7 مارس الجاري”.
وقال جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالمنظمة، إن “انهيار الأمن في أرجاء اليمن عرّض وسائل الإعلام في البلاد لمخاطر متزايدة”، مناشداً جميع الأطراف في اليمن بأن “ترسل رسالة واضحة لقواتها تفيد بوقف تهديد الصحفيين والاعتداء عليهم”، بحسب البيان ذاته.
وعلى الرغم من أن هناك أكثر من بيان أصدرته منظمات حقوقية بشأن “اعتداءات” للحوثيين على وسائل الإعلام والصحفيين، لكن الجماعة تتعمد ألا ترد بشأن تلك الاتهامات التي يراها مراقبون “وقائع مثبتة”.
ومنذ اقتحام الحوثيين لصنعاء، في الـ21 من سبتمبر الماضي، عمد مسلحو الجماعة إلى إحكام قبضتهم على مبنى مجمع البث الفضائي للتلفزيون الحكومي اليمني، ويضم ثلاث قنوات رسمية (اليمن، الإيمان، سبأ)، إضافة إلى سيطرتهم على وكالة الأنباء الرسمية “سبأ”.
وبحسب مراقبين فقد تعرض العديد من الصحفيين اليمنيين المناوئين للحوثيين إلى الاحتجاز ومصادرة معداتهم، كما تم الاستيلاء على بعض مقرات المؤسسات الإعلامية كما حدث مع مؤسسة “الشموع” للصحافة والإعلام، التي صادر الحوثيون مقرها والمطبعة التابعة لها، ما اضطرها إلى المغادرة إلى عدن ومعاودة الصدور من هناك.
وفيما يلي نص بيان (هيومن رايتس ووتش):
“قوات الحوثيين وغيرها في اليمن ارتكبت عدداً من الاعتداءات وإساءات أخرى بحق الإعلام في خضم ظروف سياسية وأمنية متدهورة.
وقد تزايدت في الأسابيع الأخيرة حالات الاعتقال التعسفي والعنف بحق الصحفيين وغيرهم من العاملين في الإعلام من جانب أنصار الله، وهم الجماعة الشيعية الزيدية المسلحة المعروفة باسم الحوثيين والتي تسيطر حالياً على العاصمة اليمنية صنعاء، فقامت مليشيات أنصار الله المسلحة بمداهمة مقرات ثلاثة منافذ إعلامية منذ يناير 2015، وقد تكون جماعات أخرى ضالعة أيضاً في الهجمات ففي 18 مارس قام مسلحون مجهولون بقتل عبدالكريم محمد الخيواني، المؤيد لأنصار الله ومنتقد الحكومة السابقة، قرب منزله في صنعاء.
وقال جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: “عمل انهيار الأمن في أرجاء اليمن على تعريض وسائل الإعلام في البلاد لمخاطر متزايدة، وعلى جميع الأطراف في اليمن أن ترسل رسالة واضحة لقواتها تفيد بوقف تهديد الصحفيين والاعتداء عليهم”.
وقد سيطر أنصار الله على القسم الأكبر من شمال اليمن منذ سبتمبر 2014، وفي يناير 2015 عزلوا الرئيس عبدربه منصور هادي فعلياً، مما أشعل شرارة احتجاجات واسعة النطاق، وفي 8 فبراير أصدر وزير داخلية اليمن المؤقت أوامره لشرطة صنعاء بمنع كافة المظاهرات غير المصرح بها بسبب “الظروف الاستثنائية” في اليمن.
وقالت هيومن رايتس ووتش إن هذا الحظر المفروض على المظاهرات العامة دون أجل مسمى ينتهك الحق في التجمع السلمي. وقال خمسة من العاملين في منافذ إعلامية للبث والطباعة تملكها الدولة لـ(هيومن رايتس ووتش) إن أنصار الله منذ الاستيلاء على صنعاء قد زرعوا أتباعهم داخل المناصب القيادية في منافذ إعلامية مختلفة.
ووثقت هيومن رايتس ووتش سبع وقائع تتضمن الاعتداء على صحفيين ووسائل إعلام بين 31 ديسمبر 2014 و7 مارس 2015. فقال معد الزكري، المصور بقناة (أزال) التلفزيونية، لـ(هيومن رايتس ووتش) “إن مسلحين أخذوه هو وشقيقه البالغ من العمر 20 عاماً من منزلهما في الواحدة والنصف من صباح 31 ديسمبر 2014، معصوبي العينين، واقتادوهما إلى مبنى قام الرجال فيه باحتجاز الشقيقين في غرفتين منفصلتين”.
وقال الزكري: “إن رجلاً استجوبه بشأن مقطع إخباري كان قد صوره عن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب الإسلامي المتشدد، وأذيع في أكتوبر، وطالب الرجل بمعرفة مكان أحد قادة القاعدة ممن أجرى معهم الزكري مقابلة”.
وقال المصور: “إنه ظل معصوب العينين وتعرض للصعق بالكهرباء وسكب الماء القذر فوقه، ولم يُمنح الطعام أو يسمح له بزيارة الحمام إلا مرة واحدة في اليوم”.
وقال الزكري لـ(هيومن رايتس ووتش): “وفي اليوم الثالث دخل بعض الرجال واعتذروا لاحتجازي قائلين إنه كان غلطة”، ثم حذروه “ألا يكتب عن القاعدة أو ضدها كثيراً” وأطلقوا سراحه هو وشقيقه.
تقدم الزكري بشكوى لدى الشرطة والنائب العام، لكن السلطات أبلغته بأنها لا تستطيع أن تفعل شيئاً وأن عليه التقدم بشكواه إلى أنصار الله مباشرة.
وقال كمال جمال من قناة سهيل التلفزيونية لـ(هيومن رايتس ووتش): “إن مسلحين بثياب مدنية احتجزوه مع المصور يحيى الأعور يوم 3 فبراير 2015 بينما كانا يصوران عملية استطلاع رأي سياسي وسط طلاب جامعة صنعاء”.
وقال جمال: “إن الرجلين كانا يتحدثان في أجهزة لاسلكية وقالا لهما إن التصوير الفوتوغرافي أو التلفزيوني ممنوع، ثم احتجزاهما عندما واصلا التصوير”، قام المسلحون باحتجاز الصحفيين داخل حرم الجامعة لحين وصول الشرطة التي أخذتهما إلى أحد الأقسام، وبعد ساعات أعادت لهما الشرطة معداتهما وأفرجت عنهما.
وقال سيف الحاضري، رئيس مؤسسة الشموع الصحفية التي تصدر أربع مطبوعات، لـ(هيومن رايتس ووتش) إن نحو 40 مسلحاً يغلب الظن أنهم من أنصار الله اقتحموا مكتب المؤسسة في 5 فبراير، وأمروا جميع العاملين بمغادرة المبنى المكون من 5 طوابق، ثم صادروا حاسبات وأجهزة بث ومعدات أخرى، وشرائط واسطوانات فيديو، تبلغ قيمتها الإجمالية 18600 دولار أمريكي بحسب تقديره، وكان بعض المسلحين يرتدون أزياء عسكرية الطراز بينما كان الآخرون بثياب مدنية ويحملون شعارات التأييد لأنصار الله. وبعد مرور أكثر من شهر ما زال الرجال يسيطرون على مبنى المؤسسة ويواصلون الخروج بممتلكات منه، كما قال الحاضري.
وقال أمين دبوان، مراسل قناة (يمن شباب) التلفزيونية، لـ(هيومن رايتس ووتش): “إن خمسة مسلحين بزي الشرطة وملصقات أنصار الله قاموا باحتجازه في 6 فبراير بينما كان يصور مظاهرة معارضة لأنصار الله في ميدان التغيير بصنعاء”.
أخذ المسلحون الكاميرا ثم هاتفه المحمول لاحقاً، واحتجزوه طوال الليل في قسم الشرطة مع خمسة من المتظاهرين المعتقلين، وهددوه بالضرب، وبعد 24 ساعة أطلقت الشرطة سراحه لكنها لم ترد له الكاميرا أو الهاتف.
وقال نبيل الشرعبي، المحرر بصحيفة (أخبار اليوم)، لـ(هيومن رايتس ووتش): “إن خمسة مسلحين يحملون بنادق هجومية وملصقات أنصار الله اقتحموا المبنى الذي يؤوي طاقم الصحيفة في 5 مارس”.
وكان أحدهم يرتدي زي قوات الأمن الخاص، بينما كان الباقون بثياب مدنية، وأخذوه مع أربعة من زملائه إلى مكتب الصحيفة في المبنى المجاور، حيث أجبروه تحت تهديد السلاح على التوقيع على تعهد بعدم الانخراط في أية أعمال تعارضهم، وأفرجوا عنه بعد 4 ساعات لكنهم ما زالوا يحتجزون أحد زملائه، على حد قوله.
وقال هشام هادي، مراسل قناة (سهيل) التلفزيونية لـ(هيومن رايتس ووتش): “إن 12 مسلحاً بأزياء عسكرية وزي قوات الأمن الخاص، في صحبة 6 آخرين بثياب مدنية، اختطفوه في 7 مارس بينما كان يغطي مظاهرة في إب، المدينة الواقعة جنوبي صنعاء”.
وقال: “إن الرجال اقتادوه إلى مسكن خاص كانوا يستخدمونه كمقر احتجاز غير رسمي حيث قام آخرون بعصب عينيه واستجوابه وإهانته. ثم أطلقوا سراحه في 9 مارس”.
وقال عبدالرحمن النهاري، صاحب قناة “وديان إف إم” الإذاعية وصاحب شركة للخدمات والإنتاج الإعلامي في مدينة الحديدة الساحلية غربي صنعاء، قال لـ هيومن رايتس ووتش: “إن نحو 24 مسلحاً بثياب مدنية، قالوا إنهم يتحركون نيابة عن أنصار الله، اقتحموا مكتب شركته في 11 مارس”، ثم رحلوا بعد 3 ساعات، لكن قائد أنصار الله في الحديدة أبلغه في اليوم التالي بأن منفذه الإعلامي لن يعود للبث ما لم يتعهد بعدم بث أي مواد تنتقد أنصار الله.
وقد أفادت نقابة الصحفيين في اليمن بأن مقاتلي أنصار الله اعتدوا بالضرب على ما لا يقل عن 10 صحفيين ومصورين بينما كانوا يغطون المظاهرات بين 25 يناير و25 فبراير، كما احتجزوا سبعة منهم تعسفياً لأسباب متباينة، وصادروا الكاميرات وحطموها، وأبلغت مؤسسة الحرية، وهي منظمة يمنية ترصد حرية الصحافة، عما لا يقل عن 49 اعتداءً على الإعلام في يناير.
وكانت (هيومن رايتس ووتش) قد أفادت في 2013، في تقريرها “مهنة خطرة على الحياة: الاعتداء على الصحفيين في ظل حكومة اليمن الجديدة”، بأن اليمنيين اكتسبوا حرية أكبر في التعبير منذ حلول هادي محل علي عبدالله صالح كرئيس للبلاد في فبراير 2012، إلا أن هذا جلب معه أيضاً تصاعدا في التهديدات والعنف بحق وسائل الإعلام من قبل جماعات سياسية مختلفة، تشمل أنصار الله ومؤيدي صالح وقوات الأمن الحكومية.
وقال جو ستورك: “تأتي الاعتداءات الأخيرة على الصحفيين والإعلام كمؤشر على تدهور الأوضاع في اليمن، ولن يزداد الوضع الأمني إلا سوءاً لحين تولي حكومة قادرة على استعادة سيادة القانون واحترام حقوق الإنسان””.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى