رجــــال في ذاكــــرة التـاريـــخ:الشيخ أحمد فريد الصريمة.. قامة وهامة كرم وكرامة لا يتكرر حتى يوم القيامة
الشيخ أحمد فريد الصريمة
> نجيب محمد يابلي
> *الولادة والنشأة
كتب الشيخ محسن بن محمد فريد العولقي، الشخصية الوطنية والسياسية والحزبية والاجتماعية البارزة: أحمد فريد الصريمة ابن مدينتي الصعيد، عاصمة العوالق، وهو ابن خالتي نور، النور الفريدية، وابن أحد أبرز حكماء العوالق وشعّارها المبدعين الشيخ فريد بن محمد الصريمة.
يمضي الشيخ محسن في حديثه المكتوب في صفحته: “ماذا أكتب عن هذه الشخصية المتمردة المغامرة الشجاعة.. البدوية إلى أقصى حدود البداوة والحضارية إلى أقصى حدود الحضارة والمدنية.
تجد أحمد الصريمة في أقصى انسجامه وتوافقه مع بدو الجبال في العوالق وبدو الصحاري وبريطانيا ارستقراطيا في ردهات فندق هيلتون في لندن والسيجار الكوبي لا يفارق شفتيه ومن عشق الشيخ الصريمة للساحل الفرنسي الجميل ملك فندقاً هناك”.
*الشيخ أحمد الصريمة من طلاب عدن ولندن
الشيخ أحمد فريد الصريمة كما أسلفنا من مواليد الصعيد، حاضرة مشيخة العوالق العليا العطرة الذكر في النصف الأول من أربعينات القرن الماضي وانتقل إلى عدن ليكمل دراسته المتوسطة، ومن مدرسيه في عدن الأستاذ عبده حسين أحمد، عضو مجلس أمناء مؤسسة النور الفريد الخيرية الاجتماعية (وهي مؤسسة الشيخ الصريمة خلد فيها ذكر والدته النور الفريد ووالده برا بهما)، وظل الشيخ أحمد وفيا مع مدرسه وأستاذه عبده حسين حتى وفاته، وكان أستاذنا عبده حسين إذا قدم اقتراحا للشيخ بخصوص مؤسسته كانت إجابته على الدوام:لا أعتبره يا أستاذي اقتراحاً وإنما أمراً.
انتقل الشيخ أحمد بعد ذلك إلى العاصمة البريطانية لندن في ستينات القرن الماضي ودرس القانون بجامعة اوكسفورد وحاز على البكالوريوس (LI.B) في القانون فيما حاز شقيقه الشيخ صالح على البكالوريوس في الاقتصاد (BACHELOR OF eCONOMIES) ومن جامعة اوكسفورد تخرجت تاتشر ودوجلاس هارد والصادق المهدي.
*الشيخ أحمد الصريمة أو روبنسون كروزو العولقي
عرف الشيخ أحمد الصريمة في الأوساط التجارية والاجتماعية الخليجية وغير الخليجية من خلال شركاته ومنها شركة (مشروع خط الصحراء) التي نفذت طريقا بريا أستراتيجيا في شمال الشمال (اليمني) وشركة سهم الصحراء للمقاولات و(مجموعة المحيط) و (شركة خدمات الخليج للبتروكيماويات والتجارة)، وقد وقع الشيخ الصريمة الرئيس التنفيذي لهذه الشركة مع شركة مصفاة نفط عمان في 29 نوفمبر 2004 اتفاقية لتنفيذ مشروع نفطي كبير كلفته (18) مليونا و (950) ألف ريال عماني.
تحدثت وسائل الإعلام العربية والأجنبية عن مشروع ضخم نفذته (مجموعة المحيط) التابعة للشيخ الصريمة لانتشال محتويات السفينة (جون باري) الأمريكية التي تعرضت لطوربيدين أطلقتهما الغواصة الألمانية (U859) في 28 أغسطس 1945م ووظفت شركة الصريمة لهذا المشروع الضخم فريق عمل مكون من (150) خبيرا وفنيا أمريكيا وبريطانيا وفرنسيا (لمزيد من التفاصيل راجع مجلة “الوسط” اللندنية، 21 نوفمبر، 1994م، الذي استندت إليه في موضوعي (هل يشرب المستثمر الألماني من نفس كأس أحمد الصريمة؟) الذي نشرته «الأيام» في 1 يناير 2005م).
انتصرت روح المغامرة للشيخ الصريمة بعد ملايين من الدولارات أنفقها على الفريق الفني الكبير ووسائل النقل والغوص البحري إلى جانب مروحيات، وبالمختصر المفيد انتصر روبنسون كروزو العولقي، أما روبنسون كروزو البريطاني فهو عنوان القصة العالمية المعروفة لمؤلفها روبرت لويس ستيفنسون التي درسها الشيخ الصريمة في إحدى سنوات دراسته الثانوية بعدن.
*الشيخ الصريمة التوأم الروحي
لـ"هشام باشراحيل"
وجد الشيخ أحمد الصريمة نفسه في قارب واحد مع هشام باشراحيل، ذلك أنهما كانا ضحيتين لنظام ديكتاتوري عسكري قبلي متخلف، فالشيخ الصريمة وقع نيابة عن شركته (مشروع خط الصحراء) مع حكومة الجمهورية اليمنية على مشروع كبير في الجمهورية تمثل بإنشاء مئات الكيلومترات من الطرقات الأستراتيجية، وعانى الشيخ الأمرين من رأس النظام الذي رفض أن يوقع على الشيك المستحق لشركة الصريمة فلجأ الشيخ إلى القضاء الدولي في باريس الذي انتصر للشيخ الذي حصل على حقوقه كاملة مضافا لها مخاسير التقاضي.
حققت قضية الشيخ انتشارا مهنيا عبر «الأيام» التي كانت منبرا عبر الشيخ من خلاله بمواضيع تعلقت بقضيته وقضايا أخرى، وتميز الشيخ ببراعته القلمية وأسلوبه الشائق وتعززت العلاقة الأخوية بينه وبين هشام باشراحيل الذي أصبح التوأم الروحي للشيخ الصريمة.
*الشيخ الصريمة صاحب أيادٍ بيضاء مشهود لها
كان الله كريماً جداً مع الشيخ أحمد الصريمة لأنه استفاد من الحسنة الفردية في عشرة فإذا قدم - رحمه الله - 200 مليون ريال مثلاً لصالح اليتيم أو المريض أو الطالب المتفوق أو النازحين ضاعفها أرحم الراحمين إلى ألفي مليون ريال، وكانت «الأيام» نافذته على كل ما يدور على الساحة في الجنوب عامة وحبيبته عدن خاصة.
كنت قد أشرت في موضوع لي نشرته «الأيام» في أواخر يناير 2009 خاطبت فيه دولة رئيس الوزراء الدكتور علي محمد مجور بأن البروفيسور الهندي دريراج أبلغ صديقه أسامة حسين عبدالنبي بأنه مستعد للقدوم إلى كل من صنعاء وعدن لإجراء فحوصات وإجراء عمليات جراحية معقدة للأطفال، وهنا أعلن الشيخ الصريمة عن استعداده لدفع تكاليف العمليات مع هدايا مقدمة منه للبروفيسور دريراج باسم أطفال اليمن، ويا فرحة ما تمت، لأن الشيخ الصريمة قلب الطاولة في وجه المتاجرين بالطب.
وفي العام 2012 خلد الشيخ الصريمة ذكر والدته نور الفريد رحمها الله بأن أسس مؤسسة لمرضى السرطان وحدد أسماء أعضاء مجلس الأمناء من التالية أسماؤهم: الأستاذ عبده حسين أحمد والأستاذ نجيب محمد يابلي والأستاذ جمال حجيري والدكتورة سعاد عبدالحبيب احمد وحل الأستاذ فريد صالح الصريمة (حفيد الشيخ) محل الأستاذ جمال حجيري.
إلا أن الشيخ أحمد الصريمة تعامل مع كل مستجد بروح المسؤولية والإنسانية وتكاليف تشغيل المؤسسة لم تتأثر ولم تتضرر نتيجة مستجدات إنسانية مثلما حدث عام 2015م عندما تضرر عشرات الآلاف من الضحايا جراء الحرب ونزوح السكان من هنا وهناك وانتشار حمى الضنك، فواجه - رحمه الله - كل المستجدات بمنتهى المسؤولية وخصص مبالغ كبيرة لعلاج مرضى حمى الضنك بالتعاقد مع مستشفى الوالي ومستشفى صابر بالمنصورة وأنفق على السلة الغذائية وعلى الزكاة جنبا إلى جنب مع الموازنة التشغيلية لمؤسسة النور الفريد الخيرية الاجتماعية.
*الشيخ الصريمة يبدي ارتياحه للمعادلة الصعبة (عولقي وعولقي والوسيط اليابلي)
من أبرز مواصفات هذا الطود العولقي/العدني أنه كان مرناً في التعامل مع القضايا المطروحة عليه، ومن تلك القضايا قضية أثارها لي الشيخ صالح مزاحم، الشخصية الاجتماعية المعروفة وأحد الأصدقاء، ومفادها أن صديقا عولقيا من سكان المنصورة يتعالج من مرض السرطان وسافر أكثر من مرة إلى الخارج لتلقي العلاج وأنه غير مستعد للسفر إلى الخارج وسيكتفي بتلقي العلاج في الداخل ويريد مساعدة الشيخ الصريمة وهو من ربعه (أي من مرابع القبيلة).
أبديت استعدادي للحديث مع الشيخ الصريمة وبالفعل اتصلت به وشرحت تفاصيل حديث الشيخ مزاحم وقلت له: كيف تشوف يا شيخ أحمد؟ عولقي وعولقي والوسيط بينهما اليابلي؟.
ضحك الشيخ رحمه الله وقال: أبشر ! وبالفعل قام الشيخ رحمه الله بالواجب على أكمل وجه وبزيادة.
*شهادة للتاريخ يقدمها الزميل أحمد بن عجروم
الزميل أحمد عجروم قدم شهادة جسورة للتاريخ عن الشيخ الجليل أحمد فريد الصريمة نشرتها الزميلة (عدن الغد) يوم الاثنين 30 يونيو 2014 وعنوانها (الشيخ أحمد بن فريد الصريمة.. عنوان للوطنية الجنوبية)، تحدث فيها (أي الشهادة) عن لقائه مع رجال العهد القديم في باريس في صيف عام 2010 أن القادم سيكون للشباب وليس لكم يا رفاق.
دعم الشيخ جهود الخيرين بتأسيس المؤتمر الجنوبي الأول بالقاهرة في نوفمبر 2011 ومول ذلك المؤتمر الشيخ الصريمة وآخرون.. يضيف الزميل بن عجروم بأن الشيخ الصريمة دفع من حر ماله لمعظم قيادات الجنوب وفعاليات الحراك وذلك منذ انطلاق الحراك، ولا يستطيع أي قيادي في الداخل أو الخارج إنكار ذلك.
توجه وفد رسمي من عاصمة الجنوب عدن إلى العاصمة مسقط في 13 ديسمبر 2012 بطلب من الشيخ الصريمة حول تكليفه برئاسة المؤتمر الوطني لشعب الجنوب ثم فتحت مصادر القرار الرسمي قنوات الاتصال مع الشيخ أحمد الصريمة ودعوه للمشاركة وأكدوا أن حل القضية الجنوبية سيسهم في هذا الحوار، واستقل بعد ذلك طائرته الخاصة إلى صنعاء للمشاركة في أعمال الحوار الوطني يوم 18 مارس 2013م.
انفق هذا الرجل الكريم ما يزيد على (200) مليون ريال على المؤتمر الوطني لشعب الجنوب في حين أن آخرين امتلأت جيوبهم من الدولارات وقضوا منه كل حاجاتهم، وتبين للشيخ أحمد أن القضية التي ناصل من أجلها وأنفق دم قلبه من أجلها كانت (أي القضية) سرابا في سراب، وكل ما في الأمر أن هناك أجندة فرضت على المشاركين لأن قرارات ما سمي بالحوار الوطني محنطة في الأدراج ولن تشاهد النور وذلك لوجود قوى ظلامية تعمل في إطار ملعوب استخباري خارجي، ولذلك أرسل الشيخ أحمد رسالة رسمية إلى الرئيس هادي يوم 19 ابريل 2013 بتعليق مشاركة وفد الحراك الجنوبي في أعمال مؤتمر الحوار الوطني.
*اختلف الشيخ معهم لأنهم أهانوا كرامة (30) مليون يمني
نشرت الزميلة (عدن الغد) يوم الإثنين 21 ديسمبر 2015 م موضوع الشيخ أحمد الصريمة الموسوم (لاتستعجلوا.. في التأني السلامة وفي العجلة الندامة)، أوضح فيه أن هناك من لا يزال يمارس الكذب والخديعة والمناطقية.
تطرق الشيخ إلى خداع وخيانات هؤلاء القوم وأعاد إلى الأذهان ما حدث والانتكاسة التي حدثت للسلطان عبدالحميد العثماني حيث عتب على أحد الجنرالات أنه أخفق في مهمته فقال: يمن خيانات.. يمن خيانات.. في النهار معك وفي الليل عليك.. ثم ذّكر الشيخ بالفترة التي قضاها المصريون حيث وفدوا بـ (100) ألف جندي عام 1962 وعادوا إلى مصر بـ (70) ألف جندي جراء الغدر والخداع والخيانة.
لا يتسع الحيز لإعادة كل ما ورد في المقال الآنف الذكر وسأكتفي بخاتمة المقال الذي جاء فيه: “لا توجد بيني وبينهم أي عداوات شخصية وإذا وجدتهم سأستضيفهم مثلما عزموني في منازلهم وسأرد الجميل بمثله بل وبأحسن منه ولكن خلافي مع هؤلاء هو أنهم أهانوا كرامة (30) مليون يمني.. كفى وكفوا عن أذى هذا الشعب المغلوب على أمره.. إنكم في حكم الماضي”.
*وسام سلطاني رفيع وذوق رابطي رفيع
منح السلطان قابوس بن سعيد، سلطان عمان الشيخ أحمد فريد الصريمة وساماً سلطانيا رفيعا تقديرا لإنجازاته المتميزة في كل ما قام به من أعمال، فاتصلت قيادات رابطية بالشيخ الصريمة وهم: الأستاذ عبدالرحمن علي الجفري، رئيس حزب الرابطة والشيخ محسن بن محمد بن فريد، الامين العام للحزب والأستاذ يحيى الجفري، رئيس الدائرة السياسية والعلاقات الخارجية بالحزب، حيث عبروا عن شكرهم للسلطان قابوس على هذا التشريف واعتبروا هذا التشريف المتميز من جانب السلطان إنما هو تشريف للشيخ أحمد ولكل من ارتبط به.
نبكيك يا شيخ أحمد لأنك
لن تتكرر
وفي الفاتح من رمضان 1438هـ الذي صادف يوم السبت 27 مايو 2017م نعى الناعي رحيل الشيخ الجليل الشجاع الكريم الإنساني أحمد بن فريد الصريمة الذي وافاه الأجل في العاصمة البريطانية لندن ووري ثراها، وانهالت التعازي من كل حدب وصوب وفي مقدمتهم شخصيات من العيار الثقيل ومنهم رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي والشيخ محمد فريد العولقي والشيخ صالح فريد العولقي والشيخ محسن بن محمد بن فريد العولقي والشيخ أبو بكر بن فريد بن أبو بكر العولقي وكافة آل فريد بن ناصر.
خلف الشيخ أحمد الصريمة ثلاثة أولاد هم : 1) صالح، 2) قناص، 3) عبدالله، وخلف إرثاً من الأعمال التي قربته كثيراً من ربه وأسكنته قلوب الناس عامة والمرضى والمستضعفين خاصة.
إننا يا شيخنا أحمد نبكيك لأنك لن تتكرر!.
نجيب محمد يابلي
كتب الشيخ محسن بن محمد فريد العولقي، الشخصية الوطنية والسياسية والحزبية والاجتماعية البارزة: أحمد فريد الصريمة ابن مدينتي الصعيد، عاصمة العوالق، وهو ابن خالتي نور، النور الفريدية، وابن أحد أبرز حكماء العوالق وشعّارها المبدعين الشيخ فريد بن محمد الصريمة.
يمضي الشيخ محسن في حديثه المكتوب في صفحته: “ماذا أكتب عن هذه الشخصية المتمردة المغامرة الشجاعة.. البدوية إلى أقصى حدود البداوة والحضارية إلى أقصى حدود الحضارة والمدنية.
تجد أحمد الصريمة في أقصى انسجامه وتوافقه مع بدو الجبال في العوالق وبدو الصحاري وبريطانيا ارستقراطيا في ردهات فندق هيلتون في لندن والسيجار الكوبي لا يفارق شفتيه ومن عشق الشيخ الصريمة للساحل الفرنسي الجميل ملك فندقاً هناك”.
*الشيخ أحمد الصريمة من طلاب عدن ولندن
الشيخ أحمد فريد الصريمة كما أسلفنا من مواليد الصعيد، حاضرة مشيخة العوالق العليا العطرة الذكر في النصف الأول من أربعينات القرن الماضي وانتقل إلى عدن ليكمل دراسته المتوسطة، ومن مدرسيه في عدن الأستاذ عبده حسين أحمد، عضو مجلس أمناء مؤسسة النور الفريد الخيرية الاجتماعية (وهي مؤسسة الشيخ الصريمة خلد فيها ذكر والدته النور الفريد ووالده برا بهما)، وظل الشيخ أحمد وفيا مع مدرسه وأستاذه عبده حسين حتى وفاته، وكان أستاذنا عبده حسين إذا قدم اقتراحا للشيخ بخصوص مؤسسته كانت إجابته على الدوام:لا أعتبره يا أستاذي اقتراحاً وإنما أمراً.
انتقل الشيخ أحمد بعد ذلك إلى العاصمة البريطانية لندن في ستينات القرن الماضي ودرس القانون بجامعة اوكسفورد وحاز على البكالوريوس (LI.B) في القانون فيما حاز شقيقه الشيخ صالح على البكالوريوس في الاقتصاد (BACHELOR OF eCONOMIES) ومن جامعة اوكسفورد تخرجت تاتشر ودوجلاس هارد والصادق المهدي.
*الشيخ أحمد الصريمة أو روبنسون كروزو العولقي
عرف الشيخ أحمد الصريمة في الأوساط التجارية والاجتماعية الخليجية وغير الخليجية من خلال شركاته ومنها شركة (مشروع خط الصحراء) التي نفذت طريقا بريا أستراتيجيا في شمال الشمال (اليمني) وشركة سهم الصحراء للمقاولات و(مجموعة المحيط) و (شركة خدمات الخليج للبتروكيماويات والتجارة)، وقد وقع الشيخ الصريمة الرئيس التنفيذي لهذه الشركة مع شركة مصفاة نفط عمان في 29 نوفمبر 2004 اتفاقية لتنفيذ مشروع نفطي كبير كلفته (18) مليونا و (950) ألف ريال عماني.
تحدثت وسائل الإعلام العربية والأجنبية عن مشروع ضخم نفذته (مجموعة المحيط) التابعة للشيخ الصريمة لانتشال محتويات السفينة (جون باري) الأمريكية التي تعرضت لطوربيدين أطلقتهما الغواصة الألمانية (U859) في 28 أغسطس 1945م ووظفت شركة الصريمة لهذا المشروع الضخم فريق عمل مكون من (150) خبيرا وفنيا أمريكيا وبريطانيا وفرنسيا (لمزيد من التفاصيل راجع مجلة “الوسط” اللندنية، 21 نوفمبر، 1994م، الذي استندت إليه في موضوعي (هل يشرب المستثمر الألماني من نفس كأس أحمد الصريمة؟) الذي نشرته «الأيام» في 1 يناير 2005م).
انتصرت روح المغامرة للشيخ الصريمة بعد ملايين من الدولارات أنفقها على الفريق الفني الكبير ووسائل النقل والغوص البحري إلى جانب مروحيات، وبالمختصر المفيد انتصر روبنسون كروزو العولقي، أما روبنسون كروزو البريطاني فهو عنوان القصة العالمية المعروفة لمؤلفها روبرت لويس ستيفنسون التي درسها الشيخ الصريمة في إحدى سنوات دراسته الثانوية بعدن.
*الشيخ الصريمة التوأم الروحي
لـ"هشام باشراحيل"
وجد الشيخ أحمد الصريمة نفسه في قارب واحد مع هشام باشراحيل، ذلك أنهما كانا ضحيتين لنظام ديكتاتوري عسكري قبلي متخلف، فالشيخ الصريمة وقع نيابة عن شركته (مشروع خط الصحراء) مع حكومة الجمهورية اليمنية على مشروع كبير في الجمهورية تمثل بإنشاء مئات الكيلومترات من الطرقات الأستراتيجية، وعانى الشيخ الأمرين من رأس النظام الذي رفض أن يوقع على الشيك المستحق لشركة الصريمة فلجأ الشيخ إلى القضاء الدولي في باريس الذي انتصر للشيخ الذي حصل على حقوقه كاملة مضافا لها مخاسير التقاضي.
السلطان قابوس بن سعيد و هشام محمد علي باشراحيل و عبده حسين أحمد و عبدالرحمن الجفري و محسن بن فريد العولقي
حققت قضية الشيخ انتشارا مهنيا عبر «الأيام» التي كانت منبرا عبر الشيخ من خلاله بمواضيع تعلقت بقضيته وقضايا أخرى، وتميز الشيخ ببراعته القلمية وأسلوبه الشائق وتعززت العلاقة الأخوية بينه وبين هشام باشراحيل الذي أصبح التوأم الروحي للشيخ الصريمة.
*الشيخ الصريمة صاحب أيادٍ بيضاء مشهود لها
كان الله كريماً جداً مع الشيخ أحمد الصريمة لأنه استفاد من الحسنة الفردية في عشرة فإذا قدم - رحمه الله - 200 مليون ريال مثلاً لصالح اليتيم أو المريض أو الطالب المتفوق أو النازحين ضاعفها أرحم الراحمين إلى ألفي مليون ريال، وكانت «الأيام» نافذته على كل ما يدور على الساحة في الجنوب عامة وحبيبته عدن خاصة.
كنت قد أشرت في موضوع لي نشرته «الأيام» في أواخر يناير 2009 خاطبت فيه دولة رئيس الوزراء الدكتور علي محمد مجور بأن البروفيسور الهندي دريراج أبلغ صديقه أسامة حسين عبدالنبي بأنه مستعد للقدوم إلى كل من صنعاء وعدن لإجراء فحوصات وإجراء عمليات جراحية معقدة للأطفال، وهنا أعلن الشيخ الصريمة عن استعداده لدفع تكاليف العمليات مع هدايا مقدمة منه للبروفيسور دريراج باسم أطفال اليمن، ويا فرحة ما تمت، لأن الشيخ الصريمة قلب الطاولة في وجه المتاجرين بالطب.
وفي العام 2012 خلد الشيخ الصريمة ذكر والدته نور الفريد رحمها الله بأن أسس مؤسسة لمرضى السرطان وحدد أسماء أعضاء مجلس الأمناء من التالية أسماؤهم: الأستاذ عبده حسين أحمد والأستاذ نجيب محمد يابلي والأستاذ جمال حجيري والدكتورة سعاد عبدالحبيب احمد وحل الأستاذ فريد صالح الصريمة (حفيد الشيخ) محل الأستاذ جمال حجيري.
إلا أن الشيخ أحمد الصريمة تعامل مع كل مستجد بروح المسؤولية والإنسانية وتكاليف تشغيل المؤسسة لم تتأثر ولم تتضرر نتيجة مستجدات إنسانية مثلما حدث عام 2015م عندما تضرر عشرات الآلاف من الضحايا جراء الحرب ونزوح السكان من هنا وهناك وانتشار حمى الضنك، فواجه - رحمه الله - كل المستجدات بمنتهى المسؤولية وخصص مبالغ كبيرة لعلاج مرضى حمى الضنك بالتعاقد مع مستشفى الوالي ومستشفى صابر بالمنصورة وأنفق على السلة الغذائية وعلى الزكاة جنبا إلى جنب مع الموازنة التشغيلية لمؤسسة النور الفريد الخيرية الاجتماعية.
*الشيخ الصريمة يبدي ارتياحه للمعادلة الصعبة (عولقي وعولقي والوسيط اليابلي)
من أبرز مواصفات هذا الطود العولقي/العدني أنه كان مرناً في التعامل مع القضايا المطروحة عليه، ومن تلك القضايا قضية أثارها لي الشيخ صالح مزاحم، الشخصية الاجتماعية المعروفة وأحد الأصدقاء، ومفادها أن صديقا عولقيا من سكان المنصورة يتعالج من مرض السرطان وسافر أكثر من مرة إلى الخارج لتلقي العلاج وأنه غير مستعد للسفر إلى الخارج وسيكتفي بتلقي العلاج في الداخل ويريد مساعدة الشيخ الصريمة وهو من ربعه (أي من مرابع القبيلة).
أبديت استعدادي للحديث مع الشيخ الصريمة وبالفعل اتصلت به وشرحت تفاصيل حديث الشيخ مزاحم وقلت له: كيف تشوف يا شيخ أحمد؟ عولقي وعولقي والوسيط بينهما اليابلي؟.
ضحك الشيخ رحمه الله وقال: أبشر ! وبالفعل قام الشيخ رحمه الله بالواجب على أكمل وجه وبزيادة.
*شهادة للتاريخ يقدمها الزميل أحمد بن عجروم
الزميل أحمد عجروم قدم شهادة جسورة للتاريخ عن الشيخ الجليل أحمد فريد الصريمة نشرتها الزميلة (عدن الغد) يوم الاثنين 30 يونيو 2014 وعنوانها (الشيخ أحمد بن فريد الصريمة.. عنوان للوطنية الجنوبية)، تحدث فيها (أي الشهادة) عن لقائه مع رجال العهد القديم في باريس في صيف عام 2010 أن القادم سيكون للشباب وليس لكم يا رفاق.
دعم الشيخ جهود الخيرين بتأسيس المؤتمر الجنوبي الأول بالقاهرة في نوفمبر 2011 ومول ذلك المؤتمر الشيخ الصريمة وآخرون.. يضيف الزميل بن عجروم بأن الشيخ الصريمة دفع من حر ماله لمعظم قيادات الجنوب وفعاليات الحراك وذلك منذ انطلاق الحراك، ولا يستطيع أي قيادي في الداخل أو الخارج إنكار ذلك.
توجه وفد رسمي من عاصمة الجنوب عدن إلى العاصمة مسقط في 13 ديسمبر 2012 بطلب من الشيخ الصريمة حول تكليفه برئاسة المؤتمر الوطني لشعب الجنوب ثم فتحت مصادر القرار الرسمي قنوات الاتصال مع الشيخ أحمد الصريمة ودعوه للمشاركة وأكدوا أن حل القضية الجنوبية سيسهم في هذا الحوار، واستقل بعد ذلك طائرته الخاصة إلى صنعاء للمشاركة في أعمال الحوار الوطني يوم 18 مارس 2013م.
انفق هذا الرجل الكريم ما يزيد على (200) مليون ريال على المؤتمر الوطني لشعب الجنوب في حين أن آخرين امتلأت جيوبهم من الدولارات وقضوا منه كل حاجاتهم، وتبين للشيخ أحمد أن القضية التي ناصل من أجلها وأنفق دم قلبه من أجلها كانت (أي القضية) سرابا في سراب، وكل ما في الأمر أن هناك أجندة فرضت على المشاركين لأن قرارات ما سمي بالحوار الوطني محنطة في الأدراج ولن تشاهد النور وذلك لوجود قوى ظلامية تعمل في إطار ملعوب استخباري خارجي، ولذلك أرسل الشيخ أحمد رسالة رسمية إلى الرئيس هادي يوم 19 ابريل 2013 بتعليق مشاركة وفد الحراك الجنوبي في أعمال مؤتمر الحوار الوطني.
*اختلف الشيخ معهم لأنهم أهانوا كرامة (30) مليون يمني
نشرت الزميلة (عدن الغد) يوم الإثنين 21 ديسمبر 2015 م موضوع الشيخ أحمد الصريمة الموسوم (لاتستعجلوا.. في التأني السلامة وفي العجلة الندامة)، أوضح فيه أن هناك من لا يزال يمارس الكذب والخديعة والمناطقية.
تطرق الشيخ إلى خداع وخيانات هؤلاء القوم وأعاد إلى الأذهان ما حدث والانتكاسة التي حدثت للسلطان عبدالحميد العثماني حيث عتب على أحد الجنرالات أنه أخفق في مهمته فقال: يمن خيانات.. يمن خيانات.. في النهار معك وفي الليل عليك.. ثم ذّكر الشيخ بالفترة التي قضاها المصريون حيث وفدوا بـ (100) ألف جندي عام 1962 وعادوا إلى مصر بـ (70) ألف جندي جراء الغدر والخداع والخيانة.
لا يتسع الحيز لإعادة كل ما ورد في المقال الآنف الذكر وسأكتفي بخاتمة المقال الذي جاء فيه: “لا توجد بيني وبينهم أي عداوات شخصية وإذا وجدتهم سأستضيفهم مثلما عزموني في منازلهم وسأرد الجميل بمثله بل وبأحسن منه ولكن خلافي مع هؤلاء هو أنهم أهانوا كرامة (30) مليون يمني.. كفى وكفوا عن أذى هذا الشعب المغلوب على أمره.. إنكم في حكم الماضي”.
*وسام سلطاني رفيع وذوق رابطي رفيع
منح السلطان قابوس بن سعيد، سلطان عمان الشيخ أحمد فريد الصريمة وساماً سلطانيا رفيعا تقديرا لإنجازاته المتميزة في كل ما قام به من أعمال، فاتصلت قيادات رابطية بالشيخ الصريمة وهم: الأستاذ عبدالرحمن علي الجفري، رئيس حزب الرابطة والشيخ محسن بن محمد بن فريد، الامين العام للحزب والأستاذ يحيى الجفري، رئيس الدائرة السياسية والعلاقات الخارجية بالحزب، حيث عبروا عن شكرهم للسلطان قابوس على هذا التشريف واعتبروا هذا التشريف المتميز من جانب السلطان إنما هو تشريف للشيخ أحمد ولكل من ارتبط به.
نبكيك يا شيخ أحمد لأنك
لن تتكرر
وفي الفاتح من رمضان 1438هـ الذي صادف يوم السبت 27 مايو 2017م نعى الناعي رحيل الشيخ الجليل الشجاع الكريم الإنساني أحمد بن فريد الصريمة الذي وافاه الأجل في العاصمة البريطانية لندن ووري ثراها، وانهالت التعازي من كل حدب وصوب وفي مقدمتهم شخصيات من العيار الثقيل ومنهم رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي والشيخ محمد فريد العولقي والشيخ صالح فريد العولقي والشيخ محسن بن محمد بن فريد العولقي والشيخ أبو بكر بن فريد بن أبو بكر العولقي وكافة آل فريد بن ناصر.
خلف الشيخ أحمد الصريمة ثلاثة أولاد هم : 1) صالح، 2) قناص، 3) عبدالله، وخلف إرثاً من الأعمال التي قربته كثيراً من ربه وأسكنته قلوب الناس عامة والمرضى والمستضعفين خاصة.
إننا يا شيخنا أحمد نبكيك لأنك لن تتكرر!.
نجيب محمد يابلي