المنتدى يتدفق شعرا وموسيقى وصاحبه طريح الفراش

> مختار مقطري

>
مختار مقطري
مختار مقطري
ان تكون مبدعاً معناه ان تحب المبدعين، وتحترمهم، كبيرهم وصغيرهم، الا تتعالى عليهم إن حسبت نفسك اعلى منهم ثقافة واغزر ابداعاً، ان تتفقد احوالهم، ان تنتقد نتاجهم، على ان يكون نقدك توجيها، لا حكما بالاعدام، الا تمارس النقد الاكاديمي على نتاج ابداعي ادبي او فني، قيمته الفنية العالية في بساطته، التي تحمله على جناح من اثير، الى قلوب الناس، ليلامس الوجدان العام، ويفعل فعله التنويري في العقول، واذا كنت بعيداً عن كل هذا، فاكتفي بالحضور تواضعاً للابداع.
كان هذا يخطر ببالي، وانا حاضر في الفعالية الجميلة التي نظمها منتدى (الباهيصمي) الثقافي الفني بالمنصورة، عصر الخميس الماضي عن التجربة الابداعية المتميزة للشاعر الغنائي القدير خالد قائد صالح، بحضور عدد غير قليل من كبار الفنانين والاعلاميين، في مقدمتهم الفنانان الكبيران عبدالكريم توفيق وعوض احمد، الفنان القدير غلام حسين، رئيس الفرقة الموسيقية التابعة لمكتب الثقافة بأبين الزميل شوقي عوض، الفنانون محمد حسين امسعيدي، محمد علي محسن، حمود حزام، والى جانبهم سعد مانع، وبجانبي جلس الاستاذ عادل جعفر، مدير عام المعاهد المهنية بدار سعد، وليعذرني من غاب اسمه.

ادار الفعالية باقتدار الزميل الشاعر والممثل والاعلامي القدير عمر مكرم، عضو الهيئة الادارية للمنتدى، ولم يحضر احد من مثقفينا (الكبار) من اصحاب النقد العلمي والاكاديمي، ولا احد من شعراء الحداثة، وبعضهم لا يحب الشعر الغنائي، لانه بسيط وممتع واكثر قدرة على التوصيل والوصول، وليس فيه غموض وتعقيد وازاحة ونواحة وتكعيب وتدوير وتقعر وتقعير، فيرضي ادونيس، ولذلك اثر فينا الشعر الغنائي اكثر، من خلال الحان واداء فنانينا الكبار، والشعر الحديث الواضح، وهذا من ضمن ما اردت قوله في الفعالية ولم اقله، فالنص الغنائي الذي يُكتب بهدف تلحينه، لايجور الحكم عليه وهو (نص)، ولكن بعد ان يصبح اغنية، وهذا ما ينطبق على النص الغنائي عند شاعرنا خالد قائد صالح، وهو واحد من ابرز شعراء الاغنية، منذ العام 2000، إن لم يكن ابرزهم على الاطلاق، فكثير من نصوصه الشعرية كما تصلح للتلحين، تصلح كذلك للقراءة والاستماع اليها مقروءة، ففيها افكار جديدة وصور مبتكرة ومشاعر رقيقة، فتهافت عليها الملحنون والمطربون، من عدن ولحج وابين، لكن تجربته مع الملحن القدير سعد مانع، كانت هي الٱغنى والاكثر تميزا، لا من حيث الكم، ولكن سعد مانع، بموهبته الكبيرة في التلحين والغناء، نجح في استشفاف الجمال في نصوص خالد قائد، فلحن المعاني وليس الكلمات، وسعد ملحن بارع وقادر على ابتكار الجملة اللحنية الجديدة التي تصور المعنى اصدق تصوير، وفي اكثر من مناسبة قلت اننا نفتقر للملحن الموهوب، ونسيت ان اقول باستثناء سعد مانع، فليقبل سعد اعتذاري، وقد غنى سعد، من ضمن ما غنى، واحدة من اجمل ما كتب خالد ولحن سعد اغنية (مُلهمة)، يقول مطلعها: "ملهمة حتى اذا انت مؤلمة.. او ينتظر صمتي حروفي القادمة.. او مهما كنت ظالمة.. لي ملهمة/منك الالم غنوة ونغم يهديني هم واحلم بهم.. انت معاناتي التي من دونها شعري عدم".
وسعد مانع من اهم واقدر الملحنين، الذين ظهروا بعدن منذ العام 2000، ان لم يكن ابرزهم، لكن ظهوره حدث في المرحلة الخطأ.
وما قاله خالد قائد جدير بحوار شامل، لكنه اختتم حديثه بالقول "اننا يجب ان نعود لانسانيتنا بالحب وبعيداً عن العنف، وهذا واجب ريادي للمثقف، فلنكتب عن المحبة والتسامح قبل ان نتوحش وتلعننا الاجيال القادمة".
وقال الفنان الكبير عبدالكريم توفيق "نحن اليوم نحتاج لاذاعة نسمعها تقول: (هنا عدن)، زمان كان المطرب الموهوب ينجح من اغنية واحدة تذيعها له اذاعة عدن، لانه لا يصل اليها الا بعد عناء، كنا في اللجان الفنية لا نجيز اي فنان الا بعد التأكد من موهبته، اذاعات هذه الايام تقدم اي اغاني لأنصاف الموهوبين".
جانب من الزيارة لشاعر محمد سالم باهيصمي
جانب من الزيارة لشاعر محمد سالم باهيصمي

آلمني في الفعالية، ان يتدفق الشعر والموسيقى من المنتدي، وصاحبه طريح الفراش، منذ اصابته بذبحة صدرية منذ نحو ثلاثة اشهر، انه (ابو المبدعين) الانسان الجميل والشاعر الرخيم محمد سالم باهيصمي فقد عودنا على ان يقف بيننا خادماً ومرحباً بنا، ويبذل من جيبه في سبيل راحتنا، لايفرض شعره على الملحنين لانه صاحب المنتدى، بعد ان قسم بيته الى قسمين متساووين تقريباً، جعل احدهما مقراً للمنتدى، وحين سقط مريضاً لم يغلق المنتدى ابوابه امام المبدعبن، كما فعلت منتديات اخرى لاسباب من سوء التنظيم او الضائقة المالية او الخلافات الشخصية، لكن منتداه استمر ينظم فعالياته الاسبوعية بفضل كرمه وحبه لكل المبدعين، دون مساعدة من اي جهة مسؤولة، التي اتمنى ان تكون قامت بواجبها نحوه ولاتزال، ومن الانصاف ان نقول ان استمرار تنظيم الفعاليات يعود كذلك لاخلاص ووفاء هيئته الادارية وفي مقدمتهم الزميلان عمر مكرم واحمد السعيد.
قبل مغادرتي للمنتدى قادني الفنان محمد علي محسن الى غرفة (ابو المبدعين الشاعر محمد سالم باهيصمي) للاطمئنان عليه، فلحق بنا عدد غير قليل من المبدعين، وقد قال لي الانسان الجميل والمبدع الاصيل (ابو المبدعين) الشاعر محمد سالم باهيصمي، بعد ان قبلت رأسه: "احبكم جميعا وقلبي سيُشفى بوجودكم معي ومن حولي".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى