مـصـفـاة عــدن لـتـكـريـر الـنـفـط (2-2)

> كتب / علي راوح

> *تحديث وحدات الإنتاج
وأقدمت قيادة المصفاة على وضع الخطط الهادفة إلى تحديث وحدات الإنتاج، فبدأت الشركة بتنفيذ خطتها الأولى مطلع عام 1984م والمتمثلة ببناء وحدات إنتاجية جديدة بتكلفة (22) مليون دولار، وشملت بناء وحدة التقطير الفراغي بطاقة إنتاجية (10) براميل يوميًا، وبناء (3) خزانات كروية للغاز المسال سعة (3) آلاف طن متري، وبناء وحدة الغاز (الإيثين) لزيادة إنتاج الغاز المسال، فضلًا عن بناء وحدة الإسفلت وبناء مصنع البراميل لتعبئة الإسفلت.
*تحديث ميناء الزيت
فيما تركزت الخطة الثانية لتحديث وتطوير ميناء الزيت لمواكبة تطور حجم ناقلات الزيت، وبدأ التنفيذ عام 1986م لتشمل تحديث المراسي الأربعة بتكلفة (55) مليون دولار. وشمل المشروع حفر وتعميق الممرات المائية لهذه المراسي، حيث يتراوح عمق الغاطس بين (11.5) متر إلى ما يقرب من (16) مترًا، كما شمل إدخال تكونلوجيا متطورة لهذه المراسي لتتمكن من استقبال ناقلات الزيت الكبيرة. كما شهد ميناء الزيت بناء وتعميق مرسيين خاصين لشحن الإسفلت والبوتاغاز واستقبال السفن الصغيرة.
ميناء الزيت
ميناء الزيت

وتواصلت عناية الدولة بهذا المرفق الاقتصادي الهام، الأمر الذي استمرت معه المصفاة في أداء دورها الاقتصادي المتمثل بتموين السوق المحلية بجميع المشتقات النفطية، إلى جانب تواصل عملية التصدير الخارجي، موفرة بذلك ملايين من العملة الصعبة لرفع الاقتصاد الوطني، فنالت المصفاة اهتمامًا كبيرًا من خلال تنفيذ جملة من المشاريع التطويرية لتحديث وحدات الإنتاج وبناء العديد من الخزانات لرفع قدرتها التخزينية وكذا مشروع صناعة الإسفلت الذي وصل إنتاجه إلى (80) الف طن سنويًا.
وما يميز مصفاة عدن وهي اليوم في عمرها الثالث والستين أنها تدار بأياد وطنية محلية مائة بالمائة، سواءً كان في خطوط الإنتاج المختلفة أو في ميناء الزيت وكذا في خدمات تموين البواخر.. ويقوم كوادرها الفنيون ببذل الجهود لحماية جميع المعدات والآلات من التآكل والصدأ والتأكسد، وذلك من خلال التغلب على الظروف المناخية، واتباع برامج صيانة دورية منتظمة مما جعل أغلب الآلات والمعدات تواصل عملها بامتياز على مدى يفوق عمرها الافتراضي.
*ارتفاع مستوى التكرير
وخلال الخمس السنوات التي سبقت اجتياح عدن من قبل قوات الرئيس السابق ومليشيات الحوثي، كانت الجهود قد تواصلت من قبل كوادر المصفاة وبدعم من إدارة الشركة في إعادة تأهيل وحدة التكرير المتعلق برفع مستوى التكرير من (65) ألف برميل يوميًا إلى (135) ألف برميل في اليوم، وهذا الناتج عكس نفسه إيجابيًا على فاتورة الشراء النفطية المتعلقة بفوارق العملة الصعبة بحيث وفر على البلد عشرات الملايين من الدولارات شهريًا.
كما شهدت المصفاة إنجاز التصاميم والدراسات الهندسية لبناء محطة كهربائية بطاقة (37.7) ميجاوات بهدف رفع الكفاءة لجميع وحدات المصفاة، كما وضعت رؤية شاملة لتطوير المصفاة بتمويل محلي وخارجي ووضع لها إطار زمني لتطوير الوحدات وتمويلها بشكل منفرد، وقد تم التوقيع على مذكرات تفاهم لتمويل التحديث ومصادقة رئيس الحكومة عليها مع المؤسسات الوطنية المتمثلة في: مؤسسة الاتصالات السلكية واللاسلكية - البنك الأهلي اليمني - هيئة التأمينات والمعاشات - الهيئة العامة للبريد والتوفير البريدي - يمن موبايل للهاتف النقال.
كما تم الالتقاء والتباحث مع عدد من الشركات العالمية ذات الاهتمام بصناعة التكرير، ومنها الكورية (I.G) واليابانية (J.G) والصينية (SINOPE) وكذا اليابانية (SOJTZ) والإيطالية (STP) والكورية (RGCORP). ولكن هذه الجهود وكما يبدو ظلت حبرًا على الورق بفعل الإرباكات التي عصفت بالبلد.

وخلال العام (2010م) وفي سياق جهود التطوير فقد تم إنجاز إعادة تشغيل الوحدة الثانية بعد الصيانة الفنية ورفع الجاهزية منسجمًا مع قرار الحكومة بإعادة كمية (600) ألف برميل من النفط الخام للمصفاة مما أدى إلى ارتفاع حجم الإنتاج من المشتقات النفطية وتقليص حجم الاستيراد.
كما شهدت السنوات ما قبل الحرب الظالمة جهودا تمثلت في تنفيذ جملة من المشاريع التحديثية وكذا استجلاب وتركيب عدد من الأجهزه لتطوير الإنتاج.
*انتكاسة كبيرة
وعند اندلاع الحرب الأخيرة واجتياح عدن تعرضت المصفاة لانتكاسة كبيرة أفقدتها القدرة على مواصلة الإنتاج، وعطلت كل الخطط والمشاريع التي كان يراد تنفيذها للتطوير واقتصر دور المصفاة على تخزين المشتقات المستوردة، وتعرضت بعض خزاناتها للقصف من قبل الغزاة المحتلين، والذين لولا لطف الله ومن ثم استبسال المقاومة الجنوبية التي تصدت تقدم قوات عفاش والحوثي إلى منطقة عدن الصغرى، لتحولت المصفاة إلى كومة رماد، بحكم حقدهم وهمجيتهم وكرههم للجنوب وأبنائه.
ماهوالمطلوب اليوم؟
ماهوالمطلوب حاليًا لإعادة شعلة المصفاة للتوهج ودوران عجلة الإنتاج؟.. سؤال يجب على حكومة الشرعية الإجابة عنه، ولكن لتكن إجابة فعلية مترجمة على الواقع العملي، إجابة نراها بأبصارنا، وكفانا ما نسمعه من لدن العديد من الوزراء وحتى من رئيس الحكومة نفسه عن حلول وهمية للعديد من المعضلات والمشكلات التي عطلت وعرقلت حياة المجتمع ومنها معضلة الكهرباء مثلًا التي سمعنا وعودًا لحلها ولكن نسمع جعجعة ولا نرى طحينًا.
نريد من دولة الشرعية الإسراع في كشف الاختلالات التي حدثت في مصفاة عدن، والإقدام على إعادة تشغيلها، ومحاسبة المتسببين في عرقلة عملها، بحيث وصلت إلى هذا الوضع الذي يبعث على الحزن والحسرة والذي جعل دورها يقتصر على عملية تخزين المشتقات بدلًا من دورها في إنتاج المشتقات النفطية لتغطية السوق ورفد خزانة الدولة بالأموال.. كما نطالب بتشكيل لجنة تحقيق في قضية مبنى المستشفى الجديد التابع للمصفاة والذي صرفت له أكثر من (350) مليون دولار تقريبًا لنجد أن هذا المبنى برزت فيه عيوب فنية، فتم توقيف العمل فيه، ولم يتم اتخاذ الإجراءات القانونية بحق المتسببين في تعطيله، وكذلك الحال في قضية المبنى الجديد لإدارة المستشفى. كما يجب التحقيق حول ما أشيع من صرف مبالغ ومخصصات شهرية لأشخاص لا علاقة لهم بعمل المصفاة، وتأكيد ذلك أو نفيه.
المهم والأهم، نريد خطوات سريعة وفعالة تعيد وضع المصفاة إلى ما كانت عليه في أداء دورها الإنتاجي لأن البلد في أمس الحاجة لتوفر المشتقات النفطية والتي تصرف الدولة حاليًا مئات المليارات من العملة الصعبة لشراء واستيراد المشتقات النفطية للاستهلاك المحلي من الوقود.. أملنا وأمل كل مواطن شريف أن يعود النشاط لهذا الصرح الاقتصادي العملاق المتمثل في (مصفاة عدن).
ويحذونا أمل بشخص المدير التنفيذي لشركة مصافي عدن الأستاذ البكري، فهذا الرجل عاصر عمل المصفاة سنوات طويلة ولديه الخبرة الكاملة بكل القضايا المتعلقة بعمل المصفاة ومسببات وصولها إلى هذا الوضع المأساوي، ولا شك أن لديه مفاتيح الحلول لإعادة النشاط، ولكنه بحاجة لتعاون كافة زملائه من الكوادر ذوي الخبرة، وبحاجة لوقفة جادة من قبل القيادة السياسية للبلد.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى