تزايد عدد المرضى ونقص الأدوية والعلاجات أبرز المشكلات (1) مجمعات عدن الصحية ظروف صعبة وإمكانات مفقودة

> استطلاع / رعد الريمي

> لا يعرف الزمن الذي بدأت فيه فكرة المجمعات الصحية في محافظة عدن، غير أن وظيفتها وأثرها يتذكره جيدا جميع ساكني العاصمة عدن، حيث لعبت المجمعات الصحية في محافظة عدن وظيفة مهمة في حياة المواطنين البسطاء غير القادرين على التكاليف الباهظة في المستشفيات والمستوصفات الخاصة في ظل الأوضاع الصعبة والأزمات التي يعاني منها مواطنو عدن.
ففي ظل تردي الوضع الصحي العام الذي عاشته المدينة جراء الحرب الغاشمة، وما نتج عن تبعاتها من انتشار الأوبئة والأمراض منها (حمى الضنك - الإسهالات الحادة - الكوليرا)، والتي فتكت بالمدينة وتسببت بإنهاك حياة العديد من المواطنين.
علاوة على ما تشهده الأدوية من ارتفاع أرهق كاهل المواطن مما اضطره للبحث عن أماكن يتم من خلالها معالجة ومداواة مرضه بأقل التكاليف، متماشيا مع وضعه المادي، لتمثل له المجمعات الصحية برسومها الرمزية إحدى الخيارات ليصطدم بما عليه واقع هذه المجمعات من تدهور فاضح وتردي متفاقم.
نسلط الضوء في هذا الاستطلاع الواقع المُر الذي تمر عليه المجمعات وما تعانيه من خلال لقاءات عدة عقدناها مع مستفيدين (مرتادي المجمعات الصحية) كونها الشريحة الأهم، بالإضافة إلى لقاءات جرى خلالها طرح مشكلات متعددة على مدراء المجمعات الصحية، مختتمين موضوعنا بلقاء مختص من مكتب الصحة للاطلاع على الوضع الذي تعانيه هذه المجمعات.
*مجمع العثماني يفتقر للخدمات *
تقول الدكتورة صباح ثابث حسن، مدير مجمع كود العثماني بمديرية الشيخ عثمان: “إننا نعاني من مشكلات كثيرة جدا تبتدأ من تدهور البنية التحتية للمجمع نفسه من انقطاع للكهرباء، إذ تعد خدمة الكهرباء شبه معدومة وليس على المجمع، بل وعلى المنطقة، كون المنطقة عشوائية، الأمر الذي أدى لافتقارها لخدمات البنية التحية نفسها، وهذا الفقر عكس نفسه على المجمع“.
وتضيف: “يكثر بكود العثماني البناء العشوائي، ولك أن تتخيل ما هي أضرار البناء العشوائي ومدى انعكاس ذلك على المجمع الصحي وخدماته، بالإضافة إلى وجود نازحين وكثافة سكانية، وهذا أثّر علينا سلبا، حيث إن المجمع يعاني من مشكلات عدة، منها انعدام الكهرباء، ملقين باعتمادنا على المولد، الذي يجري تشغيله بالديزل، وهذا له ضرر علينا بشكل مباشر، وكذا على المرضى علاوة على ما يفرضه من ميزانية باهضة على المجمع الصحي، وكذا على العاملين من أطباء وممرضين وعاملين”.
وأردفت: “إن انعدام الكهرباء يجعلنا نعاني بشكل بالغ، إذ غالبا ما نقوم بنقل اللقاح، مخافة أن يفسد نظرًا لاحتياجه إلى درجة معينة من الحرارة، مخافة أن يفسد اللقاح، حيث نقوم بنقله إلى مجمع الشيخ عثمان بحكم توفر الكهرباء لديهم بشكل متواصل، بخلافنا الذي غالبا ما تنقطع لدينا الكهرباء، وخاصة في حالة انعدام الوقود، سواء بالمدينة أو في حالة عدم قدرتنا على شراء الوقود”.
وأوضحت الدكتورة صباح: “إن المولد لا يقوم بتشغيل جميع المرافق المجمع، بل يقوم بتشغيل بعض الغرف، بالإضافة إلى غرفة الطبيب العام فقط، ولذا فإن غالب عملنا يقع على عاتق المولد والوقود (ديزل)، وفي حالة انعدام الوقود غالبا لا نجد من يتعاون معنا أو في حالة حدوث عطب في المولد فإن هذا يعني أن عملنا يتوقف تمامًا”.
وحول ما يرافق المجمع من معاناة بجانب معاناة انعدام الكهرباء أفادت صباح “إننا أيضا نعاني من معاناة أخرى، وهي انعدام المياه، إذ نعتمد على مياه تنقلها لنا مركبات المياه من خلال دعم بعض المنظمات، وهي غالبا ما تقوم بإنذارنا بقطعها عنا، نظرًا لعدم قدرة المنظمة على الاستمرارية بدعمنا بالمياه، وهي الهيئة الطبية الدولية، الأمر الذي يجعلنا نعتمد على حارس المجمع من خلال توفير المياه من أقرب مكان، وهو المسجد، ليتمكن المرضى من استخدامه بدورات المياه، وهذا يعني أن المجمع الصحي يفتقر للخدمات الأساسية أصلا، وبعض الأحيان نقوم بتأجير المركبات التي تنقل المياه، وهذا يعكس نفسه بمشقة وصعوبة بالغة على موازنة المجمع الصحي”.
شح المياه في حي الكود عثماني والبساتين والممدارة
شح المياه في حي الكود عثماني والبساتين والممدارة

وحول ما يمثله انعدام هذه الخدمات تحدثت صباح: “هناك خدمات عامة يجب أن تتوفر من دون تدخل مكتب الصحية، ولكن نظرا لما تعانيه عدن ككل من افتقار للخدمات عكس ذلك نفسه علينا في المجمع”، موضحة أن “لمكتب الصحة جهودا كان آخرها توجيهات بتذليل توفير خط كهرباء لتخفيف من معاناتنا”.
*أوضاع صعبة فرضت واقعا صعبا*
ولفتت النظر إلى طبيعة وضع أهالي المنطقة قائلة: “إذ أن أغلب أهالي هذه المنطقة فقراء ومعدمين، ولذلك فإننا لا نطلب منهم رسوما نظير تلقيهم العلاج، إذ هم أنفسهم معدمين جدا، وهذا يعني أن المعاناة على المجمع تضاعفت، وإن غالب اعتمادنا على المنظمات ومكتب الصحة، أما الرسوم الرمزية التي تأتي من المرضى فإننا لا نلتفت لها ألبتة، نظرا للأوضاع المادية الصعبة التي يعاني منها المرضى”.
وأردفت: “بعض الحالات لا تمتلك حتى قيمة فراشة، والتي تبلغ قيمتها (100) ريال، فضلًا عن قيمة بقية العلاجات، وهذا يجعلنا نلجأ إلى التعاون معها من دخلنا الخاص، فمن غير المعقول والإنساني أن تشاهد حالة إنسانية مريضة أمامك وتقف تجاهها مكتوف الأيدي!”.
*دعم المنظمات محدود جدا*
إلى ذلك أفادت صباح: “إن المنظمات لها عطاء محدود، وفي محور معين، حيث تتكفل ببعض الأمراض الشائعة، كسوء التغذية عند الأطفال، وذلك من خلال برنامج لها خاص، وليس دعما عاما وشاملا وكبيرا يعين المجمع الصحي على تجاوز صعوباته ومشاقة، أو تدعم برامج توعية أو في جانب المياه، أو في عملية التجهيز (أثاث ومكيفات) في ظل معاناتنا مع بعض الأجهزة التي هي بحاجة إلى إصلاح، بالإضافة إلى ماتقوم به من دعم في جانب الأدوية، ولكن محدودة في جانب أدوية (دواء الحمى وبعض مضادات الحيوية البسيطة)، وهي لا تغطي الاحتياج، خاصة في ظل ما تشهده المدينة من كثافة سكانية وتوافد النازحين، وكلنا يدرك الوضع المادي الذي يعاني منه النازحون”.
وتوضح صباح أن “منطقة كود العثماني بشكل عام تعاني من كثر الإسهالات سواء أثناء انتشار الجائحة أو من قبلها، إذ تكثر الإسهالات فيها، بالإضافة إلى أمراض الجهاز التنفسي، وكذا أمراض أخرى جلدية”.
وتعزو صباح انحصار أمراض مرتادي مجمع كود العثماني إلى “ما تعانيه المنطقة من انعدام المياه، إذ تعاني بشكل عام من شحة المياه، ولولا جهود المنظمة التي استحدتث خزانات عامة لشهدت المنطقة ترديا أسوأ مما عليه الوضع الآن”.
*عجز في الطاقم الإداري*
وتنوه صباح إلى “معاناة أخرى يعاني منها المجمع، تكللت بعجز بطاقم المجمع، إذ يعاني من نقص في الطاقم سواء الإداري أو التمريضي أو الطبي، إذ خرج عدد من الموظفين في المجمع، نتيجة التقاعد، ولم يتم استبدالهم، وهذا ولد فجوة في المجمع في ظل تزايد المرضى بسبب طبيعة النزوح، وهذا سبب ضغطا علينا، إذ بعض الأقسام لا يتوفر فيها إلا شخصان، ولو حصل لأحدهم ظرف فإن الآخر يقوم بالمهام مع ما نعانيه من زحام، فيما بعض الأقسام باتت لا يتوفر فيها موظف، ولولا دفعة 2011م التي أعانتنا كثيرا لبدت الفجوة كبيرة واضحة”.
واختتمت حديثها: “وإلى الآن فإن مبنى المجمع لم تجرِ فيه أي تحديثات، حيث يفتقر إلى استحداث عدد من الأقسام، كما حصل لعدد من المجمعات الطبية في العاصمة عدن من قبل عدد من الجهات المانحة”.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى