الغناء قديمه وجديده.. من يستحق الاهتمام؟

> خالد قائد صالح

> سنة الله في خلقه أن يرث اللاحق السابق، فالسنوات تجري بامتداد الزمان، في خط ممتد إلى الأمام لا يتوقف ولا ينتهي، إلا إذا أراد الله ذلك.
هذه مقدمة أعددتها لتذكير هواة الماضي ومحبيه، وهم يعرفونها بالتاكيد.
هذا الحال ينطبق على كل شيء في الكون.. لكن سنتوقف نحن عند الفن والفنانين من اهل الموسيقى والغناء، فالزمن هنا، وهنا بالذات، قد فعل فعله بالفن ورواده، فقد كنا نفاخر بنجوم فنية لامعة، أبدعوا وانتشروا وأثروا الساحات المحلية والعربية، بل وتجاوز بعضهم إلى العالمية، وكانت أعمالهم عبقرية بالفعل، شعرا وألحانا وأداء، أمتعت وتربعت وتسيدت أيضا، وأحرجت أجيالا لاحقة، وإلى اليوم تتربع على عرش الرائع والأروع في التلحين والغناء، ولم تجد لها منافسا، أو حتى من قد تصل نتاجاته لنصف مستوياتهم.
ولكن هل توقف الزمن عندهم، للوهلة الأولى يبدو انه كذلك، ولكن الحقيقة تقول إنهم هم من توقفوا عند زمنهم كلاً وقدره: الموت والمرض والشيخوخة كانت لهم بالمرصاد، وتحالف معها ضيق الحال وقلة الاهتمام وغياب وسائل التواصل الفني المنتجة، التي ستوفر لهم لقمة العيش والحياة الكريمة، وهذان السببان الأخيران، هما المسيطران حاليا على كل الساحة الفنية وهما السبب في انعدام نتاجها الفني كليا.

خط الزمن استمر في المضي، دون ان يكون له يد في عدم تواصل الأجيال، ولا في عدم إنتاج الجديد المتميز، أو عدم الاستمرار في الاهتمام بالجديد، إعادة تقديم القديم بصورة حديثة لا تفقده أصالته وقيمتة الفنية العالية.
للأسف، المشهد الحالي أمامنا، هو مجموعة طيبة، تسعى لمساعدة من هزمهم الزمن، وهزمهم المرض، وهزمتهم الشيخوخة وهزمهم الإهمال، وهزمتهم عوامل أخرى، نعم هم أحق بالرعاية ونحن أحق بالجديد.
إن رعايتهم، وإن كانت مثيرة للشفقة، ولمن ساعده الله، ووجد من يأخذ بيده، ليطرق باب أحد المسؤولين، وبشكل غير مريح، أشبه، بالشحاتة، إلا أننا بحاجة للاهتمام الفعلي بالفن والحياة الفنية، وبالمبدعين الشبان وبنتاجاتهم، ووضع خطة حقيقية تتولى النهوض بالفن، وربط من بقي من نجوم الزمن الجميل، أو إعمال من رحل منهم بهذا النهوض، من خلال إعادة نتاجاتهم، والاهتمام بهم ورعايتهم الرعاية التي يستحقونها والواجبة علينا إن كنا أوفياء، وأن نترك المعالجة الموضعية غير المجدية نفعاً، ونترك الخبز لخبازه، خصوصا وقد تأكد لنا إن الزمن لا يرحم، وإنه قد تجاوزنا بسنوات طويلة، تخلفنا فيها حتى وصلنا إلى الصفر.
وعلينا إذا أردنا أن نتألق، مثلما كنا زمان، أن لا نقول للزمان (ارجع يا زمان)، كما قالت أم كلثوم وكتب مرسي جميل عزيز ولحن بليغ حمدي، بل علينا أن نستلهمه من موقعه وأن نردد في لحظتها (هذه ليلتي وحلم حياتي)، كما غنت أم كلثوم أيضاً وكتب جورج جرداق ولحن محمد عبدالوهاب، وننطلق صوب تطوير أمجادنا السابقة، وليس لاستعادتها فحسب، لكن اختياري لتلك الأغنيتين دليل على أن القديم لايزال هو الأجمل.
خالد قائد صالح

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى